مسؤول دار «سندباد» في «آكت سود» الفرنسية يعترف: نعم تحكمنا اعتبارات آيديولوجية وسنركز مستقبلاً على أدب الخليج العربي

نشرت أعمالاً لـ122 كاتباً عربياً

TT

أسس الكاتب الفرنسي بيير برنار «سندباد» كدار مستقلة عام 1972 قبل انضمامها لـ«اكت سود»، وكانت أولى ترجماتها العربية إلى الفرنسية رواية «زقاق المدق» لنجيب محفوظ، وتوالى النشر والترجمة للأدباء العرب وعلى وجه الخصوص الرواية العربية. ووصل عدد الأدباء العرب الذين ترجمت لهم دار «آكت سود» 122 كاتباً من بينهم 39 أديباً مصرياً منهم نجيب محفوظ، صنع الله إبراهيم، خيري شلبي، يحيى حقي، ادوار الخراط، محمد البساطي، حنان الشيخ، مي التلمساني، محمود درويش، أدونيس، هدى بركات، جمال الغيطاني، وعلاء الأسواني. «الشرق الأوسط» التقت فاروق مردم بك المسؤول عن «سندباد» بدار «آكت سود» على هامش زيارته للقاهرة للمشاركة في معرض القاهرة، وحاورته عن الرؤية التي تحكم عملية اختيار الأعمال العربية لترجمتها إلى الفرنسية، ومدى استقبال القارئ الفرنسي لهذه الأعمال.

> من محفوظ إلى علاء الأسواني، هل استطاعت الرواية المصرية أن تخلق حيزاً لها في المشهد الثقافي الفرنسي؟

ـ بالطبع، فالرواية العربية هي الأكثر انتشاراً في فرنسا، ويوجد عدد كبير من الكتاب العرب أصبحوا جزءاً من المشهد الثقافي، ودخلوا بدرجات متفاوتة في الوعي الفرنسي والأوروبي، مثل نجيب محفوظ، ويحيى حقي، وأدونيس، ومحمود درويش، وصنع الله إبراهيم، وخيري شلبي، وادوار الخراط، وأخيراً علاء الأسواني ومي التلمساني. إننا نحاول تقديم أجيال مختلفة ولكن نشر الأدب العربي يحتاج لمعركة حقيقية.

> بمعنى؟

ـ قبل أن يتم نشر إحدى الروايات العربية، نرسلها لوسائل الإعلام، وأحياناً لا تتم قراءتها جيداً، في ظل منافسة آداب من جنسيات أخرى، وهذا يحتاج لمعركة ومتابعة للفت الانتباه لأهمية هذا الكتاب أو ذاك.

> هل للقارئ الفرنسي «ذوق خاص» في الأعمال الروائية العربية؟

ـ بالتأكيد، فلا ينبغي أن يكون الطابع الأدبي غربياً ومغرقاً في الفولكلورية في نفس الوقت، فمنهم من يقولون «بضاعتنا ردت إلينا»، ولا بد أن تكون هناك موضوعات عن مشاكل الدول العربية مثل القمع السياسي، والاستبداد، وقمع المرأة، وفي نفس الوقت أن يكون لها بعد إنساني.

> أفهم من ذلك أن هناك رؤية آيديولوجية في اختيار الأعمال الإبداعية لترجمتها؟

ـ أعترف أن هناك آيديولوجيا ومعياراً سياسياً يتم به اختيار بعض الإبداعات العربية، وهذا ينطبق على أعمال للشاعر الفلسطيني محمود درويش. أيضاً هناك معيار ديني، فلا أقدم رواية تنتقد الإسلام، ليس فقط لتعصبي الديني، ولكني أقدم الأدب العربي الذي يعبر عن مشاكل حقيقية وعن طموحات الإنسان العربي.

> نلاحظ أن واقع المرأة العربية «المضطهدة» يستحوذ على معظم الأعمال النسائية المترجمة على قلتها.

ـ واقع المرأة العربية يستحوذ على اهتمام خاص، ولكن الأمر ليس اضطهاداً ولكن هناك مظاهر للسلطة الذكورية في العالم العربي، وهذه لاقت نجاحاً كبيراً مثل أعمال حنان الشيخ. نقدم أيضاً الأعمال «النسائية» الأدبية التي تعبر عن المرأة ومشاكلها، ليس بشكل جنسي، ولكن مشاكلها الحقيقية في المجتمع ككل.

