25 فيلما روائيا و50 وثائقيا تنتجها الجزائر خلال عام 2007

نهضة سينمائية مفاجئة أم «سحابة صيف» فنية؟

TT

الجزائر التي كانت تمتلك سينما متطورة في ستينات وسبعينات القرن العشرين وأنجز مخرجوها المشهورون من أمثال محمد الأخضر حامينا ومرزاق علواش وأحمد راشدي، أفلاما مهمة جدا مثل: «عمر قتلاتو» و«وقائع سنين الجمر» الذي نال السعفة الذهبية في مهرجان «كان» 1975، و«الأفيون والعصا» وغيرها، كان عليها الانسحاب من المشهد طويلا لأسباب معقدة، وانتظرنا اختيار «الجزائر عاصمة ثقافية» لنرى تجسيد مشاريع متنوعة وطموحة في هذا المجال، فهل هي نهضة سينمائية أم مجرد «سحابة صيف» سينمائية تصرف فيها ملايين الدنانير وسرعان ما تبقى الأزمة هي الأزمة.

أفلام كثيرة من المنتظر أن يتم إنجازها سنة 2007، ولحد الآن لم تضبط القائمة النهائية. فقد كان من المقرر سابقا، في عهد وزير الثقافة الأسبق، الأمين بشيشي 18 فيلما سينمائيا طويلا، ثم حلت اللجنة وعوضت بـ«لجنة عقلاء» يرأسها وزير الشباب والرياضة الأسبق كمال بوشامة وجاءت اللجنة ببرنامج مختلف بالتعاون مع وزارة الثقافة الجزائرية. وقد أكد نور الدين عثماني وهو خبير في وزارة الثقافة لـ «الشرق الأوسط» أن هناك 25 فيلما قيد الإنجاز، وسوف يتم عرضها قبل نهاية السنة المقبلة من دون أن يحدد قائمة الأفلام المنتظرة. أما في مكتب المحافظ كمال بوشامة، فقد أكدوا أن المشروع لم يتوقف عند الـ25 فيلما، بل وصل إلى الثلاثين فيلما روائيا طويلا إضافة إلى خمسين فيلما وثائقيا، ولم يحدد المصدر قائمة الأفلام التي أكد أن اللجنة التي وافقت عليها سوف تنشرها بأسمائها لاحقا.

وحسب معلومات من المحافظة فإن المظروف المالي المخصص للأفلام السينمائية قدر بـ350 مليون دينار جزائري (حوالي 4 مليون دولار أمريكي). ولأن الميزانية لا تكفي لإنجاز كل الأفلام فقد تقرر إنجاز عشرة أفلام منها بالاشتراك مع مؤسسة التلفزيون الجزائري، على أن يتم التركيز على الافلام الوثائقية التي ستتناول على وجه الخصوص الجانب المعماري والاجتماعي والتاريخي لمدينة الجزائر العاصمة.

ومن بين الأفلام التي نالت الموافقة وبدأ العمل على إنجازها، فيلم «سد الأوراس» الذي يتناول أحد شهداء الثورة الجزائرية وأحد قادتها مصطفى بن بولعيد، عن سيناريو للكاتب الصادق بخوش وإخراج لأحمد راشدي صاحب فيلم «الأفيون والعصا» و«الطاحونة» و«فجر المعذبين» وغيرها. وهناك فيلم «صوت الحرية» التاريخي للمخرج يوسف بوشوشي. أما المخرج ابن عمر بختي صاحب فيلم «بوعمامة» التاريخي الشهير، فله مشروع فيلم حول القائد الأمازيغي القديم «يوغرطة» ولكن لتكلفة إنتاجه الضخمة، فقد تقرر أن يخرج فيلم «التاكسي المخفي 2» وهو الجزء الثاني للفيلم الكوميدي الشهير «التاكسي المخفي» الذي نال إقبالا جماهيريا منقطع النظير في الجزائر منذ عرضه الأول سنة 1991. أما المخرج محمد شويخ الذي لعب البطولة في ستينات القرن العشرين في فيلم «ريح الأوراس»، ثم تحول إلى الإخراج ليشتهر بفيلم «القلعة» وغيره، فمن المنتظر أن ينجز في هذا الإطار فيلماً بعنوان «أندلسيات». وهناك إنتاج تاريخي يتمثل في فيلم «ماسينيسا» وهو اسم قائد أمازيغي قديم يعكف على إنتاجه المخرج علي موزاوي. أما المخرج عبد الرزاق هلال فينجز فيلماً بعنوان «مريم». والمخرج رشد لقوادي فمن المنتظر أن يتم إنجاز فيلم بعنوان «أجنحة مكسرة» وغيرها من الأفلام التي بقيت قائمتها مفتوحة ولم تعلن بشكل نهائي لحد الآن.

وحتى تكون لنا فكرة عن طريقة إنجاز الأفلام، التقينا الكاتب بلقاسم روّاش، كاتب سيناريو وحوار لفيلم بعنوان «صرخة النوارس» المقرر أن ينتج في هذه التظاهرة. والكاتب هو صاحب مسلسل «شهرة» الذي يعرض حاليا في قناة الجزائر الفضائية الموجهة إلى أوروبا. وحسب روّاش فإن فيلم «صرخة النوارس» وهو دراما اجتماعية عصرية تعالج جوانب من حياة بعض الفنانين، يفترض أن يخرجه بشير بلحاج، وهو مخرج معروف جدا، وقد تكفلت محافظة تظاهرة «الجزائر عاصمة للثقافة العربية» بتمويل جزء منه، أما الجزء الأهم فسيموله التلفزيون الجزائري وفق اتفاقية في هذا الإطار، إذ سينجز على شكل فيلم تلفزيوني وبعدها سيتم «تضخيمه» بطرق فنية ويتحول إلى فيلم سينمائي بمقاييس معروفة. ويصر الكاتب بلقاسم رواش على إنتاج الفيلم بتلك المقاييس وبتمويل جزائري خالص منتقدا في هذا السياق الأفلام التي تمول من فرنسا، قائلا إن الممول يتدخل في الفيلم ويوجهه الوجهة التي يريد، وهو ما عرض عليه ورفضه بشدة. وما يؤكده الكاتب بلقاسم روّاش أن فيلم «صرخة النوارس» سيعرض قبل نهاية 2007 موعد تظاهرة «الجزائر عاصمة للثقافة العربية».

أفلام كثيرة تنتظر انجازها عام 2007 في تظاهرة «الجزائر عاصمة للثقافة العربية»، وحركية غير مسبوقة في تاريخ الجزائر، من أفلام تاريخية وأخرى اجتماعية وقصيرة لمخرجين شباب، فهل انتظرت الجزائر سنة 2007 لتعاود الانطلاقة من جديد في مشروعها السينمائي الذي تعثر مع نهاية سبعينيات القرن العشرين ثم اندثر، أم هي مجرد وسيلة لصرف أموال التظاهرة».