مهرجان سينمائي آخر في السعودية وتجارب شبابية واعدة

شارك فيه 40 فيلما روائيا و12 فيلما وثائقيا و15 فيلما كرتونيا

الفائزون بجوائز مهرجان جدة للأفلام مع مدير المهرجان ممدوح سالم
TT

اعتبر نقاد سعوديون أن مهرجان جدة للأفلام، الذي اختتم نهاية الأسبوع الماضي وشهد عروضاً لـ38 فيلما تنوعت بين الروائي والوثائقي والرسوم المتحركة، أضاف مزيداً من التراكم المعرفي للتجربة السينمائية السعودية، التي تعتمد على مبادرات شبابية تشق طريقها بكثير من الإصرار والتحدي.

وعلى مدى أربعة أيام، شاهد الجمهور المحلي غرب السعودية، تجارب فنية متعددة المشارب والاتجاهات والمدارس، لكنها تشي برسوخ التجربة السينمائية وتدعيم بنائها الداخلي. ويسعى المهرجان، كما قال ممدوح سالم، مدير مهرجان جدة الثالث للأفلام، لـ«الشرق الأوسط»: «لتأسيس مكانة حيوية لصانعي الأفلام في السعودية منذ أن تأسس في عام 2006، وذلك كأول مهرجان سينمائي في السعودية، حيث يهدف إلى تمكين المخرجين من إيصال رؤاهم ووجهات نظرهم إلى المجتمع».

وأضاف سالم: «اننا نسعى لتحفيز المواهب الإبداعية في المنطقة، لتطوير الثقافة البصرية على الصعيد المحلي والإقليمي في منطقة الخليج، وتأمين الفرص لصانعي الأفلام من المنطقة لعرض أفلامهم وتطوير مشاريعهم المستقبلية التي نأمل أن تكون واجهة ثقافية إبداعية تخدم منطقة الخليج».

عمل المهرجان على مشاركة الأفلام الطويلة حيث شارك فيلم «صباح الليل»، تأليف وبطولة راشد الشمراني، الذي عرض في يوم الافتتاح، والفيلم الخليجي «حكايا بحرينية»، للمخرج بسام الذوادي، الذي عرض في حفل الختام، كما شهد المهرجان مشاركة عدة دول أجنبية تمثلت في أميركا، اليابان، بريطانيا، اسكتلندا، ايرلندا، اسبانيا، ايطاليا، وإيران.

وكان المهرجان قد عرض 67 فيلما تنوعت مشاركتها من دول متعددة شملت مشاركة 40 فيلما روائيا، و12 فيلما وثائقيا، و15 فيلما كرتونيا، وبلغ عدد الأفلام السعودية المشاركة 44 فيلما، شارك منها (38) فيلما ضمن مسابقة المهرجان.

الناقد خالد ربيع، وهو عضو لجنة التحكيم، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن تجربة المهرجانات الثلاثة في مهرجان جدة للأفلام، قد خلقت نوعاً من الجدية لدى الشباب المشاركين، وإن كان مستوى الأفلام ما زال في صورة تجارب أولية متأثرة كثيراً بالتلفزيون، ومن ناحية التمثيل متأثرة بالمسرح».

ولاحظ ربيع أن هناك بعض الأفلام المبشرة بظهور سينما سعودية حقيقية، وظهر ذلك في المهرجان الأخير لمهرجان جدة للأفلام في دورته الثالثة، من خلال فيلمي «حالة لمس» و«توهان»، للمخرج المفاجأة ماجد الربيعان، إلى جانب فيلم «بقايا طعام»، الذي حاز على جائزة أفضل فيلم روائي، وهو للمخرج موسى الثنيان.

وأشار ربيع إلى أن هناك تجارب أخرى في طريقها إلى الاكتمال غير أن تذبذب استخدام العناصر السينمائية أثر في اعتبارها أفلاماً جيدة، في المقابل هناك كثير من الاشتغالات السينمائية ركنت إلى تقليد السينما الأميركية، وبالتحديد فيلم «مهمة في وسط المدينة»، حيث اعتبر الفيلم مجهوداً، لكن في مضمون غير مؤثر فنياً وغير مقنع.

وذكر ربيع أن الكثير من المشاركات في المهرجان ما زالت بعيدة عن الوعي المعرفي بقضية السينما، في حين أن قلة من المشاركات يعول عليها في بناء صناعة سينمائية تدرك الرؤية السينمائية بشكل عام.

لجنة التحكيم المكونة من المخرج خالد الطخيم رئيساً، وعضوية كل من أحمد السميري، وخالد ربيع السيد، رأت أن مستوى الأفلام السعودية قد أصبح أفضل بكثير عن السنوات القليلة الماضية، وأن هناك الكثير من الأعمال الواعدة، لكن، في الوقت نفسه، هناك تفاوت في مستوى الأعمال. وحسب اللجنة، أن قسماً من الأعمال كانت دون المستوى المأمول، وتفتقر إلى جودة الصورة السينمائية، من حيث زوايا الالتقاط أو تحريك الكاميرا، أو مراعاة نوعية اللقطات التي يحتاجها المشهد، والتأثر بالأعمال التلفزيونية والأداء المسرحي، كما أخذت اللجنة على كثير من الأفلام ولعها بالأسلوب الغربي في الفكرة والتنفيذ. ودعت اللجنة المخرجين الشباب لتناول الشأن المحلي بطرحهم للقضايا الاجتماعية والهموم الإنسانية.

