التعدد الثقافي ميزة إضافية

TT

شهدت دولة الإمارات منذ التسعينات من القرن الماضي تقدماً في العمل الثقافي الأهلي، تمثل في زيادة عدد ونشاط المؤسسات الثقافية الأهلية التي تنتج وتنظم فعاليات لا تندرج في الإطار التجاري وليست تابعة للحكومة. أما خلال فترة القرن الحالي فقد شهدت البلاد إدراكاً أكبر للدور الذي تلعبه الثقافة في إيجاد قنوات اتصال وروابط مشتركة بينها وبين حركة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بل ان الثقافة تلعب دوراً مهماً في بناء الديمقراطية. ويمكن ربط هذا الدور بالمناخ السياسي في دولة الإمارات الذي يتميز بالايجابية، فالحكومة سواء كانت اتحادية أو محلية لا تفرض سيطرة على العمل الثقافي بل تتعاون، عبر أجهزتها الرسمية كالدوائر الثقافية، مع جميع المؤسسات الربحية وغير الربحية للوصول معاً نحو تحقيق الغرض المنشود وهو دعم الحركة الثقافية في البلاد. ومن الملاحظ أن الاهتمام بالجانب الثقافي وبالمشاريع الثقافية قد جاء متأخراً نوعا منذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، والحال كذلك ينطبق على أغلب دول الخليج العربي التي أولت حكوماتها في بداياتها جل اهتمامها في برامج التنمية وتوفير الخدمات الضرورية والحياة الكريمة لمواطنيها، وبناء بنية تحتية متطورة كشبكات الطرق والمدن الحديثة والمطارات والموانئ ووسائل الاتصال الحديثة. ولا يمكن تخيل المجتمع من دون ثقافة، نظراً لعلاقة الثقافة الوثيقة بكافة مناحي الحياة، فهي تلعب دوراً اجتماعياً من خلال التأثير الذي تمارسه على السلوك الاجتماعي، فقد كان للعديد من الأعمال الأدبية والثقافية والفنية تأثير على الطريقة التي نفكر ونشعر ونتصرف بها.

ونلاحظ أن مدينة دبي تنفجر بالتنوع الثقافي والاثني، وقد يكون هذا الأمر من أحد العوامل التي ساعدت المدينة على المزيد من التطور والنمو، ولا يزال الكثيرون يأتون إلى دبي سواء للعمل أو الاستثمار أو حتى الإقامة، والسؤال الآن هل تعاني مدينة دبي من أزمة هوية وطنية؟ قد يكون هذا السؤال بالنسبة إلى البعض مهماً جداً حسب ما تم تناوله عبر العديد من الأقلام الإماراتية، وقد يكون من المبكر الحديث عن التأثيرات القادمة من الخارج على الهوية الوطنية، ولكن ومن جهة أخرى فإنه لأمر جيد جيداً أن يتم البحث في هذا الموضوع من الآن لتجنب ضياع الهوية الوطنية في المستقبل. كإماراتي أود أن أحافظ على هويتي، وكذلك لا أعارض على الإطلاق حضور الثقافات الأخرى إلى بلادي شريطة احترامهم لمبادئنا وقيمنا، ونحن الإماراتيين عندما نسافر إلى الخارج نتفاخر بإماراتيتنا ولا نزال حتى اليوم نلبس ملابسنا التقليدية ولم يستطع التطور أو النمو الاقتصادي نزعها منّا. وبالنظر إلى تاريخ دبي ابتداء من عام 1833 ميلادية وهو تاريخ دبي الحديثة، سنجد أن الإمارة أولت اهتمامها منذ بداياتها بالبناء والاقتصاد من دون أن تتأثر هويتها الوطنية.

* كاتب إماراتي