فنانون سودانيون يحولون منازلهم والمقاهي إلى صالات تشكيلية

الفنادق والنوادي أيضاً تفتح أبوابها للراغبين في العرض

الفنان راشد دياب له مركزه الثقافي الذي يحمل اسمه
TT

بعد أن كان التشكيليون السودانيون يقفون في طوابير الانتظار أمام صالات العرض القليلة التي بالكاد تستطيع أن تستقبل أعمال كل منهم مرة كل بضع سنوات،ها هي الصالات الفنية تنتشر في كل نواحي الخرطوم. وهي ظاهرة جديدة باتت تلفت أنظار المتابعين.

وعلى الرغم من أن التشكيليين هم الفئة الفنية الأكثر نشاطا وإنتاجا في السودان إلا أن ما كان يعوقهم هو عدم توفر أماكن العرض، باستثناء صالتي المركزين الثقافيين الفرنسي والألماني. وغالبا ما تكون الصالة الأولى محجوزة لسنتين سلفاً، أما الثانية فلا يمكن أن يطلق عليها صالة عرض إلا مجازاً، ومع ذلك فهي دوما مشغولة بأعمال الفنانين المقيمين خارج السودان الذين يبادرون للحجز قبل فترة طويلة من وصولهم. والآن لا يكاد يمر أسبوع دون أن تعلن الصحف عن افتتاح معرض لفنان تشكيلي بإحدى الصالات الجديدة، بعضها أقامه تشكيليون بجهدهم الفردي، في منازلهم التي تحولت إلى مرسم ثم غاليري، وبعضها الآخر، شارك في إقامته عدد من الفنانين. من هؤلاء الفنانة التشكيلية وصال ضياء الدين التي أقامت مركزاً ثقافياً يدعى توجذر- Together يشهد نشاطات مختلفة ويتميز بصالة عرض مجهزة. وتقول وصال لـ «الشرق الأوسط»: «جميل أن يزداد عدد الصالات بكثرة. التشكيليون مطالبون بالإنتاج، فيما تأمين الصالات مهمة حكومية، وهو ما لم يحصل وترك على كاهل التشكيليين عبئاً».

فأول صالة عرض خاصة افتتحها الفنان التشكيلي العريق شبرين قبل سنوات في منزله إلا أن الفنانين لم يألفوها لبعد مكانها، واقتصرت على عرض أعماله فقط، ثم صالة بمنزل راشد دياب باسم «دارا»، قام بعدها بافتتاح مركزه للفنون الذي يستحق اسم مركز لأنه كبير ويستوعب كافة المناشط الإبداعية.

وهناك صالة أقامها الفنان أحمد عبد العال بمنزله، وهو مهتم بالفنون الإسلامية ورأى أن يطلق عليها اسم «ديوان» بدلا من كلمة «غاليري» الأجنبية. وهناك صالة أخرى صغيرة باسم «شمس» كانت مشغلاً للرسم تمت توسعته، ليصبح صالة عرض، كما هناك صالة أخرى جديدة لاثنين من التشكيليين، هما فتحي محمد عثمان وصلاح المر، ثم مجموعة من التشكيليين الذين أسسوا «الخرطوم غاليري» المجهزة بطريقة جميلة، والفنان أحمد شريف عبود الذى أقام صالة بجزء من بيته. ففكرة الفنانين هي أن من نجح منهم، عليه أن يمد يده لغيره من الفنانين ويرفعهم معه. وهناك ظاهرة عرض الأعمال التشكيلية بالمقاهي، فهناك مقهى «باب كوستا» بشارع الجمهورية ومقهى «يونيفيرسال» للفنانة التشكيلية الإسبانية مرسيدس زوجة الفنان راشد دياب وبه صالة متاحة لكل التشكيليين. هذا غير الفنادق والنوادي التي باتت تستضيف أعمال التشكيليين في بهوها. كما أن بعض السفارات وبعض الأجانب المهتمين يستضيفون معارض بمقرهم السكني». ولكن كيف جاءت فكرة مركز «توجذر» الثقافي الذى لم يكتف بلقب صالة؟ تقول الفنانة وصال ضياء الدين: بدأنا بمعسكر دار السلام بأمدرمان كمركز نسوي يهتم بتطوير المنتجات اليدوية باعتبار أن المعسكر هو مكان وجود مجموعات لقبائل مختلفة نازحة، وكنت قد قمت بدراسة توضح أن كل تلك القبائل لها إنتاج شعبي نسوي يدوي جميل إلا أنه ليست هناك عملية تطوير له. وبدأنا كتشكيليين بوضع أشكال ونماذج جديدة ونمدهم بمواد وألوان جيدة وثابتة.

وخرجت أعمال مدهشة تم تسويقها. أما اليوم فالمركز يحتضن المعارض التشكيلية والندوات والمسرح، ولدينا فكرة إنشاء مكتبة. وأرى أن الانفتاح على ثقافات مختلفة يطوّر الأفكار. فهناك تشكيليون زائرون من إثيوبيا أخبرونا أنه لصعوبة الإمكانات ببلادهم فإن كل مجموعة من الفنانين تقوم بتأجير شقة يسكنون فيها ويرسمون أعمالهم، وبعد الانتهاء تتم تهيئة الشقة لتكون صالة عرض. ومن ثمن ما يباع من اللوحات يتم شراء تذكرة سفر لواحد منهم، يذهب بها الى دولة أوروبية، ليقيم معرضاً باسم المجموعة ويبيع بقية اللوحات، وهي فكرة أعجبتني وأتمنى من التشكيليين الشباب القيام بها.