دليل القارئ إلى الحركات الإسلامية

محاور تتناول تعريفاتها ورؤاها المختلفة واتجاهاتها السلمية والعنفية

TT

مصطلح الحركات الإسلامية عانى دوماً، حتى قبل هجمات 11 سبتمبر، من درجة عالية من الغموض والتشويش على الرغم من كثرة الدراسات التي عالجت جوانب منه الأمر الذي أدى إلى إصابة القاموس المفهومي الخاص بها بحالة من التضخم والترهل

بغلاف يمتلئ بوجوه متظاهرين وصور لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري والملا محمد عمر وحسن الترابي وسيد إمام الشريف، يقدم مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كتابه الموسوعي «دليل الحركات الإسلامية في العالم». وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام. الأول يتناول الحركات الإسلامية التعريف والأنشطة، ويركز على الجوانب التاريخية لقيام تلك الحركات وكذلك الجوانب ذات العلاقة بأنشطتها العملية. أما القسم الثاني من الدليل فيناقش الأفكار والرؤى التي يقوم عليها النشاط الحركي للحركات الإسلامية بمختلف فئاتها وأنواعها. وهو يفرد جزءاً لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، متناولاً تصوراته لمجموعة من القضايا الرئيسية، وتغير خطابه قبل وبعد هجمات سبتمبر من زاوية وسائل الاتصال التي استخدمها والجمهور الذي استهدفه في المرحلتين، فضلا عن الأشكال التي اتخذها ذلك الخطاب.

وضم القسم الثالث من الدليل محوراً عن التطور الفكري والعملي للحركات الإسلامية بمختلف أنواعها وفئاتها، وهو المتعلق ببعض القيادات الحركية والفكرية. ويقوم مفهوم ذلك القسم على إجراء دراسات حول تلك النوعية من القيادات التي يتم اختيارها حسب معيار تأثيرها الفكري أو الحركي، وتشمل جوانب من سيرتها الذاتية، مثل الدكتور حسن الترابي القائد الإسلامي السوداني البارز، وتأثيراته القوية والمباشرة على تطور الحركة الإسلامية السياسية السلمية في السودان طيلة العقدين الماضيين على الأقل وحتى اليوم، كما يقدم أيضاً أفكار الإسلامي المصري سيد إمام الشريف المعروف باسم عبد القادر بن عبد العزيز. وهو، فضلا عن كونه أميراً لجماعة الجهاد المصرية حتى عام 1993، صاحب اثنين من المؤلفات الضخمة التي أسست للفكر الجهادي العنيف ولا يزال كثير من الأفكار المتشددة التي وردت فيهما متداولة ومتبناة في صفوف عديد من الحركات الإسلامية والدولية على مستوى العالم، وهما كتابا «الجامع في طلب العلم الشريف» و«العمدة في إعداد العدة».

ويقول الكتاب إن مصطلح الحركات الإسلامية قد عانى دوماً، حتى قبل هجمات سبتمبر، من درجة عالية من الغموض والتشويش على الرغم من كثرة الدراسات التي عالجت جوانب منه، الأمر الذي أدى إلى إصابة القاموس المفهومي الخاص بها بحالة من التضخم والترهل، وهي الخصائص المناقضة تماماً لأسس التحليل العلمي الذي يسعى للتوصل لنتائج دقيقة. ويشير المحور أيضاً إلى بعض الانحيازات في التعريفات مثل «متطرفة» و«متشددة» و«إرهابية» من جهة، و«إصلاحية» و«ثورية» و«معتدلة» من جهة أخرى. لكن التعريف الذي تتوصل إليه الموسوعة هو تلك الجماعات التي تشترك معاً في اعتبار أحد جوانب الإسلام أو تفسيراته الإطار المرجعي لها سواء في ما يخص وجودها أو أهدافها، وهي تنشط بطرق مختلفة من أجل تطبيق الصور التي تراها للإسلام في المجتمعات والدول والمجالات التي توجد فيها، ويظل الأساس الفكري هو القاعدة الأكثر صلابة لهذا التصنيف لها والتمييز في ما بينها.

