المهاجرون وأوهام الأرض الموعودة

«حشيش» جزء جديد من خماسية للروائي المغربي يوسف فاضل

TT

عبد الرحيم العلام مما لا شك فيه أن الكتابة الروائية لها مكانة خاصة داخل المسار الإبداعي ليوسف فاضل، فهو إلى جانب انشغاله العاشق بالكتابة المسرحية والسينمائية، فإن الكتابة الروائية عنده يبقى لها طعم خاص ومتميز، وبإيقاع كتابي دينامي ومتنام. فبصدور رواية «حشيش» عن دار «الفنك» بالدار البيضاء يكون يوسف فاضل قد أكمل، الآن، خماسية روائية لها مكانتها الأساس داخل التراكم الروائي بالمغرب، منذ روايته الأولى «الخنازير» (1983) مرورا بروايته «أغمات» (1990) ورواية «سلستينا» (1992) فرواية «ملك اليهود» (1996)، وصولا إلى رواية «حشيش» (2000). فباستثناء رواية «ملك اليهود» التي يتكون عنوانها من كلمتين متجاورتين، فإن بقية روايات يوسف فاضل ظلت وفية لعناوين تتكون من كلمة واحدة، ويتعلق الأمر، هنا، باقتصاد لفظي خارج نصي يشكل أحد المرتكزات الأساسية التي تتأسس عليها الكتابة الروائية عند يوسف فاضل من الداخل أيضا، بما هي كتابة تقوم على الاقتصاد السردي، وعلى الشذرية والجمل القصيرة واللغة المقترة، كما تقوم على الصور والمشاهد والمقاطع، وهو شكل من الكتابة تبقى له خصوصيته وصعوبته في الآن ذاته.

ويعتبر يوسف فاضل أحد أهم الروائيين المغاربة الذين يتقنون ما يمكن تسميته، هنا، بالكتابة المقترة، بعيدا عن أي شكل من أشكال الاطناب أو التمطيط المبالغ فيه وغير المجدي في أحيان كثيرة، وفي مجموعة من نصوصنا الروائية المغربية. من ثم، فإن الاهتمام ببناء النفس الروائي في نصوص يوسف فاضل ما فتئ يتقوى نصا بعد آخر، خارج دائرة ما أشرنا إليه في السابق بالاطناب غير المبرر. فروايته الأخيرة يصل عدد صفحاتها إلى ثلاثمائة صفحة، مطبوعة بالجمل القصيرة ذات اللغة المشعرنة، صورة بعد أخرى، وصفحة تلو صفحة. فحتى الحوارات، التي اختار لها يوسف فاضل شكلا طباعيا خاصا، لا نصادفها أمام قراءتنا إلا عند الضرورة القصوى، أي بعد أن تكون هناك حاجة ماسة اليها.

يوسف فاضل، إذن، روائي حقيقي ذو رؤية ثاقبة لطبيعة التغيرات الطارئة في المجتمع المغربي، بكل مكوناته وتحولاته البنيوية.. ففي كل تجربة روائية يقتحمها هذا الكاتب يعبر بنا هذا النص أو ذاك داخل فضاءات وعوالم جديدة تكون قد اكتملت عناصرها داخل تفكيره. معنى ذلك أن يوسف فاضل لا يترصد قضايا المجتمع عن بعد مسافة، بل انطلاقا من الداخل، ولو تعلق الأمر، هنا، بأقاصي الهامش في المجتمع الذي يرصده.

هكذا نجد، في رواية «حشيش» بأن يوسف فاضل قد تنبه بذكاء إبداعي لافت إلى منطقة جغرافية ذات خصوصية بشمال المغرب، باعتبارها منطقة تؤسس لنفسها، مرحلة بعد أخرى وبإيقاع سريع، تراكماتها وقضاياها وأسئلتها وإفرازاتها، بموازاة مع تحولاتها الاجتماعية الطارئة، المرتبطة أساسا بقضايا (التهريب والمخدرات والهجرة السرية والبطالة) إلى جانب ملاحقة الرواية لأسئلة الذات والهوية والآخر، مع ما يرتبط بكل هذه القضايا والأسئلة من مغامرات وما تفرزه من مصائر وصيرورات سلبية في معظمها، هاته التي غالبا ما يتم عبرها إدخال الشخوص، والحيوان والطبيعة، في دائرة الاختفاء والتلاشي والموت المؤجل أو النهائي.

