الشباب الجامعي.. الموقف من المرأة

TT

ما هي هويّة الشاب الجامعي اليوم، وما هي ملامح الصورة التي يحملها عن ذاته؟ وهل تشبه النموذج التقليدي للذكورة؟

هل يعي الشاب الجامعي أن الشابة، زميلته الجامعية، لم تعد تتشبّه بالصورة المحبّذة لها في مجتمعاتنا؟

هل ينعكس ذلك على الصورة التي يتمنّى أن تكون عليها شريكته المستقبلية؟

أخيراً، ما هي مواقفه من المرأة وقضاياها؟ هل إن تبدّل أحوال المرأة قد جعله أكثر دعماً لتحررها أم بالعكس؟

هذه هي المحاور الأساسية لدراسة الدكتورة عزّة شرارة بيضون التي أجريت على عيّنة عشوائية من أكثر من 1300 طالب وطالبة من الجامعات الإحدى عشرة المعترف بها رسمياً في لبنان وفي مختلف المناطق اللبنانية، ومن مختلف الطوائف المذهبية.

وتبين من هذا الاستبيان أن الشابة الجامعية ترفض، وإن باعتدال، المعتقدات المتعلّقة بأدوار المرأة وبالسلوكيات المفروضة عليها من أهلها ومن المجتمع. لكن هذا الرفض لم يبلغ، بعد، درجة التحدي. أما الشاب الجامعي فقد بدا في موقع وسطي حائر بين القبول والرفض. وبالمقارنة مع زميلاتهم، فإن الشبّان ما زالوا محافظين أكثر بكثير من الشابات: فهم ما زالوا غير قابلين بالمساواة بين المرأة والرجل في مجتمعنا بالدرجة ذاتها التي تطالب بها الشابات، وعدم قبولهم ذلك يمتد الى كل المجالات: في البيت، في المجال العام، في العلاقات بين الرجال والنساء.

يرى البعض أن تراجع الفروق بين الجنسين يبدو للرجل وكأنه انتقاص من رِفعة مقامه. وذلك لأن رفعة مقام الرجل تأسست، تاريخياً، على دونية المرأة. بل إن البعض يرى أن شعور الرجل بأن المرأة أدنى منه ضروري لفحولته الجنسية! إن أزمة الذكورة تظهر أساساً، وبرأي البعض، في العنف ضد النساء السائد في المجتمعات المعاصرة؛ وهو من بعض ردود الفعل البائسة واليائسة على تحرر المرأة من دونيتها الاجتماعية والنفسية.

وتمثّل النمط الثاني من ردود الفعل باستجابة منفتحة جاءت على شكل دعوة طليعة من الرجال كافّة أبناء جنسهم إلى التنبّه لطرح حركة تحرر المرأة، والعمل على إعادة مرتجعة ذكورتهم، من أجل كبح المنحى التدميري منها، وإلى التصالح مع أنوثتهم الخاصّة، والتخلّي عن الاتجاهات الدفاعية التي حدت بهم سابقاً إلى كبت الأنوثة في دواخلهم والحطّ من قدْر النساء، الممثّلات لأنوثتهم تلك، والماثلة أمامهم في الخارج.

لكن لا الشبان، ولا الشابات، يشكلون جبهة موحّدة واحدة في مواقفهم تجاه المرأة وقضاياها، فهم قد اختلفوا في ما بينهم تبعاً.

المسيحيون، إجمالاً، أقل قبولاً من المسلمين بالأدوار والتوصيفات التقليدية للنساء.

ومن المسيحيين فإن أولئك التابعين للكنيسة الكاثوليكية هم أقل قبولاً وأكثر رفضاً لها من المسيحيين غير الكاثوليك.

ومن المسلمين يبرز الدروز على أنهم الأقل قبولاً بها من السنة والشيعة. السنة والشيعة قريبون جداً في الدرجة التي يدعمون فيها المرأة وقضاياها،

لكن الدروز يقتربون في رفضهم المعتقدات والأفكار التقليدية حول المرأة من المسيحيين.

لا يختلف الشبان والشابات كثيراً في مواقفهم نحو المرأة وقضاياها بحسب انتماءاتهم الثقافية الاجتماعية. لكن الشابات والشبان أبناء النساء العاملات هم أكثر دعماً للمرأة وقضاياها، وأقل تمسّكاً بالمعتقدات التقليدية حول أدوارها المنزلية والعامّة.

وتشير الدراسات الغربية إلى تأثّر الشاب والشابة بنمط الاختصاص الذي يدرسون (حيث إن ذوي الاختصاصات الإنسانية والاجتماعية هم أكثر ليبرالية وأقل تمسكاً بالتقاليد والمعتقدات التقليدية). لكن نتائج الدراسة الميدانية لا تدل على ذلك. الشبان من كلا نمطي الاختصاصات متشابهون. والشابات من الاختصاصات العلمية أكثر رفضاً لتلك التقاليد.