معرض فوتوغرافي غير عادي في «القصر الكبير»

TT

منذ خمسة عشر عاماً والمصور الفوتوغرافي جيرار روندو، يجوب المتاحف الباريسية والمعارض، حاملاً كاميرته، ويلتقط الصور، لا للمعروضات، ولا للزوار ولا حتى للمباني، وإنما لذاك المناخ الاستثنائي الذي ينبجس من لقاء الإنسان بالتحفة او اللوحة أو ربما المنحوتة. جيرار روندو لم يقم بهذه المهمة الشاقة طوال عقد ونصف من باب الهواية أو المتعة الذاتية، وإنما كان ينفّذ مهمة كلف بها من قبل إدارة المتاحف الفرنسية، واتحاد المتاحف الوطنية في فرنسا، والهدف هو رصد تلك اللحظات الأثيرية التي يلتقي فيها الزائر بالعمل الفني. منذ الثالث عشر من أكتوبر، و"القصر الكبير" في باريس، يعرض هذه الصور على ذائقة الزوار.

150 صورة معروضة اليوم، ليست ككل الصور، وليست هي كل المجموعة التي التقطها روندو، وإنما انتقيت منها تلك التي تجعل المتفرج يقف أمامها متمعنا، وكأنه يرى ذاته أو جزءاً من ذاته، نادراً ما اختبره.

تجربة فريدة في نتائجها، لإدارة المتاحف، التي تعتبر هذه الصور بمثابة دراسة تستحق التحليل لفهم روادها وعلاقتهم بما تعرضه عليهم. وهي معرفة جديدة أيضاً للزائرين.

روندو أثناء مهمته التي كان يفترض به، ان يقوم بها من دون لفت انتباه الزائرين، وجد نفسه محشوراً في مساحة فنية ضيقة، عليه أن يتحرك في داخلها. فليس الهدف تصوير الناس على طريقة اللقطات السياحية، أو الاهتمام بالمعروضات كقطع فنية بمقدورها أن تطلع بهية، ألقة في أي صورة فوتوغرافية، وممنوع عليه ايضاً أن يعزل الناس عن الأشياء أو الأشياء عن البشر. فقط تلك المساحة الصغيرة والحميمية والجميلة التي نادراً ما يؤرخ لها تصويرا أو كتابة هي التي حاول روندو أن يوقف زمنها، ويضغط على زر آلته ليحبسها داخل ذاكرتها. هذا المعرض اللطيف والمثير، مستمر في «القصر الكبير» في قلب باريس حتى التاسع من يناير من العام المقبل. تجربة فوتوغرافية شقية، تعيد اكتشاف البشر والقطع الفنية، وتلك العلاقة الواضحة حد الالتباس بينهما.