لا يمكن الوثوق بـ«أليكسا» ومن السهل التلاعب بـ«الهيتس»

TT

موقع اليكسا مملوك حالياً من قبل شركة «أمازون دوت كوم» المعروفة، ويعتمد عليه لقياس شعبية المواقع لدى شريحة محددة من المستخدمين. إذ أن اليكسا يقوم بجمع المعلومات من خلال تتبع زيارات المستخدمين الذين قاموا بتركيب شريط أدوات اليكسا في مستعرضهم. وصحيح أن عدد هؤلاء المستخدمين قد يصل إلى بضعة أو ربما عشرات الملايين، ولكنهم في النهاية لا يمثلون سوى شريحة محددة من المستخدمين ولا يعبرون أبداً عن الصورة الكاملة لمستخدمي الإنترنت، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار العوامل الجغرافية والديموغرافية لتلك الشرائح، والتي تجعل نسبة الوثوقية في نتائج اليكسا تختلف بشكل كبير من بلد لآخر ومن لغة لأخرى، وهكذا.

مصطلح «نقرة» لا يعبر عن «الهيتس»

مصطلح «النقرة» لا يعبر بشكل دقيق عن كلمة «هيتس» الإنجليزية، ولعل من الأفضل استخدام مصطلح من قبيل «معدل الطلب»، لأن الهيتس في الأساس هو عدد الطلبات لكل عنصر في كل صفحة من صفحات الموقع. لنفرض مثلاً أن صفحة في موقع ما تحتوي 20 صورة، وترتبط بملفي أنماط (CSS)، وتستخدم ثلاثة سكريبتات تقوم بتحميلها من ملفات منفصلة، وتعرض 4 إعلانات فلاش، وملفاً موسيقياً في الخلفية، فإن صفحة كهذه تسجل عند كل زيارة لها ما مجموعه 31 هيت. الهيت الزائدة في هذا المجموع هي تلك الخاصة بالصفحة ذاتها والتي يتم تسجيلها حتى لو خلت الصفحة من أي عنصر خارجي.

والتلاعب برقم الهيتس أمر سهل، وأبسط الطرق هي في حشو مجموعة ضخمة من الصور «الشفافة» في الصفحة بحيث تولد كل منها هيت إضافية. أما التلاعب في معدل التصفح فهو أيضاً ممكن من خلال برمجيات بسيطة تقوم بإرسال طلبات متتابعة للموقع. ولكن بما أن هذه الطلبات ستصل إلى الموقع من عنوان «آيبي» واحد، هو عنوان «السيرفر» الذي تعمل انطلاقاً منه، فإن هذا سيعني زيادة كبيرة في معدل التصفح دون زيادة في عدد الزوار. لذا فمن الأفضل الاهتمام بنسب الأرقام بعضها لبعض وليس بالأرقام المجردة. فعندما تكون نسبة معدل تصفح موقع إلى عدد الزوار تبلغ 100 مثلاً نعلم أن هنالك تلاعباً، لأن الزائر الذي يقرأ مائة صفحة وسطياً، من أي موقع هو زائر وهمي ولا شك.

لذا فإن معدل الطلب أو الهيتس لا يصلح للاستخدام في التعبير عن شعبية الموقع لأنه مرتبط بتصميم الصفحات أكثر مما هو بنشاط تصفحها. وهو يستخدم في الأساس لقياس معدل الضغط على المخدم (السيرفر) لتقدير مواصفاته المطلوبة. أما بالنسبة لنشاط الموقع، فإن لزيادة معدل الطلب تأثيراً سلبياً في معظم الأحيان، إذ كلما ازدادت نسبة «الهيتس» إلى التصفح (أو عدد الصفحات المزارة) كلما عبر ذلك عن صفحات ثقيلة مليئة بالعناصر، مما يعني بالنتيجة صفحات بطيئة في التحميل ومحشوة بشكل غالباً ما يبعد الزوار عن العودة إليها!

معدل «التصفح» الأكثر تعبيرا

بالنسبة لمعدل «التصفح» يقصد به عدد الصفحات المزارة في الموقع. وهو في الواقع الرقم الذي يؤثر بشكل مباشر في الإعلان، إذ أن ما يهم المعلن هو عدد المرات التي عرض فيها إعلانه وعدد المرات التي تم فيها النقر على ذلك الإعلان. وفي حين يعبر معدل التصفح بشكل مباشر عن عدد مرات عرض الإعلانات فإن معدل الطلب أو الهيتس لا يعني في هذا الصدد أي شيء، وليست له أية قيمة مباشرة. إلا أن أصحاب المواقع يحبذون استخدامه للترويج لمواقعهم بين المعلنين، غير أن هذا لن يبقي المعلنين حتى لو جلب بعضهم لفترة، لأن المعلن سيلاحظ في النهاية كيف تم خداعه، حين يطلع على معدلات عرض إعلانه، ونتائج الإنفاق على ذلك الإعلان. في حين هنالك مجموعة كبيرة من العوامل المساعدة للحصول على الإعلان، ومنها الشريحة المستهدفة والتي يجب أن تتوافق مع الشريحة المستهدفة بمحتوى الموقع. فالذي ينقر على الإعلان هو زائر وجد فيه ما يهمه.

