عصر «الإسبايم».. عصر البشرية القادم

مؤلف أميركي يدعو إلى تصنيع منتجات معمرة غير قابلة للاستهلاك

TT

إذا أردت البحث عن مطعم يقدم "السوشي" (دون أن تعرف حتى أن "السوشي" هو أحد أشهر الأكلات الآسيوية)، أو دار سينما تعرض الفيلم المفضل لديك، أو أن تحجز تذاكر حفل موسيقي في أية دولة في العالم، فما عليك إلا أن تنقر بعض أحرف على لوحة مفاتيح الكومبيوتر وسيتكفل هو بالباقي. ولكن إذا وضعت مفاتيح سيارتك في غير مكانها الصحيح في المنزل فيكون لزاما عليك أن تبحث عنها بالطريقة القديمة؛ فتبدأ بالبحث في الغرف غرفة غرفة، وتقلب جميع الوسائد، وتفتش جيوب جميع معاطفك. وإذا كان المؤلف "بروس ستيرلينج" صاحب كتاب: "صياغة الأشياء" على حق فسوف تتمكن يوما ما من البحث عن هذه الأشياء عن طريق الانترنت أيضا.

ويحاول "ستيرلينج" - الحاصل على جائزة هوجو في أدب الخيال العلمي - تناول الأشياء المحيطة بنا في عالمنا والتي تعكس التطور في الصناعة والتصميم والتي خلق الإنسان من أجلها كما يقول الشاعر"ديريك والكوت:" إن الرجال ولدوا ليكونوا صناع"، ولكن ما يقوم به معظم المصنعون اليوم هو توفير منتجات لا يمكن التخلص منها عند الانتهاء من الاستفادة بها. ولذا يدعو المؤلف إلى تصنيع منتجات معمرة بدلا من المنتشرة حاليا والتي تنتهي الاستفادة منها فيما يتعلق بطاقتها أو بموادها الخام وتتحول إلى قمامة تؤثر في الأجيال القادمة، وهذا هو الدور الذي يلعبه المصممون الصناعيون لخلق ثورة اجتماعية تقنية عن طريق تصنيع منتجات يستفيد منها الجيل المعاصر دون أن يفسدوا العالم في المستقبل على أحفادهم. ويقسم الكاتب الثورة الاجتماعية التقنية على أربعة مراحل كالآتي:

المرحلة الأولى: الصناعة اليدوية: وبدأت هذه المرحلة عندما استخدم البشر الأدوات لأول مرة منذ حوالي مليوني عام قبل الميلاد، وانتهت هذه المرحلة حوالي سنة 1500 ميلادية. وكان الاعتماد فيها على الأدوات التي تحتاج إلى القوة العضلية، والتي جاء ابتكارها نتيجة لخبرة وحكمة المعاصرين لهذه الفترة وليس عن طريق استخدام المعرفة الهندسية المعقدة، لتساعد الإنسان على إخضاع البيئة المحيطة به، وللدفاع عن نفسه ضد الأعداء، بالإضافة إلى استخدامها في الصيد.

المرحلة الثانية: عصر الآلة: وبدأ هذا العصر حوالي سنة 1500 ميلادية وانتهى بقدوم الحرب العالمية الأولى. وتميز هذا العصر بظهور الآلات المتحركة بدءا من طاحونة الهواء ووصولا إلى القطارات البخارية.

المرحلة الثالثة: عصرالمنتجات: بدأ عصر المنتجات بعد الحرب العالمية الأولى وانتهى حوالي عام 1989، واتسم هذا العصر بالإنتاج الضخم من منتجات متشابهة يتم تجميعها اعتمادا على العامل، الأمر الذي تطلب تأسيس بنية تحتية معقدة.

المرحلة الرابعة: عصر الأدوات التكنولوجية الدقيقة: وبدأ في عام 1989 والذي اتصل بشكل أساسي مع البنية التحتية للاتصالات حيث ظهر الحاسب الشخصي والهاتف الخليوي كأهم هذه الأدوات الدقيقة.

المرحلة الخامسة والأخيرة: عصر "الإسبايم" – - Spime وهو مصطلح جديد صاغه "ستيرلينج" في محاولة منه لاستشراف المستقبل ليصف شيئا ماديا يرتبط بكمية هائلة من البيانات والذي يمكن تتبعه عبر الزمان والمكان طوال فترة حياة هذا الشيء. ومن بدايات إنتاج هذا العصر يمكن ذكر الشاشات الرقمية. فعصر "الإسبايم" هو العصر القادم والذي سيظهر إنتاجه ليكون دائماً وغير قابل للاستهلاك.

ويشير الكاتب إلى أن انتهاء كل عصر من العصور السابقة لم يترتب عليه مباشرة انتهاء استخدام ما توصل إليه هذا العصر، لذا يمكن القول إن كتاب "صياغة الأشياء" إنما يحاول إعادة صياغة الأفكار والخبرات المناسبة لاحتياجات العملاء ليكون مصدر إلهام للمصنعين وحث المبدعين على إخراج المزيد من أفكارهم الخلاقة بطريقة مبدعة استخدم فيها "ستيرلينج" مصطلحات جديدة صاغها للتعبير عن أفكاره في محاولة منه لخلق فكر مستقبلي اعتمادا على المعلومات المتاحة للعملاء وبدون إحداث ضرر بالبيئة للأجيال القادمة.