فنان أميركي يجول العالم ويطارد «المندهشين» من إعاقته

معرض فوتوغرافي في واشنطن يندد بالتمييز

TT

معرض فريد من نوعه قدمه «مركز كنيدي للفنون» في واشنطن، وصاحبه هو كيفين كونالي (22 سنة)، الذي ولد في هيلينا (ولاية مونتانا) من دون قدمين ورجلين وفخذين (لكن بكامل اعضائه الهضمية والتناسلية)، وقضى معظم حياته على كرسي عجلات، لكنه عندما أكمل الدراسة الثانوية ودخل الجامعة، صار يتنقل على «سكيت بورد» (خشبة بعجلات)، يجلس عليها، ويدفعها إلى الأمام بتحريك يديه على الارض.

الصيف الماضي، تجول كيفين حول العالم لثلاثة أسباب: ليشاهد العالم، وليسجل جولاته بكاميرا فوتوغرافية لأنه يدرس التصوير في جامعة مونتانا، وليقدم بحثاً عن فضول الناس وانطباعاتهم وهم يرونه لأول مرة.

بعد عودته قال: «أستطيع أن ألخص انطباعات الناس عني كالتالي: «النظرة الأولى استغراب، الثانية فضول، والثالثة عطف أو لا مبالاة». وأضاف: «تعلمت ان الفضول لا لون له، ولا جنس، ولا بلد. حدّق فيّ بيض وسود ورجال ونساء وعرب وأفارقة وصينيون، وكبار وصغار، لكن إنصافا لكل هؤلاء، أعترف بأنني شخص عادي، لكن منظري ليس عادياً».

خلال ثلاثة أشهر، زار كيفين ثلاثين مدينة في خمس عشرة دولة، والتقط أكثر من 30 ألف صورة، لهذا سمى معرضه «خمس عشرة دولة والتحديق واحد».

في البوسنة، صدمت كيفين سيارة، وقال سائقها انه لم يشاهده وهو يتحرك بخشبته على طرف شارع ضيق. لكن كيفين لم يسقط،، بل تدحرج، واستعمل يديه للسيطرة على جسمه. وفي نيوزيلندا سأله صبي: «هل أكلك سمك القرش؟» وسأله عراقيون إذا كان من ضحايا الحرب، وسأله آخرون ان كان يريد مساعدة مالية، بل تطوع بعضهم وقدم له نقوداً، لكنه رفض. وفي دول كثيرة اعتقدوا أنه شحّاذ، وقالوا انهم لا يصدقون ان أميركيا يطوف حول العالم ليشحذ. وتندّر بعض الناس على «عولمة الشحاذين على الطريقة الاميركية». ومع ان كيفين رفض أي مساعدة مالية إلا أن رجلاً في أوكرانيا وضع بالقوة، نقوداً في الحقيبة التي كان يحملها على ظهره. في قاعة رئيسية في «مركز كنيدي للفنون»، عرض كيفين الكثير من الصور التي عاد بها، وكأنها تحكي قصة الفضول في العالم. تشاهد صورة قسيس في بوخارست (رومانيا) يتكلم في تليفون موبايل، ويلقي نظرة فضولية، وصورة لثلاثة جنود يحرسون قلعة تاريخية في براغ، في جمهورية التشيك، عندما مر أمامهم كيفين، بقي اثنان منهم واقفين مثل صنمين، فيما الثالث يحرك عينيه لمتابعته. نجح كونالي في التقاط صور ممتازة لأنه أخفى الكاميرا، ودرب نفسه على التقاط صور من دون وضع الكاميرا أمام عينه، بل ثبتها تحت بطنه، وكان يضغط على الزر حتى من دون النظر إلى الشخص الذي يريد تصوير فضوله.

هذا عن الصور فماذا عن التعليقات؟ قال له فرنسي: «تأتي إلى فرنسا، وتطلب مساعدتنا ولا تتكلم لغتنا؟» وقال له ماليزي: «انت رجل عصامي». وعلق تايلاندي: «لو كنت مثلك من دون رجلين لما خرجت من منزلي».

يقول كيفين كونالي: «فوجئت بأن كثيرين يعتقدون ان المعوق لا يقدر على فعل اي شيء. ولم يصدق كثير من الذين تحدثوا معي بصراحة اني املك ثقة كافية في نفسي لأفعل ما أفعل».

وسأله عديدون من أين حصل على تكاليف السفر حول العالم. فأجاب بأنه اشترك في دورة العاب أولمبية للمعوقين، ودورات في التزلج على الجليد، وحصل على جوائز مالية، صرف منها على سفره.

وقال أستاذ كيفين في مادة السينما جيمس جويس: «أنصح كل من يتعامل مع كيفين أن لا يعطف عليه، وأن لا يقول له انه شخص عصامي، او عظيم، او شجاع. فهو يكره كثيراً هذه الملاحظات. انه انسان طبيعي، وكل تصرفاته طبيعية». وأضاف: «احترموه لأنه إنسان، وليس لأنه معوق، فقدانه لأجزاء من جسمه لا يؤثر في هويته، وفي إيمانه بنفسه».