كما أن عدد الزوار وعدد الزيارات هو خير ما يعبر عن حجم القراءة، والفرق بينهما أن عدد الزوار في فترة معينة هو عدد عناوين الآيبي المختلفة التي أتت زيارات الموقع منها. أما عدد الزيارات فهو مجموع عدد زيارات جميع الزوار في نفس الفترة ، ونسبة عدد الزيارات إلى عدد الزوار تعبر عن مدى ولاء زوار الموقع إذ أن زيادته تعني أن زواره يعودون إليه مراراً وتكراراً.

مؤشرات إضافية

أما الرقم الأكثر أهمية بالنسبة لجودة وأهمية وتميز محتويات الموقع هو نسبة التصفح إلى الزيارات، فإذا كانت هذه النسبة في شهر ما 4 مثلاً فإن هذا يعني بأن كل زائر قرأ وسطياً في كل زيارة 4 صفحات، وزيادة هذا المعدل من شهر لآخر تعبر عن تطور في جودة محتوى الموقع. وهناك برامج إحصائية تعطي مؤشراً إضافياً وهو معدل البقاء في الموقع. وهو الزمن الذي يقضيه كل زائر في الموقع بشكل وسطي، وهو مؤشر تقريبي، ولكن له دلالات مهمة. فلو وجدنا مثلاً أن 60% من الزوار يقضون أقل من 30 ثانية في الموقع، فهذا يعني أن 60% من زوار الموقع لا يجدون في الصفحة الأولى ما يشدهم لمتابعة التصفح، وهو بالطبع أمر سيء.

إظهار عداد القراءات «زعبرة»

وفي ما يخص إظهار عداد القراءات بجانب الخبر فإنه يحط من مستوى الموقع ككل ـ في رأيي الشخصي ـ لأنه يعني أن الناشرين هواة وليسوا محترفين ـ ولا نجد شيئاً كهذا في موقع «الجزيرة نت» أو «بي.بي.سي» أو«سي.إن.إن»... إلخ، ولا في أي موقع احترافي.

فقد يكون لنشر هذه الأرقام تأثير سلبي، إذ أن رقماً متدنياً بجانب خبر ما قد يدفع الزائر لأن يفقد اهتمامه بقراءة ذلك الخبر، بنفس الطريقة التي قد يدفع فيها رقم مرتفع قارئاً غير مهتم لقراءة الخبر المتعلق. ولكن ما قيمة ذلك إن كان هذا القارئ أصلاً غير ذي اهتمام وأنه لم يقرأ الخبر إلا بدافع الفضول؟

وفي كل الأحوال فإن هذه الأرقام يجب أن تبقى دوماً «وسيلة» لتقييم جودة الأداء، ولا يجب أن تتحول أبداً إلى «غاية» بحد ذاتها.

* استشاري في تقنيات الإنترنت

الصينيون يحتالون أيضاًَ

> في عام 2004، وقع زو رنغين صاحب موقع، ten.szyy، أحد أكبر مواقع شراء سلع الصيدلية على الشبكة في الصين، عقدا عبر وكيل للمبيعات للانتساب إلى Baidu. وهو أهم محرك للبحث في الصين ومنافس للعملاقين الأميركيين Yahoo وGoogle. وقد أراد زو أن يكون في صدارة كل قوائم نتائج البحث.

وقد أدرج Baidu موقع زو في نتائج البحث ووضعه بين الارتباطات الدعائية. وفي المقابل، دفع زو لـ Baidu مبلغا يُحدد بحسب عدد النقرات التي تجرى لزيارة موقعه.

لكن في أحد الأيام، لاحظ زو أن المبالغ التي يدين بها لـBaidu قد ارتفعت بشكل مفاجئ. ومن خلال استخدام برنامج تعقب، وجد أن نحو 70 بالمائة من زوار موقعه قدموا عبر موقع واحد: موسوعة على الإنترنت، اسمها Baidu Knows، يرعاها ذاك المحرك. وبما أنه لم يكن هناك أي وصلات خاصة بموقع زو على موقع Baidu، خلص زو إلى أن النقرات كانت ضرب احتيال، وأنه يتم توليدها عبر برنامج لتضخيم نفقات التسويق. وفي شهر سبتمبر (ايلول)، رفع زو دعوى قضائية متهما Baidu بالغش في نظام النقرات.

عن مجلة «نيوزويك» الاميركية