كتاب عراقي عن «التربية على حقوق الإنسان»

TT

عن معهد العراق للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، صدر في بغداد مؤخرا، كتاب «التربية على حقوق الإنسان» لمؤلفيه الدكتور وليد الشهيب الحلي والدكتور سلمان عاشور الزبيدي، والكتاب هو من أوائل الإصدارات في العراق التي تتناول قضايا التربية على حقوق الانسان.

ويشتمل الكتاب على مقدمة وسبعة فصول، حاول من خلالها الباحثان دراسة الآفاق النظرية والعلمية التي يمكن من خلالها تعميم مفاهيم حقوق الانسان في المجتمعات الإنسانية، وجاء الفصل الأول ليعطي نظرة تاريخية معمقة لعلاقة الحضارات والأديان بحقوق الانسان، بدأ من الحضارات والمعتقدات الدينية القديمة في وادي الرافدين والصين ومصر والهند وبلاد فارس، مع إضافات وافية عن نظرة الديانات الوضعية التي نشأت في تلك الحضارات مثل الكونفوشيوسية والبوذية وغيرها لمفاهيم حقوق الانسان، فضلا عن اشتغال الباحثين على تأثير الديانات السماوية الثلاث في تعميم مفاهيم حقوق الانسان داخل المجتمعات التي انتشرت فيها اليهودية والمسيحية والإسلام. ثم أعقب ذلك قراءة في حقيقة الدور الذي لعبه الفكر الفلسفي ومبادئ الثورات الكبرى التي شهدها تاريخ الانسان، في صياغة نظرية حقوق الانسان الى الحد الذي أصبحت فيه هذه النظرية تحظى بكل هذا الاهتمام الوطني والدولي.

ومن الواضح أن هذا المدخل التاريخي مهد للمؤلفين الخوض في تفاصيل نظرية حقوق الانسان بشكل أكثر تفصيلا وإغناء، سعيا الى تحديد الأطر التي يتم من خلالها فهم مبادئ حقوق الانسان وفقا لمنهج علمي واضح ومدروس.

اشتمل الفصل الثاني على قراءة موسعة للعلاقة بين التربية وحقوق الانسان، من خلال بيان مفهوم التربية والأهداف الحقيقية للعملية التربوية التي يرى المؤلفان أن لها الأثر البالغ في تعميم ثقافة حقوق الانسان في المجتمعات، كونها الفاعل الأساس في بناء شخصية الانسان وصياغة تطلعاته، فضلا عن العوامل المؤثرة في عملية التربية نفسها. وكذلك تأثير العلاقة بين القيم والتربية وما تركته خصائص القيم على حركة الانسان داخل مجتمعه، وحقيقة الإطار الفكري للقيم الإسلامية التي جعلت من ذات الانسان وطبيعة تكوينه محورا لانشغالاتها كما يرى المؤلفان، في حين جاءت أساليب تعميم ثقافة حقوق الانسان والخصائص التي تحظى بها هذه الحقوق من الناحية الأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية لتشكل قاعدة لانطلاق الدراسة باتجاه تفصيل علاقات الانسان بمحيطه، بناء على الثقافة الحقوقية التي تتبعها المؤلفان في الفصول المتبقية.

الفصل الثالث خصص لدراسة مفهوم العدل ودوره في نشر ثقافة المساواة بين بني البشر وخلق مجتمعات بعيدة عن سلب الحقوق أو الظلم الذي يساهم في تخريب المجتمعات أينما كانت وفي أي حقبة زمنية، فيما كان الفصل الرابع مشتملا على قراءة مفهوم الأخلاق في الفكر الإنساني، وعلى وجه الخصوص في الفكر الإسلامي الذي حدد أصول المحاسن الأخلاقية ودورها في تحقيق القيم العليا للأخلاق داخل المجتمع الإنساني، وبالتحديد في عالمنا المعاصر الذي شهد تداعيا فكريا في مجالات متعددة كان من أبرزها المجال الأخلاقي والقيمي.

الحرية كانت هي المحور الذي جاء به الفصل الخامس من الكتاب، فالحرية كما يرى المؤلفان تشتمل على مقومات فكرية تتيح للإنسان أن يحقق عالما يخضع لحقيقة أقرها الإسلام والكثير من المدارس الأخلاقية والفكرية، وهذه الفكرة تتلخص في أن الانسان هو القيمة العليا في الحياة، مما يتطلب حسب الكتاب، العمل على نشر مبادئ الحرية باتباع وسائل تربوية تساهم في إخراج الانسان من دائرة العبودية للنظم الاستبدادية التي دأبت على انتهاك حريات الشعوب على مدى التاريخ، وهنا يقدم المؤلفان قراءة للطريقة التي يتم من خلالها تربية الأجيال على المطالبة بالحرية ورفض الخضوع للاستلاب وهيمنة الظلم وتهميش حرية الانسان. أما الفصل السادس، فقد اشتمل على متابعة مفهوم الحق والحقوق منذ النشأة الأولى لحياة الانسان، وارتباط هذا المفهوم بحياة الجنس البشري ودوره الفاعل في تقويم مسيرة الحضارة الإنسانية.

في الفصل السابع والأخير، كان لمفهوم المواطنة وواجبات المواطن حيزا مهما في الكتاب الذي سعى الى استقراء مفهوم المواطنة في الفكر الإنساني والاهتمام الذي أضفاه الإسلام على المواطنة بوصفها الطريقة التي من خلالها يتم بناء المجتمعات الصالحة التي تكفل حقوق مواطنيها. ويقدم الكتاب إضاءات وافية عن مكونات المواطنة والواجبات التي يفرضها هذا المفهوم على المواطن.

جاء الكتاب في 406 صفحات من القطع الكبير.