جولة في مكتبة الإسكندرية

تضم 250 ألف مجلد و1175 دورية علمية و9239 دورية إلكترونية.. ومكتبة للمكفوفين

TT

في حي «الهيراكليوم» الملكي، وداخل ذلك المبنى الحداثي الطراز، الذي يقف على أطلال المكتبة القديمة المندثرة منذ أكثر من 1600عام، تختبئ آلاف الكتب والدوريات العلمية والمخطوطات النادرة، التي تعود إلى قرون مضت، والتي تزخر بها مكتبة الإسكندرية.

وبالرغم من إنها افتتحت قبل 4 سنوات فقط، إلا أنها أضحت محطة أساسية للطلاب والعلماء والباحثين والمهتمين، الذين بلغ عددهم العام الماضي (2006) أكثر من 800 ألف زائر، بقاعاتها المفتوحة التي تتدرج على 7 مستويات لتستوعب أكثر من 20000 قارئ.

بمجرد دخولك، تستقبلك كتب العلوم الاجتماعية في المستوى الأرضي، الذي يعلو أربعة أدوار أخرى تحت سطح الأرض، حيث يضم المستوى الأول كتب الاحصاء والاقتصاد والقانون والتجارة والإدارة، بالإضافة إلى معرض صور الإسكندرية عبر العصور وعدة متاحف منها متحف المخطوطات والآثار، ومتحف السينمائي الراحل شادي عبد السلام.

ويحتوي المستوى الثاني على الفنون والرياضة، أما الثالث فيجمع بين مكتبة طه حسين للمكفوفين ومكتبة الوسائط المتعددة، بالإضافة إلى كتب اللغات والآداب والموسيقى والسينما والمسرح. ويضم المستوى الرابع تحت الأرض كتب العلوم والمعرفة، مثل الفلسفة والديانات والتاريخ والجغرافيا. أما الأدوار التي تعلو فوق سطح الأرض فتضم مستويين يحتويان على الكتب والدوريات الخاصة بالعلوم الطبيعية والرياضيات بالإضافة إلى الكومبيوتر والاتصالات.

تقول سوزان سمير، رئيسة وحدة الخدمات الإرشادية: «يستقبل زوار المكتبة عند دخولهم مكتب خدمات المعلومات الرئيسي الذي يمدهم بكل المعلومات اللازمة عن أنشطة وخدمات مكتبة الإسكندرية، والذي يساعدهم على الوصول للمصادر المناسبة للمعلومات، ويقدم لهم برنامجا إرشاديا بشكل يومي لتسهيل البحث في فهرس المكتبة والوصول إلى كافة أوعية المعرفة. ولم تغفل المكتبة دورها تجاه المكفوفين، فقد سخرت لهم الاطلاع على المواقع الالكترونية المختلفة على شبكة الانترنت من خلال برنامج «ابصار الناطق» وهو البرنامج الوحيد باللغة العربية الذي يتيح للكفيف أن يستمع لمحتوى المواقع الالكترونية. أما بالنسبة للأطفال فقد وصل عدد العناوين في مكتبة النشء إلى أكثر من 11.60 ألف عنوان بالعربية

و 5000 آلاف عنوان بلغات أخرى».

وحول أهم الكتب التي تتميز بها المكتبة، تقول منار بدر رئيس وحدة الخدمات المرجعية: «إن المكتبة توفر لزوارها مجموعة كبيرة من الكتب باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، وكذلك بلغات أوروبية أخرى، مثل الألمانية والإيطالية والاسبانية ولغات أخرى نادرة، مثل الكريبولية ولغة هايتي وزولو، هذا بالإضافة إلى المطبوعات بما فيها الدوريات والصحف والمجلات العربية والأجنبية، وكذلك مراجع الكتب وسلاسل المجموعات القصصية والرسائل العلمية، ومواد غير مطبوعة بما فيها شرائط الكاسيت وشرائط الفيديو والأسطوانات المدمجة، بالإضافة إلى الأرشيف الالكتروني الذي يشمل 1000 فيلم و 2000 ساعة تلفزيونية.

هذا وتضم المكتبة 250 ألف مجلد و 1175 دورية علمية مطبوعة و9239 دورية الكترونية، كما يبلغ عدد الكتب النادرة بالمكتبة 120 ألف كتاب أصلي و 262 نسخة فاكسميلي طبق الأصل. ووصل عدد الرسائل العلمية إلى أكثر من 250 ألف رسالة و 1300مطبوعة من مطبوعات الأمم المتحدة. وبلغت نسخ الميكروفيش والميكروفيلم للمخطوطات 47726 نسخة تمثل 21500 عنوان تتضمن جميع المخطوطات العربية في المكتبة.

