رسام الكاريكاتير حسن إدلبي عاد ليؤكد سوريته ولم يجد صدى

أول معرض له في بلده بعد خمسة عشر عاما

TT

قرر الفنان حسن إدلبي أن يعود إلى دمشق ويعرض لوحاته على هامش مهرجان السينما، لأنه وجد فيه فرصة مناسبة لأكثر من سبب: أولاً لأن ريشته رصدت بسخرية ساحرة وجوه غالبية نجوم السينما العربية، وموضوع لوحاته يندرج ضمن إطار الفن الأقرب واللصيق بالفن السابع. ثانياً وهو الأهم، رغبة الإدلبي العميقة بالحضور على الساحة الفنية داخل بلده بعد أن حقق نجاحاً وتميزاً خارجها، على الأقل كي يعيد بعض الاعتبار لسوريته، وهو الذي تستضيفه المهرجانات الثقافية والفنية في القاهرة ودبي وباريس وتونس وإيران .. إلخ، ويحتفي به السينمائيون والفنانون والصحافيون ويقدمونه كفنان لبناني، ويضطر إلى التصحيح بأنه سوري أو لبناني لا فرق. ربما لهذا لم يفطن المعنيون في سوريا إلى تصحيح الالتباس، فلم يجدوا ضرورة إلى دعوته لإقامة معرض في دمشق، رغم غياب عن صالاتها استمر نحو خمسة عشر عاماً، عمر حياته الفنية، وحتى حين جاءهم طالباً المشاركة، لم يستقبل كغيره من أبناء البلد أو حتى كضيف، وإنما كشخص عليه أن يتحمل مسؤولية طلبه هذا كاملاً، فيرضى بمعرض ليس على الهامش، وإنما في الحيز المهمش جداً. فلا دعوات ولا من يحزنون، لحضور الافتتاح الذي قام به الفنان يتيماً إلا من بعض المعارف والأصدقاء ممن دعاهم شخصياً. فلا وزير ثقافة رعى، ولا مدير مهرجان أولاه بعض اهتمامه، ولا أحد المشرفين على المهرجان منحه دقائق قليلة من وقته المتخم بالعلاقات العامة للاطلاع على إحدى الفعاليات الموجودة في المهرجان.

عموماً، لم يكلف مدير المهرجان من ينوب عنه ليرحب بالرسام، ويقول له معتذراً أو مهوناً: مكانك محفوظ بيننا، ولا تصدق قولة من يقول، لا كرامة لنبي في وطنه، صحافتنا تحتاجك كما تحتاج سائر زملائك من الفنانين لترتقي بفن الكاريكاتير ومستوى الصحافة، ولا داعي لتشردك في شوارع الإعلام العربية، أنت ضيف مكرم هنا. بل وينبهه، بأنه مهما لاقى من الترحيب حيثما حل، فلا مكان يعوضه عن بلده سوريا.

لكن حليمة أبت أن تغير عادتها القديمة، حتى في أشد الأوقات صعوبة، والتي تحتاج فيها بلداننا لأبنائها ولكل جهد مهما مكان حجمه أو قيمته، للدفاع عنها وعن ثقافتها. وإذ يأبى حسن الأدلبي المعاتبة أو اللوم، بل حتى الاستغراب، معتبراً الأمر لا يستحق، وان واجبه يحتم عليه الحضور هنا، ممتثلاً لما قاله الشاعر، في ظرف مشابه ربما كان أكثر إيلاماً: «بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة».

لذلك نتبرع من جانبنا بالقول له، بالنيابة عن غيرنا: أهلا بك فناناً موهوباً أشاد به الأدباء والصحافيون والنقاد، منذ تخرجت في كلية الفنون بجامعة دمشق عام 1989، وبدء خطواتك الأولى في مجلة «فن»، ومن ثم «الكفاح العربي» قبل الانطلاق نحو انتشار أوسع في الصحافة والتلفزيون، استطعت فيها تسجيل بصمتك الجريئة في مجلة «النقاد» عبر الكاريكاتير السياسي، فكنت أول رسام كاريكاتير سوري يخط بورتريه كاريكاتير للرئيس بشار الأسد، وبقيت الوحيد الذي جسد رؤيته للزعماء السياسيين العرب باحترام لا يخلو من دعابة لاقت استحسان الجميع، فلم تُخيب الظن في معارضك التي جالت ولا تزال، حاصداً النجاح والإعجاب. وكما قالت عنك أديبتنا الكبيرة غادة السمان في مجلة الحوادث: «أحد النادرين الذين يصالحوننا في فنهم الكاريكاتيري/البورتريه مع الابتسامة والحرية والإبداع» ولا نكاد نملك إضافة على ما قاله أشهر رسامي مصر جورج البهجوري «حسن ادلبي تلميذي الذي اصبح أستاذي» أو ما قاله الصحافي المعروف رياض نجيب الريس «استطاع حسن إدلبي خلال السنوات الأربع الأخيرة أن ينمي موهبته الإبداعية، ويعزز ثقافته السياسية، وينضج أسلوبه الفني ليصبح اليوم أحد ألمع رسامي بورتريه الكاريكاتير المعاصرين العرب».