احتفاء بدرويش وفلسطين في يوم الافتتاح.. والأزمة المالية تلقي بظلالها

مهرجان الشعر العالمي اختتم فعالياته في العاصمة البريطانية

محمود درويش
TT

تحولت قاعة رويال فيستيفال هول، حيث تستمر فعاليات مهرجان الشعر العالمي، الذي يعقد مرة كل سنتين في العاصمة البريطانية، ابتداء من الرابع والعشرين من هذا الشهر حتى الأول من الشهر المقبل، إلى «أرض» فلسطينية لمدة أربع ساعات في أول يوم من افتتاح المهرجان، وهو شيء ربما يحدث للمرة الأولى في مهرجان عالمي.

وابتدأت الفلسطينية ريم كيلاني، التي غنت لدرويش أمام جمهور بريطاني لا يفقه شيئاً من العربية، لكنه كان يفهم ما الذي تشير إليه تلك الأغاني الموجعة، فأنصت وتمايل مع «طعن الخناجر ولا ضرب العدا بي»، وغيرها وكأنه مسّه من الصميم.

وفي الأمسية المخصصة لإحياء ذكرى محمود درويش، فاجأ الروائي والرسام والناقد الفني الشهير جون برغر، الجمهور، بقراءته المتلفزة المؤثرة لقصة غسان كنفاني «رسالة من غزة»، بترجمتها الانجليزية، مشيراً إلى اغتياله عام 87 في بيروت على يد الموساد الإسرائيلي. وقد اختار برغر هذه القصة، كما قال، ليعطي الجمهور البريطاني فكرة عن الواقع المأساوي الذي نشأ فيه شاعر مثل محمود درويش، رغم ان المهرجان هو مهرجان شعري.

وشاركته في الأمسية الأكاديمية الفلسطينية ريما حمامي التي قرأت قصائد لدرويش ترجمتها إلى الانجليزية بالتعاون مع بيرجر. وأدار الأمسية الشاعرلبريطاني ديفيد كونستنتاين، رئيس تحرير مجلة " الشعر مترجما" والفلسطيني الآخر الذي احتفى به مهرجان الشعر العالمي هو مريد البرغوثي، «باعتباره صوتاً أساسياً في الأدب الفلسطيني المعاصر»، كما جاء في كتيب المهرجان، مشيراً إلى إصداره أربع عشرة مجموعة شعرية، وفوزه بجائزة نجيب محفوظ عن كتابه «رأيت رام الله»، التي يتحدث فيها عن عودته إلى فلسطين بعد منفى طويل. والكتاب ترجمته إلى الانجليزية أهداف سويف بتقديم من إدوارد سعيد.

وأحيى المهرجان أيضاً ذكرى الشاعر البولوني زبغنيف هربرت، بمناسبة مرور عشر سنوات على رحيله، عبر ندوة شارك فيها الشاعر والناقد افاريس، الذي عرّف القارئ منذ بداية الستينات على شعراء أوروبا الشرقية، خاصة أولئك الذين اصطلح على تسميتهم بـ«المنشقين»، ومنهم هربرت نفسه وميروسلاف هولوب بشكل خاص. وشاركت افاريس في الأمسية الروائية ايليا هوفمان، التي تحدثت عن أدب أوروبا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية، والشاعر نيك ليرد.

وعرضت في الأمسية عدة أفلام قصيرة يقرأ فيها الشاعر قصائده، أو يتحدث عن حياته. ثم تناول المحاضرون جوانب من تجربة هربرت، شبه المجهول في العالم الغربي، مقارنة بمجايله الشاعر البولوني تشيسلاف ميلوش مثلاً.

ومن تقاليد المهرجان، الذي أطلقه شاعر البلاط البريطاني تيد هيوز في الستينات، تقديم محاضرة باسم «محاضرة المهرجان» عن ظاهرة ثقافية أو عن شاعر مهم. وكانت هذه المرة عن الشاعر الراحل مايكل دونوفي، الذي ستصدر مجموعته الكاملة العام المقبل. وقد قدم المحاضرة الناقد البريطاني شون ابراين، المعروف بتخصصه في نقد الشعر. وفي هذه الدورة، أطلق المهرجان تقليداً جديداً، وهو أن يدعو اثنان من الشعراء، شاعرين مفضلين عندهما، للمشاركة معهما في قراءات شعرية. وهكذا دعا اندرو موشن، شاعر البلاط البريطاني بعد رحيل تيد هيوز، الشاعرة الروسية كاتيا كابوفيتش للقراءة معه في أمسيته الشعرية. وكانت كابوفيتش قد هاجرت من الاتحاد السوفياتي السابق لتستقر في الولايات المتحدة، لذا جاءت قصائدها، كأغلب الشعراء المنفيين، مليئة بمفردات الاغتراب والنفي، والاقتلاع والناس المهمشين. أما الشاعرة مونيزا ألفي، وهي من أصل باكستاني، فقد دعت الشاعر خوان مارغاريت، وهو من الجيل الذي شهد الحرب الأهلية الإسبانية، وكتب عن أهوالها، ومآلها الذي غيّر التاريخ الإسباني.

ومن الفعاليات الختامية المثيرة لمهرجان الشعر العالمي، الأمسية التي نظمها المهرجان للشعراء فاقدي السمع، وفي مقدمتهم الشاعر بول سكوت، المعروف على نطاق واسع في بريطانيا في تجربة نادرة تحولت فيها الكلمات إلى إشارات.

وعموماً، كانت هذه الدورة من أضعف دورات المهرجان الذي غابت عنه أسماء شعرية عالمية كبيرة، على عكس الدورات السابقة، وربما كان ذلك بتأثير الأزمة المالية التي بدأت تطحن كل شيء.

ولعل أضعف حلقات هذه الدورة، الأمسية المخصصة للشعراء البريطانيين الشباب، الذين ذكرتنا قصائدهم بأسوأ قصائد النثر العربية, وما أكثرها.