باريس تحتضن المؤتمر الأول لـ «شعراء العالم» عام 2007

سفراء لمكافحة العسكرة ويوسف رزوقة يمثل العالم العربي

TT

لم يعد الدور التمثيلي وقفا على «سفراء السلك الديبلوماسي» أو «سفراء النيات الحسنة»، بل تجاوزه ليشمل المجال الأدبي والشعري تحديدا، حيث ترسخت في تشيلي وبدعم من «اليونسكو» و«اتحاد كتاب التشيلي»، حركة شعرية طموحة ضمن بوابة «شعراء العالم»، التي أصبحت حقيقة واقعة على الانترنت.

وازاء اسهامه في خدمة الشعر العربي في لغات غير عربية، تم انتخاب يوسف رزوقة ليمثل الوطن العربي لدى هذه الحركة، ويصبح «سفيرا للشعراء العرب» ضمن هذه الحركة الشعرية العالمية التي يشرف عليها الشاعر التشيلي وسكرتيرها العام لويس أرياس مانزو. وتهدف هذه الحركة ضمن هذا الفضاء الاتصالي المعولم الى إعطاء الشاعر دورا وظيفيا، ضمن القوي الحية في العالم، واعادة الاعتبار له.

ولتحقيق النجاعة المنشودة، اختير بعض الشعراء من عموم أنحاء الخارطة كـ«سفراء لشعراء العالم» لتمثيل بلدانهم عبر خدمة الرموز الشعرية الفاعلة بها والمؤمنة فعلا ببقاء الشاعر على قيد الشعر والحياة. وقد تدعمت هذه الحركة بـ«مانيفستو كوني» حول الدور الوظيفي لشاعر اليوم ورسالته المشفرة، من أجل أن يبقي ناطقا باسم المرحلة، ومناهضا لكل ضروب الهيمنة والأخطار، الداعية الي انقراض الانسان.

وتم بالمناسبة ادراج لغة الضاد ضمن هذه البوابة الافتراضية، وخصصت صفحة كاملة بالعربية، لكل شاعر يتم اختياره، لتنشر له قصائد منتقاة مشفوعة بصورة المؤلف، وبترجمة ذاتية. وقد ضم الموقع إلى حد الآن، أسماء شعرية لافتة بلغت 150 شاعرا عربيا.

ويأتي انتخاب يوسف رزوقة الى جانب شعراء آخرين ممثلين لبلدانهم. فإلي جانب تونس ممثلة للعالم العربي نجد: ألمانيا، والأرجنتين، وأستراليا، وبوليفيا، والبرازيل، وكندا، وكولومبيا، وكوستريكا، وكوبا، والسلفادور، وفرنسا، والبيرو، وهايتي، والبرتغال، وبورتريكو، وسويسرا، واورغواي، وفنزويلا والبقية تأتي.

هذا التجمع الشعري سيتوج بمؤتمر أول، تحتضنه باريس يوم 23 سبتمبر (أيلول) 2007 بإشراف الشاعر الفرنسي ايفان تيتيلبوم، على ان تنتظم الدورة الثانية، وباقتراح من الأمين العام لشعراء العالم، في إحدى الدول العربية التي يجري التفاوض بشأنها لاحقا.ً

احتل الشعر العربي الحديث بلغته الأم، وفي بادرة غير مسبوقة مكانه الجدير به ضمن هذا الموقع العالمي، من خلال ما بذله الشاعر التونسي من بحث وتجميع للمعطيات الضرورية، الخاصة بالشعراء العرب سواء أكانوا رموزا ُوشعراء ذوي حضور، مقياسه في ذلك حبه لنظرائه من شعراء المرحلة وحرصه على الاحتفاء بهم. ولعل هذا ما ترجمه يوسف رزوقة بجلاء في قصيدة له بسبع لغات استهل بها صفحته وفيها يقول:

