متطوعون أكراد يؤسسون فرقة «تلفزيونية» توزع إنتاجها على أقراص مضغوطة فقط

TT

استطاع بعض محبي الدراما الكرد في القامشلي، من تأسيس فرقة كوميدية حملت اسم «بافي طيار» ومثلت حتى الآن ثمانية مسلسلات، ولاقت قبولا طيبا في القامشلي وما حولها، بل ان الطلبات تتابعت على الفرقة من أكراد في تركيا والعراق وأوروبا بضرورة إرسال سيديات هذه المسلسلات بالسرعة القصوى، كما يفعلون مع الأكلات الشعبية التي يحنون إليها. ولم تبادر، حتى الآن، أية مؤسسة من المؤسسات الكردية المجاورة في العراق أو تركيا إلى تبني هذه الفرقة أو دعمها ماليا أو بث لوحاتها في الفضائيات الكردية غير القليلة.

ولفت الممثل الخمسيني بافي طيار بموهبته أنظار المجتمع الكردي في القامشلي وما حولها، فانتبهت بعض الشركات الخاصة مثل شركات النقل المحلية والصناعية الصغيرة إلى ضرورة توظيف نجاح هذه الفرقة في الترويج التجاري لمنتجاتها بواسطة الفرقة. الطريف ان الإعلان التجاري يأتي خلال بث اللوحة وبواسطة الممثلين أنفسهم وبأزيائهم نفسها، مما يربك وحدة الموضوع ويلعثم سياقه، ومرد هذا ضعف الإنتاج وقلة الخبرة المعتمدة على الجهود الشخصية البكر.

مدة كل «حلقة» من مسلسل بافي طيار حوالي خمسين دقيقة تقريبا، وهي مدة طويلة قياسا بالحدث الخام وشروطه الدرامية. المؤلفون متطوعون مثل الممثلين، وهم يعلنون عن أنفسهم بأسمائهم الفنية فقط، وكأنهم يتجنبون الإساءة إلى أسماء عائلاتهم، مذكرين بمرحلة التطير من الفن والتشخيص في الأربعينات في دمشق، خوفا من تهمة «المشخصاتية». الفرقة تتألف من عدة شبان نجمهم هو بافي طيار وعدة صبايا (عيشو، فاتو، زليخة، كلوكة) يظهرن بأسمائهن الفنية وطيار الابن القزم. بافي طيار كوميدي الأداء لكنه يبالغ في الافتعال أحيانا، ويحتاج إلى بعض التوجيه والتدريب والتثقيف والمساعدة من مخرجين، وهو يشتغل كوميديا على مفارقة العمر بالتصابي، ومن المعتقد أن نجاحه متأت من غياب المنافسين ومن بكارة التجربة، لا من موهبته؛ فاللوحات تنفذ بدون إخراج ( إخراج حفلات أعراس) وباعتماد الفطرة وحدها، فحكايات اللوحات نيئة، عنوان واحدة من اللوحات «الزوجة الرابعة» على سبيل المثال. بعض ألوان الضحك تنتج عن رداءة الأداء والإخراج، ففي احد مشاهد «الزوجة الرابعة» يدفع احد الدائنين الدائن بافي طيار من فوق مصطبة عالية فيسقط من ذلك الارتفاع القاسي المهدد بكسر أضلاع الممثل المغامر الذي ليس له «دوبلير»؟، أما الأمكنة واللوكيشنات فهي القرى وبيوت الممثلين والهواة و«فاعلو الخير». الأخطاء المونتاجية والدرامية واضحة، لكن جدة الفعل وفرادته جعلت من هؤلاء سياسة ناقدة لبعض «الرفاق» الأكراد المناضلين.

عندما أذيع مسلسل «آل الجلالي» الذي بث مشهدا لطلاب «كومبارس» من الجزيرة، يتحدثون باللهجة الماردنلية، صعق أهل الجزيرة من الدهشة، وانتشى الأكراد لسماعهم ألحانا كردية معزوفة على البزق، وابتهج الماردنليون للهجتهم التي «اعترفت» بها مؤسسة التلفزيون، وأنها ليست لهجة «بدون»، وتستحق الاعتراف والتشخيص والظهور عبر الأثير. بل ان الحلبيين بمدينتهم وتاريخهم العريق ولهجتهم الراسخة التي دوّن أمثالها خير الدين الأسدي في مجلدات ضخمة لا يزالون يندهشون كلما رأوا شخصية حلبية تظهر في مسلسل سوري يبث غالبا باللهجة الدمشقية. ربما من هنا جاء سبب انتشار فرقة بافي طيار التي تمثل للمرة الأولى باللغة الكردية واللهجة الكرمانجية؛ فالتعبير الكردي كان مقصورا على الكلمة شعرا أو نثرا.