إن ارتكاز رواية «حشيش» على الكتابة المقطعية، دون الفصول، (83 مقطعا قصيرا) يجعل بنيتها السردية جد معقدة، انطلاقا من تميزها بالعديد من التكسيرات والتشابكات المتداخلة، بحيث تنتفي الخطية، في هذه الرواية، أمام هيمنة التناوب الحكائي فيها، وذلك على اعتبار كونها رواية تقوم بنيتها الحكائية على تضمين سلسلة من المحكيات الصغرى في ارتباطها بعدد معين من الشخوص (محكي مريم، محكي حسن، محكي الفيلسوف، محكي الحاج، محكي رئيس الدرك، محكي المومسات، محكي المهاجرين الغرباء)، وغيرها من المحكيات الأخرى، الصغرى، هاته التي تصب جميعها في المسار الحكائي العام، وذات التأثير الكبير في تشكله وتلوينه. كما تتبادل مجموع هذه المحكيات، في ما بينها، مستويات من التناوب في الظهور والاختفاء، بين مقطع روائي وآخر، بمثل ذلك التناوب الزمني لفصول السنة في الرواية.

هكذا، إذن، تكون أول ميزة تحققها الكتابة في هذه الرواية هي كثرة الحركة. فلا شيء يستقر على حاله في هذا النص، السرد، كما الشخوص والطبيعة والمصائر. فحتى الموضوعات التي تستثمرها هذه الرواية يصبح من الصعوبة الحسم في هيمنة موضوع منها دون آخر، على مستوى البنية الحكائية العامة. فإذا كانت الهجرة السرية هي التي تشكل الحكاية الإطار التي تنفتح وتنغلق عليها هذه الرواية، في ارتباطها خصوصا بشخصية مريم، ثم بعدد آخر من الشخوص التي يصب تفكيرها العام في ذات الحكاية، فإن بقية الموضوعات الأخرى لا تقل أهمية من حيث هيمنتها على البنية الحكائية العامة في الرواية، كثيمات: الجنس والمرأة والموت والانتظار والعلاقة بالآخر.

ومع ذلك، فإن موضوع الهجرة يبقى هو الإطار الذي يشد إليه بقية الحكايات والشخوص، بالرغم من كونه يبرز في النص كذريعة فقط لتحريك العديد من الأحداث والمصائر، شأنه في ذلك شأن موضوع المخدرات. وقد تمكن يوسف فاضل من الاشتغال على هذه الثيمة (أي الهجرة) ليس من منظور سطحي وتقريري، ولكن من زاوية التغلغل في العوالم وفي الخلفيات النفسية والذهنية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية، المحيطة بهذه الثيمة، والمؤطرة لتفاعلاته وإرغاماته الذاتية، في ارتباطها كذلك، وأساسا، بسؤالي الكينونة والهوية.

والرواية، بهذا المعنى، إنما ترصد سيرة جماعية لشخوص كثيرا ما تدخلت المصادفات والأقدار في تشكلها وتبلورها، الأمر الذي أفضى، في النهاية، إلى ما يشبه ملحمة جماعية، من زمننا الراهن، عن تحولات فئة اجتماعية معينة، وهي تبحث لنفسها ليس عن قيم أصيلة في مجتمع متدهور، ولكن عن خلاص محتمل في مجتمع مأزوم. هي، إذن، شخوص في الصيرورة، حيث إنه لا أحد من الشخوص يبقى في وضعيته وعلى حاله، الكل يتحول نحو اللارجعة، نحو الأمام، من دون التفكير في الوراء، الأمر الذي أضفى على هذه الرواية نوعا من الديناميكية في السرد والدلالة. إلا أنها صيرورات تبقى مرتبطة بالعديد من الإرغامات التي توجهها وجهات أخرى غير تلك المرغوب فيها، أي نحو آفاق كثيرا ما تصطدم عندها الشخوص بالانغلاقية والسلبية والعدمية. فجل الشخوص، في هذه الرواية، تبدو حاملة لأحلام أكبر منها، لكن سرعان ما تصطدم أحلامها تلك بالانكسار والإحباط وخيبات الأمل والتلاشي عند حدود ذلك الأفق المسدود، هذا الذي يشكل البحر أبعد نقطة فيه وأكبرها.

