تحقيق مخطوطة عن وسط الجزيرة تخالف بعض كتب التواريخ النجدية

مؤلفها مجهول واحتوت وصفا لأخبار دقيقة لم تنشر مسبقا

غلاف الكتاب
TT

حقق باحث سعودي أوراقا من تاريخ وسط الجزيرة العربية لمؤلف مجهول تغطي فترة زمنية تمتد إلى 68 عاما، من خلال مخطوطة في تاريخ نجد أرّخت لبعض الحوادث، وتميزت بتسجيل أحداث مهمة كدخول الملك عبد العزيز الرياض ومعاركه بعد ذلك مع ابن رشيد، وبتقييد تواريخ وفيات عدد من المشاهير.

وجاءت نبذة المخطوطة بمعلومات جديدة مخالفة لما هو منشور في عدد من كتب التواريخ النجدية، كما انفردت بتقييد عدد من أخبار وأحداث بعض المدن النجدية، خاصة الزلفي في الفترة الزمنية من عام 1285 إلى 1353هـ.

والمخطوطة عبارة عن ورقة مطوية بطول 60 سنتيمترا تقريبا، وعرضها 10 سنتيمترات، وقد كتب على ورقة واحدة تحتوي على 111 سطرا في كل سطر ما بين 10 إلى 13 كلمة، وهي بخط يجمع ما بين خطي النسخ والرقعة.

ويلحظ على المخطوطة احتواؤها على أخطاء إملائية ونحوية كثيرة. أما من حيث الأسلوب، فقد تميز أسلوبها بالجمع ما بين اللغة العربية الفصحى واللهجة المحلية الدارجة، وإن كانت تميل إلى الفصحى في كثير من كلماتها، كما يلحظ أن آخر المخطوطة قد كتب بخط أو قلم مغاير ومختلف عما سبقه، مما يدل على أنها لم تكتب في وقت واحد.

وأوضح المحقق عبد العزيز بن سعود الفرهود، بأن كاتب المخطوطة بدأ بتسجيل أحداثه بوفاة تركي بن محمد السديري في عام 1285هـ، وانتهى بحادثة محاولة اغتيال الملك عبد العزيز في عام 1353هـ، وهما التاريخان اللذان تقع بينهما السنوات التي تغطيها المخطوطة، لافتا إلى أن المخطوطة كتبت على نهج التواريخ النجدية في شكل مدونات تاريخية للأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية في الجزيرة العربية، وفي الأسلوب نفسه، من حيث الأحداث والموضوعات مع الاقتضاب والغموض والإيجاز والألفاظ والعبارات العامية التي استخدمت في صياغة تلك الأحداث التاريخية.

وحاول المحقق الاستدلال على صاحب الوريقات التاريخية من خلال الخط أو الأسلوب، معتبرا أن يكون من أهالي الزلفي أو من البلدان المجاورة لها، كالغاط مثلا، لكون المخطوطة افتتحت بوفاة تركي بن أحمد السديري، أو عنيزة، حيث ذكر وفاة الشيخ سلمان بن عبد المحسن عام 1308هـ.

وابتدأت المخطوطة بالقول: وفات (وفاة) تركي بن أحمد السديري في 23 ذي الحجة آخر سنة 1285هـ، وسنة حمرة في محرم مبتدى سنة 1297هـ (برد شديد تحولت السماء إلى لون الحمرة مما تسبب في موت الأشجار من شدة البرد)، واختتمت المخطوطة بالإشارة الى سنة 1353هـ، وفيها (أرادوا) الزيود (لقب يطلق على أصحاب المذهب الزيدي في اليمن، وأصبح لقبا يطلق على عامة أهالي اليمن، خاصة عند أهالي نجد وما حولها)، المكر والكيد والفتك بالمسلمين، فردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا في مواقفهم وذلك صبيحة عيد النحر فلله الحمد أولا وآخرا فظاهرا.

وفصل المحقق هذه الحادثة موردا ذكر الزركلي في شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز عنها، حيث تعرض الملك عبد العزيز وهو يباشر الطواف مع الطائفين في حج عام 1353هـ، وخلفه ابنه سعود وبعض رجالهما، وعندما أكمل الشوط الرابع وابتدأ الخامس بعد استلام الحجر الأسود. فلما كان عند باب الكعبة برز رجل من فجوة في شمالي حجر إسماعيل وقد سل خنجرا وصاح صيحات منكرة فيها تهديد ووعيد وسباب، وقفز منقضا على الملك من ورائه، وما كان من سعود إلا أن ألقى نفسه على أبيه يقيه الطعنة ودفع المجرم بيده وانطلقت في رأس المجرم رصاصة أردته قتيلا وعلت صيحة كامن آخر في فجوة ثانية من فجوات الحجر وانقض بخنجره يريد الملك، فمسّ الخنجر أسفل الكتف الأيسر من ظهر سعود وجرحه، ووثب ثالث مقبلا من ناحية الركن اليماني فلمح صاحبيه مضرجين بدمهما فانطلق يبغي الفرار وكان مقتل الأول برمية عجيبة من بندقية حارس الملك الخاص واسمه عبد الله البرقاوي، فقد خشي أن يطلقها مصوبة فتصيب مع المجرم غيره فوثب ناكسا بندقيته وإبهامه على الزند وصب الرمية صبا وقتل الثاني برصاصة من حارس سعود واسمه خير الله. أما الثالث فلم ينج من رصاص الجند، لكن ظل فيه رمق من الحياة فاستطاع المحققون أن يعرفوا منه اسمه وهو علي والثلاثة من غالية اليمن، ثم أورد أسماءهم: علي بن علي بن حزام الحاضري، وصالح بن علي بن حزام الحاضري، ومبخوت بن مبخوت الحاضري اليماني، ثم قال: وقد تلقى الملك برقية من الإمام يحيى يستنكر بها الحادث ويستفظعه ويبرأ إلى الله من جريرته.

ورأى المحقق أن المخطوطة الصغيرة الحجم تحتوي على بعض الأخبار الدقيقة الوصف من حيث تقييدها لبعض الأحداث بالساعة أو اليوم أو الشهر، مما يعطي إضافة لما في الكتب التاريخية الأخرى، بل انها أتت بأحداث ومعلومات جديدة لم تذكر بالكتب التاريخية الأخرى وإن كانت هذه المعلومات لا تحوي تفاصيل كثيرة في بعض الأخبار، راجيا أن يكون تحقيقه لوريقات المخطوطة لبنة في سد ثغرة من ثغرات تاريخ البلاد.