لا تحاول أن تكون شهيدا

كتاب نصائح لكل من يجد نفسه محاصرا في مصيدة علاقة مع زميل عمل أو رئيس أو حتى مرؤوس

TT

تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 40% من العاملين الذين يتركون وظائفهم، يقومون بذلك بحثا عن «أجواء عمل أفضل»، ولكن إذا كان العاملون هم الذين يسيئون إلى بعضهم البعض، فإن الحل يكمن فيهم أيضا، من خلال تحسين علاقاتهم ببعضهم والتعرف على ما يمكن أن يعالج مشكلات التعامل بينهم، وهو ما يحاول هذا الكتاب التنبيه إلى أهميته في تحسين ظروف العمل والإنتاج لكل من يجد نفسه محاصرا في مصيدة علاقة مع زميل عمل أو رئيس أو حتى مرؤوس، يشعر أنها تستنزف طاقته العصبية والانفعالية، تقدم كراولي وإلستر، مؤلفتا كتاب «العمل معك يقتلني: «كيف تحرر نفسك من المصائد الانفعالية في العمل» استراتيجية خروج، من خلال دليل مرشد يتميز بأنه عملي للغاية وسهل التطبيق، بحيث يجعل هذا الموقف المستعصي قابلا للعلاج.

تنظر المؤلفتان، التي تعمل إحداهما محللة نفسية والثانية مستشارة أعمال، إلى مكان العمل من منظور كل العاملين: الرئيس والزميل والمرؤوس.

ويمكن لكل قارئ أيا كان الموقف الذي يوجد فيه أن يجد حالة دراسية مستعرضة في الكتاب تشبه حالته وتذكره بموقفه.

وكما يقدم الكتاب المشكلة يقدم أيضا الحل المريح، سواء كانت المشكلة رئيسا في العمل كثير المطالب وغير مراع لأية جوانب أخرى لحياة الموظف غير العمل، أو زميل مستغل أو مدبر للمقالب.

ومن أهم الشخصيات التي يعالج الكتاب التعامل معها هو أنت نفسك. إذ ترى المؤلفتان أن الشخص كثيرا ما يسيء لنفسه، عندما يلعب دور الشهيد في المكتب، فيتقبل المعاملة السيئة أو يحل المشكلات على حساب راحته، أو يرضخ لتهديدات مديره أو زملائه.

تقدم المؤلفتان أطرا كاملة لحل تلك الصراعات وإحداث تقارب بين العاملين، بل إن المؤلفتين تقدمان سيناريو مفصلا للمواجهات الكلامية التي تحدث بين العاملين، فتقدمان للعاملين في الوظائف الإشرافية اقتراحات لحل تلك المواجهات، من خلال مزيج من الحزم والعطف، والأهم من كل ذلك العدل، ووضع مصلحة العمل فوق اي اعتبار.

يعالج الكتاب أيضا مشكلة العاملين غير المنجزين، أو قليلي الإنجاز، الذين يصيبون مديريهم وأنفسهم بالإحباط.

ويستعرض أساليب عديدة لمعالجة ذلك القصور فيهم، وكيفية رفع التوقعات منهم، بحيث يحققونها بالفعل.

كما تشدد المؤلفتان هنا على أهمية تطبيق مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

فكثيرا ما يكون سبب الفشل هو عدم تناسب المهام المطلوبة في وظيفة ما مع شخصية القائم بها أو مواهبه أو قدراته.

وعموما، تشعرك نصائح الكتاب وحلوله بكثير من السيطرة على المواقف، بدلا من أن تسيطر هي عليك. وهو ما يؤدي أيضا إلى حل مشكلة دوران العمالة المتزايد في المؤسسات.

تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 40% من العاملين الذين يتركون وظائفهم، يقومون بذلك بحثا عن «أجواء عمل أفضل»، وهو التعبير الذي يطلقونه على محاولتهم للتخلص من زملاء العمل ورؤسائه المزعجين نفسيا وبدنيا وانفعاليا.

تحدد المؤلفتان عدة أدوار يتقمصها كل عامل أو موظف في مكان عمله: البطل، والمهتم بالآخرين، وحلال المشكلات، والمرح المرفه عن الآخرين.

ورغم إيجابية هذه الأدوار، فإن مؤلفتي الكتاب تؤكدان أن الاستمرار فيها والانغماس فيها كثيرا ما يؤدي إلى لفت أنظارنا، بعيدا عن مواهبنا الحقيقية في العمل والإنجاز والأداء.

الكتاب مليء بالأمثلة والتحليل النفسي لكل نمط من أنماط العاملين في المكاتب. لذلك يتسم بالوضوح والقرب من ذهن القارئ، مما يزيد الاستفادة منه.

فالصراعات في العمل جزء لا يتجزأ منه، وتؤثر تأثيرا سلبيا على الإنتاجية. وتحاول كثير من الشركات حل مشكلة الإنتاجية باللجوء إلى حلول إدارية وتقنية، في حين يكمن الحل في الموارد البشرية والعاملين أنفسهم.

فالداء هو الدواء. وإذا كان العاملون هم الذين يسيئون إلى بعضهم، فإن الحل يكمن فيهم أيضا، من خلال تحسين علاقاتهم ببعضهم ومزيد من التعرف على ما يمكن أن يعالج مشكلات التعامل بينهم.