حين يختلط الدين بالسياسة

TT

طبعا، لم يعلن الرئيس بوش الحرب ضد الإسلام والمسلمين (لن يقدر، ولن يفعل). لكن، بعد أكثر من ست سنوات على بداية حرب الإرهاب، صار واضحا أن بوش يقود حربا غير مباشرة ضد الإسلام والمسلمين. وانه لم يقدر على أن يتخلص (أو لا يريد أن يتخلص) من نفوذ "النيوكون" (المحافظين الجدد: تحالف جمهوريين محافظين، ومسيحيين متطرفين، ويهود صهاينة).

يكرر بوش و"النيوكون" أن الحرب ضد ما يسمونهم "المسلمين المتطرفين" أو "الجهاديين" أو "المسلمين النازيين" أو "المسلمين الفاشستيين" أو "المسلمين الخلافيين (الذين يريدون تأسيس الخلافة الإسلامية في بلاد المسلمين وفي بلاد الغرب).

ربما يفهم هذا الكلام، لكن هناك نقطتين:

أولا، لا بوش ولا "النيوكون" استطاعوا وضع خط فاصل بين هؤلاء وبين بقية المسلمين. بل وأحيانا يبدو وكأن كل من يعارضهم هو "مسلم متطرف".

ثانيا، يظل بوش وحلفاؤه يستعملون كلمات وعبارات دينية، مثل "قوى الشر" و"الشياطين"، و"الله معنا".

لهذا، اختار المساهمون في هذا الكتاب "الله معنا: حرب الإرهاب: سياسات وعقائد" اسم "الله معنا" ليؤكدوا بأنه لا يوجد إنسان يعرف رأي الله في مخلوقاته، وجاء فيه: "يقول كل جانب في حرب الإرهاب أن الله معه. قال بوش إن حربه ضد "الأشرار"، وقال بن لادن إن جهاده ضد "أعداء الإسلام". لكن، يتعقد الوضع بسبب هذه المواقف المتطرفة، وهذا الاعتماد على التفسيرات الدينية. وهاهم المتطرفون في كل جانب يستغلون مثل هذه التصريحات لتحقيق اهدافهم".

وأضاف الكتاب: "اتفق المسلمون والمسيحيون المعتدلون، وهم الأغلبية، على أن الرئيس بوش تخطى الخط التاريخي الفاصل بين الدين والسياسة عندما مال كثيرا نحو اليمين الأميركي المسيحي الذي صوت له اعضاؤه بالملايين في انتخابات رئاسة الجمهورية الأخيرة (سنة 2004)". وانتقد الكتاب، بالاسم، تصريحات القس فرانكلين غراهام، التي قال فيها: "سيحارب الإسلام والمسيحية بعضهما بعضا حتى يوم القيامة".

وركز المساهمون فيه على ثلاثة مواضيع:

أولا: "النيوكون" الذي خلق تحالفا غريبا بين مسيحيين متطرفين ويهود معتدلين (بالإضافة إلى المتطرفين).

ثانيا: دور إسرائيل وأمنها في هذا الموضوع، واعتمادها على تفسيرات دينية يستعملها المسيحيون المتطرفون.

ثالثا: المسلمون المتطرفون، والشعارات التي يرفعونها، وأعمال العنف والإرهاب التي يقومون بها.

وقدم مواضيع بالعناوين الآتية: "الاعتماد على الكذب في الحرب ضد الارهاب" و"لا يتفق الناس حتى على تفسير كلمة إرهاب" و"المواجهة بين الإسلام وإسرائيل" و"اعتماد السياسة الخارجية الأميركية على تفسيرات في الإنجيل" و"العنف في الإسلام" و"تحالف غريب بين الصهيونية والمعمدانية" و"التحدي الذي يواجه المسلمين في أميركا".

كتب عن الموضوع الأخير زيد شاكر، وهو أميركي اعتنق الإسلام، ويدرس الآن في جامعة ساثيرن كونيتيكت. بدأ بانتقاد المسلمين في أميركا لأنهم "لم يقدروا على مواجهة أسئلة الأميركيين بعد هجوم 11 سبتمبر عن ما هو الإسلام؟، وبرهنوا على ضعف المسلمين في إقامة حوار على مستوى متساو مع الأميركيين. ولم يقدروا على تقديم شرح مقنع للأميركيين عن التزام الإسلام بحقوق الإنسان" (بسبب اهتمام هؤلاء بقضايا مثل: حقوق النساء، وحقوق الصغار، وحقوق الأجانب، وحقوق الرقيق، وحقوق المثليين جنسيا).

وقال إن الإسلام ارتبط تاريخيا في أميركا بحقوق الإنسان، لأن الرقيق السود من أفريقيا كانوا أول من جاء بالإسلام إلى هذا البلد.