«مستقبل النظام العالمي»

TT

استغرقت رحلة تأليف كتابي The Future World Order «مستقبل النظام العالمي» أكثر من عشر سنوات مفعمات بالبحث العلمي المستفيض في تاريخ الأديان ومقارناتها ومختلف العلوم الطبيعية منها والإنسانية، معتمداً المصادر الغربية أكثر من غيرها، إذ ان هدف الكتاب هو للغربي وعقليته ومناقشته من منظورات ثقافته ومسلّماتها. بداية ظننت أن الكتاب سيستغرق حوالي الثلاثمائة صفحة! وبعيد الانتهاء منه تبين أنه أصبح يربو على ألف! فكان لا بد من إخراجه في مجلّدات ثلاثة، وهكذا كان!

أمّا تسمية الكتاب ففيه بعض الطرافة! من بين العشرات والعشرات المثقفين في مختلف العلوم وفي مختلف أنحاء العالم الذين بحثت معهم مواضيع الكتاب، كان منهم الشيخ الراحل أحمد ديدات، حيث توجهت إليه في جنوب أفريقيا واستقبلني هو وجميع أفراد عائلته، الرجال والنساء والأطفال! وبعد السلام طلب منّي ملحاً أن اسكن في بيته وليس في الفندق الذي حجزه لي مسبقاً. وبعد لأي وافقته، وتلك كانت من أسعد سبعة أيّام وثماني ليال لِي، خصوصاً عند الذهاب لصلاة الفجر والإياب منها!

لقد وضعت حوالي ثمانية عشر اسماً طويلاً للكتاب، وعند مناقشتها مع الشيخ ديدات اقترح ابنه أن نعرض مسودة الكتاب على كبير المحررين عندهم، الشخص الذي سمى جميع كتب الشيخ ديدات! فوافقت على الاقتراح. وفي اليوم التّالي حضرنا إلى المكتب وإذا بالمسمِّي يقول: وجدت الاسم في ثنايا إحدى فقرات الكتاب، حيث توقع المؤلف من استقراء الأحداث والتاريخ أنه خلال النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين (أي 2051 وبعد) سيسود الإسلام في العالم، وعليه نظام العالم سيكون إسلامياً!

وهنا صرخ الشيخ ديدات مبتهجاً ومردداً: كفى، كفى! ذاك هو الاسم الجميل! قلت: لكن، هذا الاسم سياسي. والكتاب علمي، ديني، فلسفي! فكيف التوفيق؟ قال الشيخ: نعم! تريده سياسيا للفت النظر من أول وهلة! وهكذا كان. ونشرت الكتاب جامعة نيويورك، بنغهامتن، سنة 2001. ويناقش الجزء الأول من الكتاب الأديان، خصوصاً المسيحية، والجزء الثاني يبحث في حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، من مولده حتى وفاته. والنصف الثاني يورد عشرات الأدلة العلمية، بأن القرآن الكريم لا بد أن يكون من موجد الوجود! والجزء الثالث يناقش تعايش الأديان.

* داعية سعودي، له أول ترجمة

نصّية للقرآن الكريم