> وما هي أسباب قلة الأعمال النسائية المترجمة؟ هل هناك رؤية «ذكورية»؟

ـ لا توجد رؤية ذكورية في نشرنا للرجال أكثر من النساء، ولكن الإبداعات النسائية أقل بكثير من الذكورية، وهذا ينطبق على الآداب العالمية، فاضطهاد المرأة عمره 10 آلاف سنة، ونحن بحاجة لمائة عام على الأقل لندفع هذا الاضطهاد النسائي.

> ما هي معايير «آكت سود» لترجمة الإبداعات العربية؟

ـ جودة العمل الأدبي، وأن ينال «رضائي».

> هذا معناه إعجابك الشخصي، من دون أية معايير موضوعية؟

ـ الأدب هو عمل فني لا تنطبق عليه قواعد علمية، وبما أنني المسؤول عن «سندباد» في «آكت سود» فأنا أقيم هذه الأعمال، فأقتنع بالأعمال الجادة، ولا أتحمس للأدب الفضائحي من دون داع أدبي، أو الأدب الذي يسب أو يمدح رئيساً أو ملكاً.

> ماذا عن اسم الكاتب؟

ـ بالطبع له أهمية، ولكن الأساس هو جدية العمل وانطباق الشروط السابق ذكرها، وبالتالي لا ننشر أي روايات أو عملاً أدبياً إلا إذا حقق مردوداً ايجابياً في بلده، فعلى الأقل يجب ألا نخسر.

> هل يمكن أن تنشر «آكت سود» لأدباء ما زالوا في بداية الطريق الإبداعي؟

ـ من الصعب جداً أن ننشر لكتاب شباب لهم عمل أدبي «واحد». إنه يعد مجازفة، بالرغم من أن هناك أعمالاً أولية شبابية مبشرة جداً.

> لكنكم نشرتم لعلاء الأسواني عمله الأول «عمارة يعقوبيان»؟

ـ هذا استثناء فرضه النجاح الواسع للرواية.

> هل ترجمة الروايات العربية هي الأقل على المستوى العالمي؟

ـ لا ليس الأمر كذلك، فهناك قلة في الإنتاج العربي وانكماش في مساحة القراء العرب، لكن هناك أيضاً كتب هامة للأدباء، وكتاب طبعت كتبهم المترجمة أكثر من اللغة الأم. وهناك شيء آخر، أن الأعمال العربية بدأت ترجمتها في بداية سبعينيات القرن الماضي، وقبل ذلك لم يترجم إلا عملان أو أكثر، خلافاً لكتاب أميركا اللاتينية الذين ترجمت أعمالهم في أربعينات القرن الماضي.

> هل تنال أعمال الكتاب «الفرانكفونيين» إقبالاً أكثر من الأعمال الأخرى المترجمة؟

ـ ليس كثيراً، فهناك كتاب فرانكفونيون لم تنجح أعمالهم، وهناك من ترجمت أعمالهم ولاقت نجاحاً مثل «محفوظ» مثلا. وهناك أيضاً اللبنانية «هدى بركات» ولها تأثير في فرنسا وبعض الدول الأوروبية كإيطاليا.

> ذكرت أن وسائل الإعلام لها دور في توجيه الذوق الفرنسي، هل هناك وسائل أخرى؟

ـ أصحاب المكتبات، فدورهم لا يقل أهمية عن وسائل الإعلام، لأنهم ليسوا «بقالين». ومثلما أرسل لوسائل الإعلام كتباً مترجمة أرسلها أيضاً لأصحاب المكتبات، فهم بدورهم ينصحون قراءهم بالأعمال الإبداعية المترجمة إذا ما تحمسوا لها.

> ما هي خططكم للمستقبل في ما يخص ترجمة الأدب العربي؟

ـ آمل في نشر أكثر للأدب العربي وخاصة أدب الخليج، إذ يوجد عند كتابه ما يعبرون عنه بشأن التوتر في مجتمعاتهم، كما آمل أن يتم نشر أعمال متنوعة إبداعياً بشكل أكثر حتى يدخل الأدب العربي حلبة المنافسة بقوة لسائر الآداب الأخرى.