بيروت عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009

كتب مخصصة للأطفال والمراهقين لتشجيعهم على القراءة

TT

بعد الاسكندرية، المدينة العربية الأولى التي أعلنتها منظمة اليونيسكو عاصمة عالمية للكتاب عام 2002، اختيرت بيروت لتحمل هذا اللقب عام 2009 بعد منافسة دول مثل تايلاند وأفريقيا الجنوبية وبانكوك وكيب تاون وكازان وروسيا.

هذا الاعلان بحد ذاته شكل حدثا مهما بالنسبة الى اللبنانيين بشكل عام ولدور النشر والمطابع والمكتبات اضافة الى الكتّاب العرب في كل الدول العربية، اذ سيكون محطة لاجتماع هؤلاء تحت راية بيروت التي لا تزال تناضل للاحتفاظ بموقعها الثقافي رغم أن الواقع يكشف تفوق السوق الانتاجي على السوق الاستهلاكي نظرا لغياب الاهتمام بالقراءة وبالتالي عدم شيوع هذه الظاهرة بشكل ملحوظ.

لغاية اليوم يمكن القول إن استعدادات المعنيين بهذا الحدث لا تزال غير ناضجة وتبقى في اطار الاقتراحات التي تتلقاها وزارة الثقافة لغاية أكتوبر (تشرين الأول) 2007 كي تشكل في ما بعد لجنة وطنية تنبثق عنها مجموعة عمل تنفيذية تقع على عاتقها مهمة اختيار النشاطات وتنظيمها بالتنسيق مع النقابات المعنية بصناعة الكتاب من إنتاجه وطباعته ونشره. وكان وزير الثقافة اللبناني الدكتور طارق متري قد حدد الفترة الممتدة من أبريل (نيسان) 2009 الى أبريل 2010، سنة الاحتفال بهذا الحدث متضمنا بذلك تاريخ اليوم العالمي للكتاب الذي يحتفل به سنويا في لبنان تحت عنوان «أسبوع المطالعة»، كما أشار الى أنه سيتم في هذا العام انجاز مشاريع ثقافية عدة أهمها إقامة مكتبات عامة ومراكز ثقافية خارج بيروت وخصوصا في الأرياف اللبنانية. وفي حين يجمع مديرو دور النشر في لبنان على أهمية هذا الحدث وعلى آثاره الإيجابية، وان كانت معنوية في معظمها، يؤكدون ضرورة العمل على نجاحه بشكل لائق.

ايراني: ضمان مبدأ التنوع

يقول نقيب الناشرين اللبنانيين ومدير دار الكتاب العربي ودار أكاديميا للنشر محمد ايراني: «إن هذا الحدث هو ثمرة تعاون بين اتحاد الناشرين في لبنان ووزارة الثقافة اللبنانية التي قامت بكل الاجراءات اللازمة للفوز بهذا اللقب. وبيروت جديرة بأن تكون عاصمة للكتاب وقد لعبت المعايير التي تمتلكها دورا مهما في الوصول الى هذه النتيجة وأهمها تاريخ هذه المدينة وحضارتها رغم كل الأزمات التي تمر بها».

وعن التحضيرات التي تقوم بها النقابة للاحتفال بهذا الحدث، يشير أيراني الى ان «نقابة الناشرين ونقابة الكتاب ونقابة المطابع ونقابة المكتبات الخاصة ونقابة المكتبات العامة وكل من له علاقة بهذا الموضوع له مشاريع أعمال ومقترحات كي يتم مناقشتها في ما بعد مع اللجنة التي تعينها وزارة الثقافة للوصول الى أهم الأفكار التي تحكي تاريخ المدينة وعلاقتها بالكتاب». وستقوم كل من أكاديميا ودار الكتاب العربي خلال هذا العام بخطوات خاصة ترتكز على التواصل مع مؤلفين لبنانيين وعرب لتنظيم معارض وانتاج كتب جديدة أو اعادة طباعة مؤلفات قديمة بحلة جديدة مرفقة بإشارة أو جملة ما تذكر بهذا الحدث.

أما في ما يتعلق بالمعايير التي حددتها وزارة الثقافة اللبنانية، كي يتم على أساسها الاعداد للنشاطات وتنظيمها للاحتفال بعاصمة الكتاب، فهي ترتكز على مبدأ ضمان التنوع، لكي تشمل كتب الأطفال والكتب العربية والأجنبية والحرص على أن تجمع هذه النشاطات أكثر من هيئة أو جمعية أو مؤسسة في نشاط واحد، وتشدد الوزارة على ضرورة أن تكون هذه البرامج قادرة على الاستمرار ما بعد العام 2009. وأكد متري أن الدولة اللبنانية وبلدية بيروت ستلتزم بتغطية جزء من تكلفة النشاطات، كما ستعمل الوزارة على الاعداد لبرامج تجذب التمويل المحلي والخارجي.

