انزعوا الأقنعة

TT

نشرت الشاعرة السورية دعد حداد خلال حياتها القصيرة مجموعتين شعريتين في الثمانينات هما «تصحيح خطأ الموت» و«كسرة خبز تكفيني» بينما صدرت مجموعتها الثالثة بعد رحيلها عام 1991، بعنوان «الشجرة التي تميل نحو الأرض». لقد حولت دعد حداد الحياة نفسها إلى شعر، وكتبت مرة تقول: «كم هو جميل هذا الاتساع في الحياة/ بلا نهاية». لم ترتبط في حياتها القصيرة بشيء، ولم تثقلها مثلنا متطلبات الحياة الصغيرة. لقد امتلكت شجاعة نادرة في البقاء حرة كما تشتهي، مع الشعر، ومع الموت أيضاً الذي ألفته: لا شيء أقوى من رائحة الموت في الربيع.

انزعوا الأقنعة أيها البشر

وامشوا حفاة أيضاً

وعرايا...

ثمة ضوء في آخر الليل الطويل

ثمة نهارات...

* * *

أودعك الليلة يا ناي

أودع الشعر الحزين،

أودع رقص الموت...

وأرحل...

أودع الأضواء...

والفلسفات...

والحكايات...

والأصوات

وأرحل...!

هذي الليلة

تأتي متمهلة...

حاملة آخر الذكريات،

الليلة عرس الموت،

والليلة

ستقولون... كانت!

* * *

بُحّت الآه

تطاولت الآه

وماتت الآه

الليالي... هنا دمشق

وأبعد... وليس بعد انتظار

أجاور السكون البري

والقمر الشاحب

وأنام على الورق الأبيض...

لا شيء أصغر من هذا الكوكب

أفيقوا الليلة حتى الثمالة.

* * *

هذا القنفذ البرّي...

يتراكض في الطرقات...

يأكل الأشواك، والحر...

وينام تحت جذع الشجرة...

لا شيء أهدأ من حياة القنفذ البريّ

ولا ألطف من حياة القنفذ البرّي.

* * *

هذا وجه الجلاد

خذي سيفك

واغمديه... في القلب

تتفتح زهرة حمراء

أهديها لحبيبي...

مرحباً... بالبداية...

* * *

ما هذه المسافات

والفراغات...؟

وأنا وحدي... أركض بلا

نهاية

لا شيء سوي الذهول واللامعقول،

لا شيء يحد من هذه المسافات

لا يد صديقة

لا يد محبة

لأتوقف

آه... أيتها الحياة المتسعة

أين جدرانك

وبواباتك؟

أين حراس الأرض الطيبون،

أين الملائكة المبتسمون؟

وأنا أنمو تارة

وأصغر تارة...

حتى السياجات والأشواك

اختفت

وانطفأت الأنوار،

أهي صحراء...

وبلا رمال؟

أهي أحلام

ونستيقظ...؟

وأنا طفلة ذات شرائط

ملونة

أحوك ثوبي

وأصنع دميتي

ولكن

لمن أهدي كل هذا الجمال؟

والعالم مقفر... ومتسع...

وأنا أركض بلا نهاية...