جوائز ونجاحات

عام على تأسيس «مسرح الخريف»

TT

أعلن مؤسسا فرقة «مسرح الخريف»، رامز الأسود ونوار بلبل، في بداية عام 2007 عن مشروعهما المسرحي والتوجه الذي يعملان عليه، وما يأملان في تحقيقه. وظل الرهان قائماً بين القدرة والرغبة في ظل غياب الدعم المادي والمعنوي. فهل أثمر الجهد الفردي؟ وهل حققت الفرقة ما سعت إليه، أم بقيت مشروعاً مؤجلاً؟

كانت مسرحية «حلم ليلة عيد» أول عمل للفرقة عن اسكافي وماسح للأحذية، يحلمان بالطيران والسفر للخروج من بؤسهما، إلا أن العجز وخيبة الأمل كانا الواقع الذي اصطدما به. وهو واقع لامس الشباب وعجزهم، تم تقديمه بأسلوب كوميدي ساخر.

واللافت أن المسرحية تنقلت بين المهرجانات العربية والغربية، ونالت عدداً لا يستهان به من الجوائز خلال العام الماضي، ابتداءً من مهرجان الكوميديا الأول في اللاذقية، مهرجان (جيرونا) الدولي للمسرح في إسبانيا، مهرجان (أبوستروف) الدولي للمسرح في براغ - التشيك، حيث حصل العرض على جائزة الجمهور الثانية، وهي الجائزة الوحيدة التي يقدمها المهرجان. كذلك مهرجان (مونت لوريير) الدولي، كندا، الكيبك، الذي نال فيه العرض جائزة أفضل ممثل (نوار بلبل) وترشح لجائزة أفضل عرض وأفضل ممثل (رامز الأسود)، وانتهاءً بمهرجان (ياكومو) الدولي في اليابان وفاز (رامز الأسود) بجائزة أفضل ممثل بدور رئيسي.

تعمل الفرقة الآن على مشروعها الثاني والذي أعلنت عنه أيضاً بداية عام 2007، تحت عنوان «المنفردة» تأليف رامز ونوار وتمثيلهما، وإخراج رامز الأسود. حول حياة السجن وأثرها النفسي والاجتماعي وليس السياسي بشكله المباشر. وهذا ما أكد عليه كل من نوار بلبل ورامز الأسود، في حديثهما عن توجه الفرقة: «اتخذت الفرقة لنفسها نهجاً اجتماعياً يحمل نفساً نقدياً وبعداً سياسياً في آن معاً، فهي تطرح الأسئلة وتحاول الولوج إلى النفس البشرية التي تشكل التكوين الرئيسي في بناء المجتمع...».

استطاع «مسرح الخريف» أن يكون مشروعاً ثقافياً مسرحياً، مثّل سورية في العالم العربي والغربي، واستمراريته نتاج جهد فردي دؤوب من قبل أعضاء الفرقة، وإيمانهم بجدوى ما يقومون به، رغم الخسارة المادية التي تطالهم، باعتبارهم الممولين لأعمالهم كما يسافرون على نفقتهم الشخصية لتمثيل بلدهم سورية. وربما كان الدعم الوحيد الذي نالوه من قبل الدولة هو خشبة المسرح بشكل مجاني، وتبقى الأولوية لأعمال القطاع العام، فإن توفر شاغر حظوا به. كذلك قدمت مديرية المسارح والموسيقى ونقابة الفنانين في الآونة الأخيرة بطاقات الطيران.

إلا أنها مبادرات فردية ودعم شخصي وليس مؤسساتياً، فإن تغير الأفراد ذهب معهم الدعم. حتى التكريم الذي حصلوا عليه في «مهرجان دمشق المسرحي» الأخير كان تكريماً للسوريين الذين نالوا جوائز خارج البلاد.

ويبقى تمويل العروض على عاتق الفرقة، التي عانت طويلاً في إيجاد ممول أو سبونسر، ويعود السبب كما يقول رامز الأسود «لا تملك الشركات ورؤوس الأموال الخاصة حتى اليوم الوعي وثقافة السبونسر الكافية لتمويل المشاريع الثقافية وتحديداً المسرحية، إلا إن كانت فعاليات إعلانية ضخمة، تهتم بنجوم التلفزيون. ولأن هذا بعيد عن توجه الفرقة لم نحصل على أي دعم، رغم أن المبالغ التي نطلبها صغيرة جداً لا تتجاوز 2000 دولار». ويضيف رامز أن ما يعزي الفرقة هو أنها خارج تركيبة المؤسسات الرسمية، وعوائقها وشروطها، مما يمنحها أكبر قدر من الحرية.

يبدو أن فرقة «مسرح الخريف» كانت الأقدر على نقل الواقع وتفاصيله والدخول إلى عمق الإشكاليات وعرضها ببساطة وأسلوب ساخر ممتع يلامس المتلقي ويؤثر فيه، مما يعيد إلى المسرح دوره الذي غاب طويلاً. كما حققت حتى نهاية عام 2007 رصيداً غنياً من الجوائز والمشاركات، فكانت مشروعاً بدأ ونجح وما زال مصراً على الاستمرار.