لقد استطاع يوسف فاضل حقا أن يشيد في روايته «حشيش» عالما متماسكا وطافحا بالحياة وبكثرة الحركة والمواقف والحالات والاصطدامات والتعارضات، باعتباره، أيضا، عالما يعج بالكثير من المفاجآت والاحتمالات التي يخلقها السرد حينا والحكايات حينا آخر. كما أنه عالم يبدو أكثر غرابة من الواقع نفسه. والرواية بذلك، إنما تشدنا إليها من البداية إلى النهاية، كما أنها تفرض علينا، نحن القراء، حالات من التقلب، حيث تتسلل إلى دواخلنا العديد من الأحاسيس إلى الحدود التي تجعلنا فيها هذه الرواية يتملكنا نوع من الخوف، ليس من طبيعة الوقائع والمفاجآت السوداء التي تحكيها، أو من ضغط الواقع وعنفه، كما تتمثله الرواية، ولكن الخوف كذلك عن هذا المجتمع الذي تستوحيه الرواية، وقد اهتزت قيمه، فبدا أمانا عاريا بصراعاته وأوهامه وأحلامه الموقوفة التنفيذ، وعاريا أمامنا أيضا من ماضيه ومن ذاكرته. فالشخوص، في هذه الرواية، تبدو وكأنها لا ذاكرة لها إلا الأوهام التي تؤرقها وتترصدها، في النوم وفي اليقظة. كما أنها رواية تشدنا إليها في مستوى آخر، بما تفجره فينا من ضحك، انطلاقا من كثرة السخرية والتهكم فيها، بحيث تجعلنا هذه الرواية نضحك كثيرا من تأزم الشخوص ومن تغير العالم من حولها.

وقد تمكنت الرواية، بالفعل، من تحقيق هذا المستوى التعبيري فيها بواسطة مجموعة من السياقات التلفظية المنتقاة بذكاء، وبقدرة لغوية على لسان الشخوص، وقد اخترق ضغط اليومي والعابر ذواتها وحيواتها وأوضاعها، انطلاقا، هنا، من مفهوم خاص للزمن.

من ثم، فالعالم الذي ترصده هذه الرواية لا يخرج، في صورته ومكوناته، عن صورة العوالم السفلى والهامشية التي تنتمي إليها الشخوص، بما يكتنف هذه العوالم من حالات رهيبة وظواهر وعلائق محكومة بالدونية. كما أنه عالم صدامي مشتت، عالم المغامرات الخطيرة والحشيش والقمار والهجرة السرية والدعارة والحانات والمشاجرات والتهريب والخوف والكوابيس والتسكع والخيانة والإحباط والروابط العائلية الزائفة والنفاق والمكر والمؤامرات الفردية والجماعية، إلى جانب كونه، كذلك، عالما مطبوعا بالانهيارات والنهايات المأساوية والتلاشي والجنون والهدم والإتلاف والشك والفساد والموت. فكل شيء، في هذا العالم، يتعرض لنهايات حتمية وقاسية، الإنسان والحيوان والطبيعة. فحتى عنزات جدة رئيس الدرك قد أتت على حديقة بناية الدرك، بشجرها وأزهارها ولبلابها، كما ظهرت الغابة، في الأخير، وقد تعرت من شجرها على أيدي سارقي الخشب.