وقال خالد الطخيم لـ«الشرق الأوسط»: «إن أبرز ما لفت الانتباه في مهرجان الأسبوع الماضي، هو اهتمام الجمهور واحتفاؤه بالأفلام التي تم عرضها. غير أن بعض الأفلام اعتمدت على تقنيات بسيطة وغير متطورة، ولم يجر تصويرها بتقنيات معروفة في صناعة السينما، في حين استخدم شباب إمكانات تعتمد على كاميرا الفيديو والديجيتال في تصوير الأفلام ومن ثم إعادة طبعها من أجل عرضها خارجيا».

لكن الطخيم لاحظ أن هذا الإصرار يؤشر على اهتمام الشباب السعودي بتطوير تجاربه السينمائية، كما يدل على وجود شباب واعدين في مجال العمل الفني والسينما والأعمال التلفزيونية.

ودعا الطخيم الجهات المسؤولة في وزارة الثقافة والإعلام، وجمعيات الثقافة والفنون، إلى رعاية ودعم التجارب الفنية للشباب، والعمل على تطويرها واحتضانها.

وكان المهرجان، قد كرم الفنانين السعوديين محمد حمزة، الدكتور راشد الشمراني، والمخرج عبد الله المحيسن. وكرم حمزة لأعماله الدرامية في التلفزيون والإذاعة، حيث قدم مشوارا فنيا طويلا شمل التمثيل والكتابة والإنتاج، ومن أعماله: «أصابع الزمن»، «ليلة هروب»، «قصر فوق الرمال»، «أين الطريق»، و«دموع الرجال».

وتم تكريم الدكتور راشد الشمراني بصفته ممثلاً وكاتباً ومخرجاً عن أعماله في مجال التلفزيون والمسرح، ومن بين أعماله مسرحيتا «عويس التاسع عشر»، «مع الخيل يا عربان»، مسلسل «بيني وبينك»، وفيلمه الأخير «صباح الليل»، وقد حصل الشمراني على عدد من الجوائز في مهرجانات عربية سابقة.

ويعتبر المخرج السينمائي عبد الله المحيسن، من أبرز المخرجين السينمائيين السعوديين، وقدم عددا من الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية بينها «اغتيال مدينة»، «الصدمة»، و«الإسلام جسر المستقبل»، وكان آخر أعماله الفيلم الروائي «ظلال الصمت».

وشهد المهرجان مشاركة عدد من المخرجين السعوديين الذين شاركوا للمرة الأولى وقد زاد عددهم عن 11 مخرجا، وتلك دلالات ومؤشرات على مدى الدور الذي تقوم به إدارة المهرجان في دعم المواهب السعودية الشابة والنهوض بصناعة سينمائية سعودية، حيث شارك أصغر مخرج سعودي (منصور البدران) بفيلم «عنجليزي»، كما شارك أصغر ممثل سعودي (علي البطل) من خلال فيلم «مهمة طفل» للمخرج ممدوح سالم.

* جوائز مهرجان جدة الثالث للأفلام

* الجوائز التشجيعية:

ـ نور الدباغ عن فيلم «رحلة».

ـ منصور البدران عن فيلم «عنجليزي».

ـ مجموعة عزتي إسلامي عن فيلم «بنات وأولاد جدة».

ـ محمد الباشا عن فيلمي «ملائكة بلا أجنحة» و«عصافير الفردوس».

ـ ماهر الغانم عن أفلامه «ليلة من العمر»، «ليش بابا»، و«رحلة قصيرة».

* جوائز التميز:

ـ الدكتورة لمياء باعشن، وذلك لجهودها المتميزة في إحياء التراث الحجازي.

* الجوائز التخصصية:

ـ جائزة (أفضل ممثل) لعبد العزيز الشارخ، عن دوره في فيلم «توهان».

ـ جائزة (أفضل مونتاج) لـ فيلم «توهان».

ـ جائزة (أفضل سيناريو) لعبد العزيز السالم، عن فيلم «نسيج العنكبوت».

ـ جائزة (أفضل مخرج) لماجد الربيعان، وذلك عن فيلمي «توهان» و«حالة لمس».

ـ جائزة (أفضل تصوير) لمحمد هلال، عن فيلم «مهمة في وسط المدينة».

* الجوائز الكبرى:

ـ جائزة (أفضل فيلم رسوم متحركة) لفيلم «ما بعد الرماد»، للمخرج جاسم العقيلي.

ـ جائزة (أفضل فيلم وثائقي) لفيلم «نجران في سطور»، للمخرج بندر اليامي.

ـ جائزة (أفضل فيلم روائي) لفيلم «بقايا طعام»، للمخرج موسى الثنيان.