بحسب الدليل، تنقسم خريطة الحركات الإسلامية إلى قسمين: الحركات الإسلامية الدينية، والحركات السياسية الاجتماعية. الأولى هي تلك التي تقوم على قراءة معينة للإسلام والنصوص القرآنية الكريمة تنظر من خلالها للأفراد والمجتمعات والدول من منظور صحة العقيدة فقط، في حين لا تلقى اهتماماً يذكر إلى ما هو دون ذلك من مستويات ومصادر فقهية وشرعية. والقضية الأساسية وربما الوحيدة بالنسبة لها هي إقامة التوحيد والعبودية لله كما تراهما، وفي هذا السياق تمثل النصوص القرآنية والنبوية وبعض آثار السلف بالنسبة لها المعين شبه الوحيد لجلب الأفكار والخبرات التنظيمية والحركية وهي تقوم بتفسيرها بطريقة حرفية تعتمد على قاعدة «عموم اللفظ» وليس «خصوص النسب»، فضلا عن تلبس تلك الحركات في أسمائها ومصطلحاتها وتشكيلاتها التنظيمية وسلوك أعضائها الموروث الإسلامي من حقبة النبوة والخلافة. وهي تنقسم بدورها إلى قسمين: حركات متطرفة سلمية تتفق على أن المجتمعات المعاصرة أقرب لحالة المجتمع الجاهلي في مكة بعد البعثة النبوية وقبل الهجرة منها إلى المدينة، وهو ما يعني أن المجتمعات والدول كفار أو يعيشون في جاهلية تامة. ومن هذه حركات التكفير والهجرة وحركات إعادة الدعوة مثل «التبليغ والدعوة». والقسم الثاني حركات جهادية عنيفة نرى أن المرحلة التي تعيشها تشبه مرحلة هجرة الإسلام إلى المدينة وما تلاها وهي تلك التي اندمجت فيها العقيدة والدين بالدولة. بالنسبة لها فالحكومات يجب قتالها، وهي المهمة الأولى التي يجب عليها البدء بها، وهي تقسم الحياة إلى دار حرب ودار إسلام. وتوجد هناك حركات استقلالية انفصالية في مناطق الأقليات الإسلامية، وأبرزها تلك التي توجد في كشمير والشيشان، أو حركات دولية تتبنى مفهوم الجهاد الخارجي ضد من ترى أنهم أعداء الإسلام.

القسم الثاني الذي يقدمه الكتاب في خريطة الحركات الإسلامية، هي الحركات السياسية ـ الاجتماعية ذات البرنامج الإسلامي وهي تنطلق من قراءة مختلفة للإسلام عن تلك التي تتبناها الحركات الدينية، حيث تنظر إلى كل الأفراد والمجتمعات والدول الإسلامية على حقيقتهم كمسلمين غير ناقصي العقيدة، وهي إما حركات سلمية ساعية للحكم مثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وجماعة النهضة في تونس والجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، أو حركات تحرر وطني مسلحة لها برنامج إسلامي مثل حركة حماس في فلسطين أو حزب الله في لبنان.

يعالج الدليل جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزب العدالة والتنمية في تركيا كنموذجين للحركات السياسية الاجتماعية ذات البرنامج الإسلامي الساعين للوصول للحكم، وحركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية كنموذج لحركات التحرر الوطني المسلحة الإسلامية.

ويتناول الدليل تنظيم القاعدة باعتباره النموذج الأبرز حالياً للحركات الإسلامية الجهادية دولية المجال، والجماعة الإسلامية في اندونيسيا كنموذج للحركات الإسلامية الجهادية المحلية ذات الطابع الإقليمي، ثم يقدم صورة لما تبقى من جماعة الجهاد المصرية، التي كانت نموذجاً للحركات الإسلامية الجهادية المحلية ثم انتقل جزء منها ليتحول إلى حركة جهادية دولية المجال منخرطة في تنظيم القاعدة.

* دليل الحركات الإسلامية

في العالم مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية