حسين جمعة: لم أتهم سعد الله ونوس بالسرقة بل تحدثت عن «اقتباسات»

كرة الثلج تتدحرج أم زوبعة في فنجان؟!

TT

المفارقة أن رئيس اتحاد الكتاب العرب، د. حسين جمعة هو نفسه مندهش من إثارة قضية سعد الله ونوس، ويرى أنها مفتعلة ومبالغ بها! فمنذ أن أثار القضية أحد الصحافيين، لا تزال تتفاعل وتكبر، وكلما أوشكت أن تخمد تتجدد، ولعل مرد ذلك بالدرجة الأولى لمكانة الراحل سعد الله ونوس الأدبية، وقد بدا وكأنه يتعرض لاعتداء من قبل مؤسسة رسمية! ورغم ما يبدو من تضخيم وتسييس في بعض الأحيان إلا أن الأمر لا يخلو من إيجابيات، فقد نجحت الصحافة في إحياء سجال ثقافي من قضية، الجانب الظاهر فيها نقابي، وجوهرها ثقافي. وتصادف ذلك مع مرور يوم المسرح العالمي في 27 (مارس) آذار الماضي. وكان الراحل ونوس أول العرب الذين تحدثوا بهذه المناسبة عام 1996. ومن بين المقالات العديدة التي كتبت حول هذه القضية، كانت ثمة مقالات نقدية، وقراءات جديدة لمسرحيات سعد الله ونوس، ومناسبة لتذكره على نطاق واسع. فجاء الإنكار، سواء أكان صحيحاً أو مزعوماً، عن قصد أو عن غير قصد، ليؤكد على مكانة سعد الله ونوس السامقة، وليذكر بأن الراحل لم يكن كاتباً مسرحياً فقط، بل كان أيضاً مثقفاً ومفكراً كبيراً له رؤيته وطريقته. وهو بالمناسبة من مؤسسي اتحاد الكتاب، انتسب إليه عام 1969 أي في عام تأسيسه، وتركه مع حنا مينه احتجاجاً على فصل أدونيس منه. ولم تكن العلاقة بين ونوس وإدارة الاتحاد آنذاك ودية، ويبدو أن آثار ذلك لا تزال باقية. وقد لا يحتاج سعد الله ونوس لمن يدافع عنه، فسيرته وحدها كفيلة بأن ترد عنه التهجم أو الجحود، وهذا رأي الكثير من الكتاب الذين تحدثنا معهم، ورفضوا أن يخوضوا بالموضوع، وبعضهم أعضاء في اتحاد الكتاب، بحجة أن رئيس الاتحاد نفى علناً معظم ما نسب إليه، أو أن يكون نال من شخصية الراحل أو إبداعه. وحين اتصلنا بالدكتور حسين جمعة لنسأله عن مبررات إثارة هذه القضية، وما هو رده على منتقديه، قال: "ما جرى، هو تحريف لكل الكلام، وهو هوى وعصبية من قبل آيديولوجيا تسيرها نزوات شخصية". وقال أيضاً : لقد حملوني كلام المحامي الذي حرف أيضاً، وفسر على غير مقاصده، فهو قال عبارة:"لو افترضنا جدلاً صحة اعتبار ونوس كاتباً…"، وكان يقصد أن الراحل لم يكن عضواً في الاتحاد حسب الوثائق المثبتة بين يديه، ولم يكن يريد بها أنه ليس مبدعاً. هذا ما أوضحه المحامي وهو ثابت أمام القضاء وعلى مر سبع سنوات حتى الآن".

وقال جمعة: "الحديث في هذا الموضوع ووفق هذا الإطار، هو خسارة للجميع، ولم يخطر في بالي يوماً أن أقف هذا الموقف، ولم أكن معنياً بالرد على كل من شارك في الغمز واللمز في أي جريدة. وقضية التعويض المرفوعة من قبل فائزة شاويش (زوجة ونوس) تعود إلى عام 2000 حول مشروعية عضوية المرحوم في الاتحاد بعد إعلان انسحابه الكامل منه وفق ما يعرفه القاصي والداني في قرار فصل أدونيس، وهو خلاف سابق لوجودي في رئاسة الاتحاد. وكانت فائزة قد رفضت مشاركة الاتحاد بتأبين زوجها يوم وفاته، ورفضت استقبال وفد الاتحاد لتقديم التعازي".

ونفى جمعة أن يكون ثمة حكم قضائي، أو يكون الاتحاد قد استأنف هذا الحكم :"القضاء لم يبت بعد بالقضية، وقرارنا في الاتحاد، ان أي حكم يصدر ولو كان ضد الاتحاد، سننفذه". وعن ما نسب إليه من اتهام سعد الله بالسرقة من المسرحي النهضوي أبي خليل القباني، قال جمعة: "المحاضرة مضى عليها حوالي ثلاث سنوات، أي قبل أن أكون رئيساً للاتحاد، تحدثت فيها لطلابي مشافهة عن المسرحية في الأدب العربي، وتناولت في المحاضرة بعض مسرحيات ونوس وأشرت إلى أنه وغيره أفادوا من التراث، وأفاد من مسرح أبي خليل القباني، وهو الذي كتب مسرحية "سهرة مع أبي خليل القباني" مضمناً نص القباني (غانم بن أيوب وقوت القلوب) إعجاباً وتأثراً به، واتباعاً لمنهجه، ما يعني أنه أخذ منه وطور. هذا ما جاء في المحاضرة وما يدل عليه مصطلح الاقتباس والتضمين في النقد الأدبي. بيد أن من يتحدث في غير ميدان النقد الجامعي الأكاديمي يذهب في التأويل مذاهب أخرى لم تخطر في بالنا. لقد أثنيت في المحاضرة على ونوس، ولا أنكر أنه مبدع، وللأستاذ الجامعي من حرية النقد ما يجعله يرى رأياً مغايراً للعديد من الآراء، اللهم إلا إذا أريد للأستاذ أن يردد ما يحبه الآخرون". وقال جمعة: لقد تم اقتطاع الكلام من سياقه، وأؤكد أنني أثنيت على سعد الله ونوس بما لا يخطر في بال أحد، علماً بأن أي رأي نقدي هو رأي أستاذ أكاديمي لا علاقة له برأي رئيس الاتحاد ولا علاقة للمؤسسة به. ويتساءل جمعة:"ما السبب الذي جعل هذه الزوبعة تطير هنا وهناك؟ هل هو مجرد المطالبة بالتعويض؟ بالتأكيد لا؛ لأن الأمر تخطى جلب محاضرة قديمة في الجامعة، ومثل كرة الثلج، استغلت من قبل بعض الذين لهم مآرب". وذكر جمعة أنه بصدد كتابة رد هادئ على مهاجميه لأنه لا يتقن لغة السباب والشتائم، وسينشر بعنوان:"أرباب الحرف يستفيقون دائماً".

ومن جهة أخرى، اتصلنا بديما ابنة سعد الله ونوس لاستيضاحها حول ما استجد في القضية، وحول نفي الدكتور جمعة لما نسب إليه، وكان ردها انها لن تدلي بتصريحات: لأن الموضوع حساس، وبات بيد القضاء".إذاً احتكم الطرفان للقضاء، وتبقى القضية لمن يريد الفصل بين ما هو إعلامي وثقافي.