من يصنع قراراتنا.. الفيل أم النملة؟

برنامج من 5 خطوات لقيادة الذات قبل قيادة الآخرين

TT

كيف ستقود التغيير بمنظمتك؟ وكيف تضمن أن يستمر التغيير لما بعد الأسابيع الأولى؟ وكيف يمكن التعامل مع الموظفين بأسلوب غير أسلوب الأوامر والتحكم؟ تشغل مثل هذه الأسئلة تفكير قادة اليوم، ويجيب عنها من منظور جديد أحد خبراء عالم الأعمال فينس بوسينتي في مفهوم بسيط وهو أنه قبل أن يصل أي فرد لتحقيق إمكاناته الكاملة كقائد، ينبغي أن يتمكن أولاً من قيادة ذاته؛ وذلك بأن يستثمر مهاراته الطبيعية ويتحدى العادات التي تعوق نموه ويتمكن من إدارة انفعالاته السلبية التي تقف بينه وبين تحقيق أهدافه، وهو ما يمكن الوصول إليه من خلال توضيح كيف تتواصل النملة مع الفيل بداخل كل منا.

من المعروف ان العقل الإنساني ينقسم إلى منطقتين: منطقة الوعي، ومنطقة اللاوعي، وشبه المؤلف الجزء الإرادي من المخ وهو المسؤول عن أفكارنا النقدية والتحليلية بأنه "النملة". أما "الفيل" فهو الجزء الغريزي المندفع والمسؤول عن الانفعالات والذكريات، وهو أيضاً المسؤول عن توجيه الجسد لأداء وظائفه الحيوية. وبينما نميل إلى معرفة وإدراك عقولنا الواعية ـ النمل ـ جيداً، عادة ما نغفل قوة عقل اللاوعي ـ الفيل ـ وحين نقوم بهذا فإننا لسوء الحظ نضيع نبعاً للإمكانات البشرية هباء منثورا.

تخيل نملة ضئيلة لا قوة لها تستقر على ظهر فيل أفريقي عملاق تسير بخطى حثيثة نحو الشرق، ولكن إذا كان الفيل الذي تستقر على ظهره يتجه نحو الاتجاه المعاكس، إلى أين سينتهي بها المطاف؟

وبالمثل سنجد أننا نتخلف عن طريق تحقيق أهدافنا إذا لم يسر كل من عقلينا الواعي واللاواعي بمحاذاة كل منهما الآخر. فما هي تلك الجوانب في شخصياتنا التي تشبه ذلك الفيل الأفريقي العملاق وتعوقنا عن مواجهة التحديات التي نقابلها؟ وكيف تتدخل مشاعرنا في طريق قدرتنا على التصرف والتواصل بفعالية؟ وما الذي يعنيه حقاً الالتزام بتحقيق أحد الأهداف؟ قد يدرك القائد الجيد أن لديه عادات تنتمي إلى فصيلة الأفيال تحجبه عن هدفه، إلا أن القائد العظيم هو من يفعل شيئاً حيال هذا؛ بحيث يواجه السلوكيات والعادات المتأصلة التي تقيده على مستوى اللاوعي، ويعمل على تجديد معتقداته واتجاهاته والحقائق المتأصلة بداخله بالشكل الذي يدعم جهوده الواعية.

لكن من يملك زمام التحكم، العقل الواعي أم عقل اللاوعي؟ ومن يصنع القرارات، الفيل أم النملة؟ وحين تمارس دورك القيادي في التوجيه المنطقي المتماسك، فأي جزء من المخ وصلت إليه: العقل الواعي بحجم النملة، أم اللاواعي بحجم الفيل؟

يستشهد المؤلف في دعم نظريته بدراسات علم النفس مثل دراسة د. لي بولوس الخاصة بحجم العقل الواعي واللاواعي، ويقدم برنامجاً من خمس خطوات أطلق عليه (Cs) لإيقاظ الفيل الكامن بالداخل وتحقيق تأثير عميق طويل المدى بالآخرين: (1) وضوح الرؤية: القيام بتوضيح الرؤية بعد تحديد الأهداف والأسباب الجوهرية وراء أهميتها لك ولمنظمتك. (2) الالتزام: أن تدرك أهمية أفكارك وأفعالك للفيل بداخلك وبداخل أفراد فريق العمل، فتلتزم بتغذيته بالأفكار الإيجابية، وتتعلم كيفية توجيه وقيادة اللاوعي عبر المعتقدات والاتجاهات والحقائق التي تتواءم مع هدفك. (3) المثابرة: استخدام "نقاط ذهبية" كعلامات تذكيرية على طول الطريق الموصل للهدف. (4) الثقة: تذكر دائماً القاعدة الفيزيائية القديمة "لا يمكن أن يحتل شيئان نفس المساحة في نفس الوقت" وذلك يعني ضرورة تنحية الأفكار السلبية التي تلتهم الثقة جانباً لتفسح المجال للأفكار الإيجابية. (5) التحكم: قد لا نتمكن من التحكم التام بالبيئة المحيطة، ولكننا يمكن أن نتحكم فيما نجلبه لها.

وبعد العمل على هذا البرنامج وخطوات العمل المقترحة لتنفيذ بنوده، تتمكن النملة من التواصل بفعالية مع الفيل القوي، وهنا فقط ومع تحقيق الاتساق بينهما يتوصل المرء إلى حل قوي للقيادة بمعناها الذي يتجاوز قيادة الآخرين إلى قيادة الذات.