«شتاء الغربة» لزهير اللهيب: رسائل حنين وعتاب للبنان

TT

«شتاء الغربة»، كتاب شعر صدر اخيرا للمغترب اللبناني زهير اللهيب، احتوى قصائد بمثابة رسائل حب وحنين يبثها من كندا الى وطنه الأم، في كلمات ممرغة بالعتاب والخوف والمرارة وصدى لوعات عميقة الاثر.

تتراكم الافكار في سطور القصائد، وتتسابق المشاعر بتناقضاتها وتختلف المضامين في عدد من القصائد، التي تتآلف ضمن نسيج نغمي واحد وسياق تسلسلي موحد ومفردات مؤنسة، تنبئ عن شخص يفتقد كل ما تركه في وطنه، اذ يعيش في صقيع الغربة التي تؤجج نار حنينه يوما بعد يوم، وقد اجبرته الحرب والظروف الى الارتحال تاركا وراءه الأم والارض والحبيبة وشجرة التين والعقيدة والايمان والايديولوجيات.

مشاهد عزيزة، بحلوها ومرها، معششة ابدا في عيونه وقلبه، تحضر بشدة ووضوح حين يجلس في «مقهى صغير» (قديم من عمر كولومبوس)، هناك يعود به الزمان سنوات فيكتب رسالة الى أمه.

يبدأ الشاعر بالاستجابة الى نداء الحبيبة، قبل ان يبث حبه لمصر وأمله واستنجاده بها، كي تأخذ بأيدي العرب جميعا، كأخت حنون، هكذا ينظر اليها، قبل ان يسخر من السجان في بلادنا، والسجون المليئة بمثقفيها، وغابة الطوائف حيث الجميع فيها خائف، يهرب الحسون منها ذات صباح بعد ان فقد صوته وبات ريشه بلا الوان... ليرتحل الى غابة اخرى ارحم وألوانها اجمل... «... غابة تملكها الطوائف... الذئاب تعيث فيها الفساد، تأكل ضعفاءها، تذبح ابرياءها، والعدالة يتيمة، والشعب متهم، بالحب... بالجرأة.

أن يجوع... لا، فكيف للشعب ان يجوع؟ ان يجهل... نعم، فالمعرفة امر ممنوع، ان يغضب... لا، فالاذعان امر مرغوب. ان يشكو... ممنوع، فالشكوى لغير الله مذلة!!!...».

يراود الشاعر حلم العودة الى الصحراء، وحياة البساطة والحب تحت خيمة بدوية، وفنجان قهوة وحيدا مع الحبيبة بلا بشر، بلا حجر. ويعاتب زهير اللهيب العروبة. يتذكر ابرياء العراق، وابطال الشاغور واحرار مصر، ومثقفي تونس، ومناضلي الجزائر، وكتاب المغرب، ومحرري لبنان في الجنوب، واطفال الحجارة، والقدس ونهر الاردن، كلهم لهم مكان في القلب، لكن اين العروبة؟

يعود الى استذكار اسماء اسرى مروا من هنا او هناك في زنازين متعددة، صغيرة وكبيرة، حفروا اسماءهم على الجدران منهم من استشهد ومنهم من تحرر.