شعراء العالم. أحبابي

القرية، كل القرية

تأكل من ثدييها

أما نحن

يتامى الخارطة المنذورة للنسيان

فليس لنا

الا أن نفتح بابا

نحو غد أعلى

من كل يد طولى

لا يدخله

الا الشعراء

من فقراء الخارطة المنذورة للنسيان

لنا أن نفتح بابا

نحو الآخر

أن نتعدد في المرآة

بحجة أن القرية/ قريتنا العرجاء

مهددة بالمحو

وأن العرش القادم للإنسان

وقد أنهى مشوار التيه بأكمله

حرائقه: كي تنهض ثانية في الكون

يضم الموقع، الى حد الآن، ثمانمائة شاعر من عموم أنحاء العالم من ضمنهم 150 شاعرا عربيا توزعوا على مختلف الدول العربية.

ما يميز هذا التجمع الشعري المنطلق من أميركا اللاتينية، بمبادرة جريئة من الشاعر لويس آرياس أنزو، أمينه العام ومحركه الأساسي، هو أنه حركة هادفة في توجهاتها لها أسئلة كبرى ينتظمها مانيفستو طموح.

يمكن الاطلاع على هذه البوابة على العنوان التالي:

www.poetasdelmundo.com

«بيان شعري كوني» ضد البشاعة

آن الأوان لنوحد قوانا من أجل ضمان تواصل الحياة. نحن نعيش اليوم في سياق موت مرحلة ولت وميلاد عهد جديد، سيكون للشاعر دور هام ومحدد فيه. تعيش الانسانية اليوم راهنا مصيريا لتؤمن عيشها. فإما أن تواصل طريقها نحو المنحدر الذي سيقودها إلى الامحاء أو أن تغير وجهتها لتفوز بالخلاص، وتغنم وجودا أرحب اعتمادا على إرادة جمعية صادقة.

منذ تلك الأزمان القديمة التي يتذكرها الإنسان، والوجود البشري مرتهن بالتعايش مع المجالات الحيوية التي ضمنت له إمكانية العيش وما تزال. ولكن الإنسان في المقابل، وبشكل مفارق، وهو الذي يتزايد يوما بعد يوم، استنزف الأرض استنزافا يجعل احتمال وجود الجنس البشري ضعيفا. فإذا لم يغير الإنسان تصرفاته حالا ستكون هناك أسباب حقيقية لتكرهنا الأجيال القادمة. وبذات الأسباب التي تدفعنا إلى تحطيم كوكبنا بشكل متواصل وذلك باستغلال موارده الطبيعية والإنسانية، نصنع أسلحة دمار شامل قادرة على محو الإنسانية في ساعات قليلة. إن امتلاك القوة يتمركز دائما في أيد نعرفها اليوم، بكونها إمبراطورية أو إمبراطوريات، ولكن لحسن الحظ، ليس كل شيء بهذه السلبية. الفوضى الأخلاقية، الفوضى القيمية، الفوضى السياسية بهذه الحروب الوحشية والمخجلة، الفوضى الاقتصادية وحقائقها العبثية، ليست سوى مظاهر دالة على ولادة التاريخ. حينما تضع امرأة مولودا تنتهي مرحلة ومنها تنبثق أخرى جديدة.

في مواجهة هذا العطش للسيطرة المطلقة التي ستقودنا بلا ريب إلى تحطيم الذات وستجعلنا نواجه وحشية كبيرة، ولاستقبال أنوار الأزمان الجديدة التي بدأت تظهر بوادرها، نحن شعراء العالم، نختار طريق المعارضة، وطريق بناء فجر جديد سيقودنا إلى تحرير الإنسان نهائيا.

نحن، شعراء العالم، شعراء العالم فحسب، لأن كل شعراء العالم، ليسوا مستعدين لأن يقولوا: «نحن»، بدلا عن «أنا». نحن نقصد أولئك الجاهزين لمغادرة «الذات الأنوية» التي تقتلنا ببطء، وأولئك القادرين على النظر إلى الآخر باعتباره شبيها لهم. معا سنباشر هذه الرحلة الجماعية حول العالم، سيكون بإمكاننا بناء صرح الشعر لخدمة الإنسانية.

