الكتب من اللاجدوى إلى اللصوصية

TT

* تتجلى معالم أزمة الأفكار على صعيد صناعة الكتاب، وتعكسها أرقام تقرير التنمية البشرية التي تشير إلى أن 17% من الإصدارات ينحصر في كتب لا تحتاج لمجهود فكري، ككتب المسلمات والتراث، لا تضيف جديداً الى الثقافة العربية، ولا تسهم في رفد الثقافة العالمية. كما تكشف دراسة للدكتور رؤوف هلال عن ضعف الإنتاج العربي في مجال العلوم التطبيقية، حيث لا يتجاوز نسبة الـ10% والعلوم البحتة نسبة الـ8% من إجمالي ما ينشر عربياً، لأكثر من 284 مليون مواطن يعيشون في 22 دولة عربية يمثلون 5% من سكان العالم، هم عملياً يقفون خارج المساهمة في الركب الحضاري. وحسبنا النظر في عدد نسخ الطبعة الواحدة من كل كتاب، التي كانت تتراوح بين 1000 نسخة و5000 في أفضل الأحوال، تدنت إلى 500 نسخة مع تزايد عدد دور النشر، التي تستعيض عن المطابع الحديثة بآلة النسخ الريزو، تجنباً للخسائر في حال كساد الكتاب. ويتبدى الوضع مأساوياً إذا قارنا بين عدد العناوين المنتجة سنوياً، التي لا تتجاوز 30 ألف عنوان في أكبر معارض الكتب العربية من المحيط الى الخليج، وبين ما تنتجه إسرائيل (5 ملايين فقط) وحدها سنوياً، الذي يتجاوز 13 ألف عنوان! هذا إذا لم نتطرق إلى معدلات الإنفاق على الأبحاث العلمية في اليابان، التي ارتفعت في التسعينات من 500 إلى 700 دولار لكل شخص، وفي الولايات المتحدة من 600 إلى 800 دولار. وكيف أثر بقاء الإنفاق ثابتاً في ألمانيا عند حد 500 دولار على تراجع دورها في إنتاج الأفكار العلمية.

في كتابه «هموم ناشر عربي ورحلة صناعة الكتاب»، يتحدث الناشر عدنان سالم عن أزمة إبداع تتجلى في عجز المؤلف عن الاضطلاع بالدور القيادي المعد له ومسؤوليته في إطالة أمد التخلف، الذي تعاني منه أمته، وتقصيره في إمدادها بالأفكار القادرة على إنهاضها، ويبرز ذلك في المحاكاة والاقتباس الذي يصل ببعض المؤلفين حد السرقة، وممارستهم اللصوصية بكل معنى الكلمة مغتنمين بذلك فرصة غياب النقد، وركود حركة الأفكار.