المسلسلات التركية محاولة لتعويض الواقع بعالم افتراضي

اختصاصي نفسي وأستاذ في التحضر يشرحان تأثيرها

مشهد من مسلسل «نور» («الشرق الأوسط»)
TT

> بحسب الدكتور طارق علي الحبيب، بروفيسور واستشاري الطب النفسي، فإن أثر المسلسلات المدبلجة التركية، برغم ما فيها من مشاهد (خادشة للحياء)، إلا أنها كشفت عن هشاشة العلاقة الزوجية في بعض المجتمعات العربية، بما في ذلك الخليجية، أو ربما أكثرها، وأوضحت بجلاء عطش المرأة والرجل، على حد سواء، للحب الدافئ. رافضا بشدة القول إن نقص الرومانسية موجود فقط عند الرجال، مؤكدا على أن النقص مشترك.

وقال الحبيب: «إن ما تميزت به تلك المسلسلات ليس نظرات الحب من الرجل للمرأة وبالعكس، إنما نظرات الاحتواء الكامل، وهو مكمن الفتنة في تلك المسلسلات، فالعلاقة بين الأنثى والرجل في العادة جنسية أو علاقة حاجة، وإذا ارتقت فإنها تبلغ درجة الحب، لكنها نادراً ما تبلغ درجة الاحتواء بأشكاله المتعددة». ويرى الحبيب أن الإنسان العربي عموماً، ذكراً كان أو أنثى، لديه استعداد ضخم للرومانسية، لكنه لا يحياها، لا لأنه لا يريدها، بل لأنه لا يعرف كيف يحياها، بل في بعض الأحيان يخاف أن يحياها، ذلك الخوف المستمد من سيكولوجية الشك في علاقة الفرد بالآخر.

ويرى الدكتور محمد سليمان الوهيد، أستاذ مساعد التحضر وعلوم الجريمة بقسم الاجتماع، كلية الآداب بجامعة الملك سعود، أن مسلسل (نور)، يجسّد حكاية رومانسية وعلاقات عاطفية ويحتوي على تصوير للعشق والرومانسية داخل المسموح به اجتماعيا وخارجه، حتى داخل المجتمع التركي اليوم، فما بالك بالمجتمع السعودي خصوصا، والعربي الذي يشاهده عموما.

ويتساءل الفهيد: لماذا يجلس قرابة أربعة ملايين سعودي وسعودية أمام التلفاز يوميا وربما ثلاث مرات لمشاهدة العرض والإعادات أيضاً، ومثلهم في عالم العرب كذلك؟، وماذا يحمل هذا المسلسل من جاذبية؟، ويجيب: إن السرّ في ذلك يعود إلى أن المسلسل عاطفي بحت يؤمن بالحب لذات الحب والعشق لذاته، ويعطي حرية لا محدودة للمشاهد ليرى نموذجا للشاب ذي الجمال الذكوري والرومانسية المغرقة التي يمارسها بلا حدود تجاه النساء اللاتي يتعامل معهن.

ويضيف: «أن كل مجتمع له تطلعات مالية كبيرة يريد الثراء الفاحش وفق قيم الرأسمالية المسيطرة، ويبحث عن الجمال وتسحره الجاذبية، خاصة من قِبل النساء اللاتي يفتقدن الإشباع العاطفي مما يشكل لديهن حرماناً شديداً، لذا لعب المسلسل دور تعويض الواقع بعالم الأحلام الشخصي، ودفع البعض للتحرر نفسيا من قيم العيب والخجل والحرام ولو فكريا.. أو بتناسي الممنوع مؤقتا. إنه العطش العاطفي الذي يبحث تحت مظلة الثراء النسبي عن المفقود من الواقع ولو بعالم الخيال.. وهو نكوص اجتماعي نحو عالم المراهقة، لكن بشكل جمعي».