شبارو: الإنتاج والاستهلاك

ويعتبر أمين عام اتحاد الناشرين العرب ومدير دار العربية للعلوم للنشر، بشار شبارو، أن اختيار بيروت عاصمة عالمية للكتاب هو تقدير لانتاجات بيروت المتميزة بتنوعها وتلونها وهي اضافة معنوية تؤكد دور هذه المدينة البارز في مجال الثقافة رغم كل الأوضاع السياسية المتردية التي يعيشها لبنان. ويرى شبارو أن هذا الاعلان مبني على معايير متعلقة بالسوق الانتاجي في لبنان والنوعية الجيدة أكثر منه بالسوق الاستهلاكي، والدليل على ذلك أن نسبة البيع المحلية في أي دار لبنانية سنويا لا تتجاوز 6 في المئة من مجمل الانتاج، فيما يصدر القسم الأكبر الى الدول العربية، وهذا ما يظهر جليا في حضور دور النشر الواضح في كل المعارض التي تنظم في هذه الدول التي تضعف اذا غاب عنها الحضور اللبناني.

وتنتظر ادارة دار العربية للعلوم إعلان شعار هذا الحدث كي تعمد الى وضعه على كل الكتب التي ستصدر في هذا العام. كما يرى شبارو أن اعطاء هذا الحدث قيمته لا يقع فقط على عاتق الدولة اللبنانية، التي يعرف الجميع الأوضاع الدقيقة التي تمر بها، اذ لا بد من تضافر جهود الطاقات الخاصة لإنجاح هذا الحدث وانتاج كتب مميزة وموضوعات يغلب عليها الطابع التكريمي وليس التجاري.

ويجمع كل من مدير التوزيع في دار الساقي عصام أبو حمدان وصاحب دار بيسان عيسى أحوش على أن الواقع اللبناني الراهن لا يسمح بالتخطيط العملي والمدروس، فالتحضيرات مجمدة الى أجل غير مسمى بانتظار ما ستؤول اليه الأوضاع السياسية والأمنية. ويقول ابو حمدان إن اعلان بيروت عاصمة للكتاب حدث تأخر كثيرا لأن هذه المدينة هي منذ زمن عاصمة ثقافية جامعة تتميز بحرية التعبير والكتابة وجودة الطباعة وهي جديرة على حمل هذا اللقب. ويشير احوش الى أن ادارة الدار تخطط كي تصدر في العام 2009 بين 25 و30 كتابا خاضعة للمعايير الأدبية والثقافية الراقية بعيدا عن معايير السوق التجارية.

رنا إدريس: سنرفع عدد الإصدارات

كذلك ترى مديرة دار الآداب، رنا ادريس، أن اختيار اليونيسكو لبيروت كان في مكانه اذ أنه رغم الظروف المتردية لا تزال هي المصدر الاساسي للكتاب ولا يزال الجو منفتحا لتصدر أعمالا من دون رقابة صارمة مقارنة بالدول العربية. وهذا الحدث بحسب ادريس هو اضافة معنوية لهذه العاصمة ولأبنائها، آملة أن يترافق مع دعم مالي تستطيع وزارة الثقافة استثماره بطريقة عادلة شرط أن تتضافر جهود دور النشر والوزارة معا لانجاح هذا الحدث.

وتشير ادريس الى ضرورة مشاركة وزارة التربية في هذا الحدث من خلال دعم وزارة الثقافة لها وبالتالي كي تتمكن المؤسسات التربوية من شراء كتب ولا تقتصر محتويات مكتباتها على الكتب المدرسية خصوصا أن هدف هذا الحدث برأي ادريس يجب أن يكون تشجيع القراءة وخصوصا في صفوف الشباب.

وتضيف ادريس أن دار الآداب قررت أن تعمل جاهدة خلال العام 2009 على رفع عدد اصداراتها الى 100 كتاب متنوعة بين أدب وفكر وسياسة مع عدم إغفال الكتب المخصصة للأطفال وتلك الموجهة للمراهقين لتشجيعهم على القراءة، وبعض هذه الكتب مترجم والبعض الآخر صادر باللغة العربية وكلها تحمل شعار «بيروت عاصمة للكتاب عام 2009».

عثمان: لا خطة كاملة لحد الآن

ويعتبر مدير دار العلم للملايين، طارق عثمان، أن هذا الحدث مهم جدا وسيساعد على تأكيد موقع بيروت كعاصمة للنشر والكتاب العربي وسيعزز دور لبنان عربيا وعالميا ليبقى دورها رياديا.

ويعتبر عثمان أن عدم وضع خطة عمل كاملة لغاية الآن سببه أن المؤسسات اللبنانية المعنية ووزارة الثقافة لا تزال تتصارع على من له الفضل بإقناع اليونيسكو للحصول على هذا اللقب. ويقول «الخطوات الخاصة في مناسبات كهذه لا تجدي نفعا، يجب أن يكون هناك تعاون بين الوزارة والقطاعات الخاصة لإنجاح الحدث وتنظيم نشاطات تليق بالمناسبة». وأخيرا يشير عثمان الى أن دار العلم للملايين ستقوم، اضافة الى مشاركتها بالنشاطات التي ستنظم في بيروت، بخطوة خاصة تتمثل باصدار «كتاب العام 2009» يتضمن تاريخ النشر اللبناني بطريقة علمية وتاريخية، اضافة الى اقامة معرض خاص بمنشورات الدار.