بموازاة مع هذا المجتمع، الذي ترصده الرواية، بمختلف مكوناته وشرائحه الاجتماعية وشخوصه، تستوحي الرواية مجتمعا هامشيا حالما هو أيضا، مجتمع نبت بجانب المجتمع «الأصلي»، يتشكل من مهاجرين من هويات مختلفة: أفارقة وسود ومغاربيين وهنود وباكستانيين، يحلمون جميعا بموسم هجرة جديدة إلى الشمال. وهو المجتمع الذي ما فتئ يشيد من حوله فضاء جديدا من الحكايات والمغامرات والطقوس، كما يفرز من حوله أسئلته الخاصة وأوهامه التي تنضاف إلى سلسلة الأوهام التي تؤطر تفكير بقية الشخوص، وهي في حالة ترقب لأجل الانطلاق نحو العبور إلى الضفة الأخرى المحلوم بها، هناك حيث يوجد الفردوس المفقود، وحيث يتأسس منطق آخر للحياة والعيش والاستقرار، كما يتأسس مفهوم آخر للحقيقة الضائعة. أما هنا والآن، في نقطة الانطلاق، فإن خاصية التفكك والاصطدام، هي التي توطر علائق الشخوص، حيث تنعدم أية «روابط» في ما بينها، بالمفهوم الاجتماعي للكلمة، وذلك حتى على مستوى البنية القرابية، القائمة بكثافة بين مجموعة من الشخوص. فأفراد أسرة السي امبارك، مثلا، لا شيء يجمع بين أفرادها سوى التفكك والكيد بين الإخوة الأعداء (حسن ـ الحاج ـ الفيلسوف). نفس الأمر، كذلك، يطبع نوعية العلاقات بين أفراد عائلة رئيس الدرك، هؤلاء الذين يتناوبون على افتراسه حيا، على حد تعبير رئيس الدرك نفسه. يحدث هذا، أيضا، من منطلق كون هذه المنطقة، التي تدور فيها الأحداث، هي منذورة فقط للهروب والاختفاء والخراب والموت وانهيار القيم وتلاشي العديد من المفاهيم بعد أن أصبح يطبعها الابتذال، كمفهوم الزواج والأسرة والجماعة.

ويخيم الموت، في هذه الرواية، بظلاله وبمفهومه الواسع: الموت البيولوجي، موت الهويات، موت الأحاسيس، موت الطبيعة. كما أن هناك موتى يلفظهم البحر وآخرون يلفظهم البر. فبقدر ما يتقدم الناس، في هذه الرواية، نحو الأمام، نحو الفردوس المفقود، وهم أحياء، بقدر ما يعيدهم البحر إلى الوراء، موتى تتقاذفهم الأمواج، وكأن البحر، بذلك، قد حقق نوعا من الإشباع، نتيجة كثرة القرابين التي تذهب إليه عن طواعية، بعد أن أهلكها الضجر والسأم في أوطانها. غير أن أبشع الميتات، في هذه الرواية، تبقى هي تلك التي تعرضت لها مريم في البحر، بعد أن أضحى حلمها بالهجرة إلى اسبانيا كابوسا، أي بعد تجربة قاسية مع المعاناة والاعتداء الجنسي عليها من طرف المحلوم بهم، أي الإسبان، فماتت، هي أيضا، في البحر.

خارج ذلك، تكشف هذه الرواية عن بنية رمزية دالة، وكأنها بذلك إنما تزاوج بين ثلاثة مستويات من المنظورات:

ـ منظور اجتماعي متكافئ، تكشف عنه العلاقات المباشرة بين الشخوص، وهي تبحث عن أشياء مفتقدة لديها، وعن خلاص محتمل لذواتها داخل مجتمع مأزوم.

ـ منظور اجتماعي غير متكافئ، يظهر من خلال طبيعة العلاقة القائمة في الرواية بين المجتمع والسلطة المجسدة، هنا، في رجال الدرك. وصورة السلطة، في هذا النص، يخضعها الكاتب بدورها للابتذال والسخرية، كما يفرغها من محتواها المخزني، حيث ان السائق الذي داس بشاحنته الحاج تم الإفراج عنه من مقر الدرك بعد أن وعد بأنه سيصبح دركيا هو أيضا.