أن تكون شاعرا لا يعني أن تكتب شعرا جميلا فحسب، بل أن تعيشه أيضا. وأن تعيشه لا يعني أن تحسه فحسب، بل أن تضعه حيز التطبيق. وأن تضع الشعر حيز التطبيق هو عمل يومي بل هو عمل دائم، ما دامت لنا عقول تفكر وقلوب تحس.

ويضيف البيان: أن تكون من شعراء العالم ليس أمرا هينا. إنه يعني أن تكون في مستوى هذا البيان في جوهره، أن تعمل على الدفاع عن الحياة، وعن الاختلاف، وعن الحرية، وأن تكون قادرا على أن تقول: «أهب حياتي من أجل الحياة رغم حبي لحياتي». ولهذه الأسباب نقول: يكفي من الغباء، يكفي من حب الذات الذي لن يقود إلى السعادة، لا جماعيا ولا فرديا، ولنضع فن الشعر في خدمة الوجود الإنساني.

أن تكون من شعراء العالم هو أن تكون محاربا، أو أن تكوني محاربة تركض في سهول الوجود الإنساني، وهو دور الشاعر منذ الأزل بحثا عن تجويد العيش والتطوير الطبيعي للحياة. من أجل هذا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الجرائم التي ترتكب كل يوم باسم الحرية، سنرفع أصواتنا سيفا من الضوء وسنرعب الجبان. من أجل هذا سنصنع من الكلمات أسلحة لم يعرفها المجرم على مر التاريخ.

نقر بإجلال سعي شعراء العالم الثمين لتطوير الإنسانية عبر القرون الخوالي. أولئك الذين تركوا لنا أسماءهم منقوشة على مئات من كتب التاريخ الكوني وفي الذاكرة الإنسانية جمعاء. كما نقر بدور الشعراء المجهولين الذين أدوا واجبهم بشجاعة لدى مرورهم بهذه الأرض عبر مختلف العهود. نحن نؤمن بالقيمة الدلالية التي أضافها هؤلاء العظماء إلى عصورهم وإلى عصرنا كذلك. نحن اليوم في فجر مرحلة إنسانية جديدة. نحن شعراء القرن الحادي والعشرين، لا نريد أن نعرج على شؤون الماضي لنحسن مواجهة الحاضر والمستقبل. نحن، شعراء العالم الذين ينتمون إلى هذا القرن، مدعوون إلى أن نكون خلاقين، وأن نعمل خيالنا لنجد بالتالي إجابات وتفسيرات تنادي بها الإنسانية اليوم، وتطلبها بإلحاح أمام الفشل الذي نتحمل فيه المسؤولية أيضا.

نحن، شعراء العالم، نعلن أننا متساوون كلنا، المشهورين والأقل شهرة، الأعلام منا والمجهولين، الأغنياء والفقراء، البيض والسود، السمر والصفر، مهما كان موقعنا على الأرض؛ سنمسك بمقابض سيوفنا وسنقاوم معا ما يقتل الحياة، متعاضدين في جبهة واحدة.

وجاء في ختام البيان:

نحن شعراء العالم، نعلن أننا مسالمون من دون أن يعني ذلك أننا جبناء أو سلبيون؛ نحن ضد العسكرة ولكننا لسنا مغفلين. نحن عاطفيون بالطبيعة طالما أن التعبير الفني ولون الكتابة دم أرواحنا. نحن نعيش في

فخاخ داخل لذة سحرنا الفني إلى أن نبلغ الارتعاشة المؤلمة للإبداع. وبفضل هذا الإبداع سيكون الهدف محددا دائما ألا وهو تجويد الحياة.

ترجمه الشاعر التونسي

حافظ محفوظ