وتحتوي مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة مجموعات مهداة من جميع أنحاء العالم بلغ عددها 192 ألف كتاب، بالإضافة إلى الإهداءات الأخرى التي تتنوع ما بين المجموعات العلمية واللوحات الفنية والتماثيل والطوابع البريدية وغيرها من المقتنيات الشخصية لكبار المفكرين والفنانين والشخصيات العامة. ومن أهم المجموعات الخاصة مجموعة لويس باستير التي بلغ عددها 20 ألف كتاب من أندر الكتب وهي من أكبر المجموعات المهداة للمكتبة، بالإضافة إلي الميكروسكوب الالكتروني الذي صنع في هولندا عام 1975 واستخدم للكشف عن فيروس «س».

وكانت شخصيات فكرية وثقافية راحلة قد أهدوا المكتبة مكتباتهم الخاصة، ومنهم المفكرعبد الرحمن بدوي، الذي ضمت مكتبته 12.606 كتب، منها كتاب «فن الخطابة» لأرسطو الصادر عام 1675 ، وكتاب «العبر وديوان المبتدأ والخبر» لابن خلدون الصادر عام 1857 ، والطبعة الخامسة من موسوعة «ماير» الصادرة عام 1895 و«رسالة الغفران» للمعري وكتاب «ألف ليلة وليلة» باللغة الفرنسية ترجمة أنطوان جالان .

أما مجموعة د. إسماعيل حلمي، رئيس مجلس إدارة جمعية الكتاب، فتحتوي على أهم مؤلفاته منها «الأربعة الكبار»، ومجموعة من مقتنياته الخاصة مثل العدد الأول من جريدة الأهرام والنظارة الشمسية للملك فاروق والنظارة الطبية الخاصة بالفنان محمود سعيد و «مصحف صغير» مقاس 3 في 4 سم و«بايب» صغير طوله 5 سم.

بينما تتكون مجموعة الفنان حسين بيكار 868 كتابا من بينها عالم جبران خليل جبران والكتاب الأقدس، بالإضافة إلى باقة من الكتب النادرة التي تعود إلى الكونت فردال المنتمي إلى عائلة ايطالية عريقة، من أهمها كتاب «دراسات أكاديمية» للمؤرخ الايطالي أنطون ماريا سلفيني، وهو كتاب طبع في فلورنسا عام 1725. وفي هذا الكتاب النادر فصول عن المكتبة القديمة وظروف إحيائها وفصول عن الإسكندر الأكبر. أما الأعمال الكاملة لموليير فهي ضمن مجموعة فريد غبريال اسكاروس التي تتكون من 226 كتابا نادرا.

وكانت ابنة الكاتب يحيى حقي قد أهدت مكتبته لمكتبة الإسكندرية، وهي مكونة من 904 كتب. وتوجد أيضاً مجموعة الكاتب محمد حسين هيكل، التي تربو على ألفي كتاب، من بينها أمهات الثقافة العربية ومتون التراث القديم.

وهناك العديد من المقتنيات النادرة في الوطن العربي التي تتنوع بين العملات الأثرية العتيقة، التي لا تقدر بثمن ونسخة نادرة من المصحف الشريف مترجما إلى الروسية تعود للمفكر الإسلامي الدكتور مصطفى محمود، وكتاب «صلوات القديسين» و«تاريخ الإنجيل»، وأشعار مدام دي بورد فالمور، المطبوعة في باريس عام 1922، وكتاب «غرائب الأخبار عن شرق أفريقيا وزنجبار» الذي يعود لعام 1901، وبعض الأثريات المتمثلة في أدوات مكتبية من العصر الفيكتوري. وهناك أيضاً نسخة قديمة من التوراة كتبت على لفافة طويلة وفقا للتقاليد القديمة لكتابة التوراة، ونموذج مصغر للحرم المكي الشريف وهو من إهداء خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. يذكر ان المكتبة تحتضن 7 مراكز بحثية متخصصة هي: مركز توثيق التراث، والخطوط، والكتابة، والعلوم المعلوماتية، ودراسات الإسكندرية والبحر الأبيض المتوسط، والفنون والبحوث العلمية، ومنتدى الحوار والمخطوطات.