دعوة مغربية لتجريم الإبادة الفكرية

TT

في كتابه الأخير «مشاغل في زمن العولمة»، يرفع الكاتب المغربي محمد مصطفى القباج صوته ليدعو من وصفهم بـ «المثقفين الشرفاء» بمطالبة المجتمع الدولي بإدماج إبادة الهويات الثقافية، وثقافة شعوب دول الجنوب، ضمن الجرائم ضد الإنسانية، تماما مثل الإبادة العرقية.

وتأتي هذه الدعوة من الكاتب من منطلق أن ثقافة المركز (ثقافة الشمال)، أصبحت هي السائدة والمهيمنة، وتهدد بإلغاء ما عداها من الثقافات، فـ «هناك معادلة حسابية بديهية متمثلة في أن الثقافة الوحيدة تساوي موت كل الثقافات».

وإذا كانت بعض جمعيات الدفاع عن البيئة في العالم، تنادي بضرورة احترام التنوع الطبيعي والضروري لتوازن الكون، فإن ذلك، في رأي الكاتب، يشكل نموذجا لـ «المثقفين الشرفاء»، للنضال من اجل التنوع الثقافي، الذي هو أساس الثراء الحضاري الإنساني، «فكل هوية ثقافية هي عنصر ضروري للتوازن الحضاري والكوني، وبالتالي فإن المس الهمجي بالهويات الثقافية، وثقافات دول الجنوب، هو عمل يخرب الكون، ويعرض البيئة الثقافية إلى اختلال التوازن». ويعتبر المؤلف أن جريمة الفكر هي، بكل المقاييس، المعادل الحسابي لجريمة الدم والجريمة المادية.

ويتضمن الكتاب الصادر عن «منشورات ما بعد الحداثة» عددا من المباحث والأقسام، يريد الكاتب من خلالها، «أن يفتح أوراشا للتأمل المفتوح من خلال نصوص قد تعين على تجديد النظر في القضايا التي تتناولها، قضايا الثقافة والفلسفة والحوار والحقوق».

ويخلص الكاتب في الأخير إلى القول إن تحديات الألفية الميلادية الثالثة ستكون في مجملها معرفية (علمية وتكنولوجية وفلسفية)، «لأن المعرفة هي التي ستعوض الصناعة وأن حضارة الغد ستكون من غير شك حضارة المعلومة والمعرفة لتحمل معها بذور نموذج إنتاجي مختلف عن نموذج الإنتاج الصناعي ونموذج الإنتاج الفلاحي».