ـ منظور تاريخي، تضمره لغات الشخوص بين ثنايا محكياتها، وخصوصا ما يتصل منه بسؤالي الهوية والكينونة، في ارتباطهما بطبيعة العلاقة القائمة تاريخ الأنا وتاريخ الآخر.

وإذا كان المنظوران، الأول والثاني، هما اللذان تتأسس عليهما مجمل حكايات هذه الرواية، فإن المنظور الثالث يتسلل بين الفينة والأخرى بين ثنايا خطابات الشخوص، وخصوصا ما يتصل بطبيعة هذه العلاقة التاريخية المتبدلة في الزمن بين حضارتين وثقافتين: بين الجنوب والشمال، بما هي علاقة تعاد صياغتها، في هذه الرواية، من منظورات متباينة.

ومن بين أهم الخاصيات التحليلية التي تلفت الانتباه، في هذه الرواية، نشير، أيضا، إلى طبيعة العلاقات القائمة بين الشخوص. فقد تمكن يوسف فاضل من بناء عالم روائي يعج بالعديد من الشخوص التي تتفرع حكاياتها وتتناسل من مقطع روائي إلى آخر، يصبح معها من الصعوبة تلخيص مختلف الحالات والأوضاع التي تشيدها هذه الرواية. هي، إذن، علاقات يطبعها التعقيد أحيانا والدرامية أحيانا أخرى، على اعتبار أن هذه الرواية تقدم شخوصها وهي في وضعية لهاث وتذمر وخوف وتردد وتيه وعراء، بما هي شخوص تصطدم مساراتها العامة ورغائبها الخاصة بنوع من الحصر (blocage)، نتيجة دخولها في صراع مع نفسها ومع الآخرين ومع الأوهام والأحلام ومع الزمن. ويكفي، هنا، أن نقف عند طبيعة العلاقات القائمة بين شخصية مريم وبقية شخوص الرواية (حسن ـ الحاج امبارك ـ الحاج ـ الفيلسوف ـ رئيس الدرك ـ مومسات دار التطوانية ـ الإسبان الثلاثة...) لكي نلمس عن كثب مدى التشعب والتشابك اللذين يطبعان العلاقات بين الشخوص التي تقدمها هذه الرواية، بكثافة وبقدرة تعبيرية فائقة.

ويعتبر عنصر الزمن، أيضا، من بين أهم المحافل السردية والتخييلية التي اشتغلت عليها هذه الرواية، انطلاقا من مستويات متعددة لتشغيله، حيث انه بالإمكان تتبع مسارات الحكي والشخوص من خلال مجموعة من الصور التي ترصد تبدل الأزمنة وتداخلها في الرواية: (كزمن طبيعي، من خلال تعاقب فصول السنة، وكزمن يومي، من خلال تعاقب حركة الليل والنهار، وكزمن نفسي، من خلال فعل الانتظار: انتظار المهاجرين السريين للحظة العبور إلى الضفة الأخرى، انتظار ظهور مريم مجددا بعد اختفائها الذي دوخ البعض، انتظار رئيس الدرك للاستقالة)، وكزمن بيولوجي للشخوص، هذه التي تتبع الرواية تحولاتها في الزمن، انطلاقا من تبدل حالاتها وأوضاعها البيولوجية (على المستوى الزمني)، وكزمن تاريخي يحكي عن تبدل الأوضاع العامة، وخصوصا في اسبانيا، أي بعد أن تغير وضعها التاريخي والاجتماعي والاقتصادي، من شعب كان في وضعية الحاجة إلى شعب أصبح في وضعية المرغوب فيه، وكزمن أسطوري يجسد البحر أحد مكوناته الأساس. وغيرها من المستويات الزمنية المتخللة، هاته التي تقوم، بتلويناتها وتحولاتها، بالتأثير في المسارين الحكائي والدلالي للرواية.