المثقفون في المغرب يبحثون عن اعتراف

TT

على غرار كتابات الباحث المغربي محمد نور الدين أفاية ذات النفس السجالي والهاجس التساؤلي والحس النقدي، جاء كتاب «السلطة والفكر: نحو ثقافة الاعتراف في المغرب»، الصادر أخيراً عن منشورات الزمن بالرباط وضمن «سلسلة شرفات»، ليطرح سؤال الابداع في الفكر والسياسة والثقافة بالمغرب، متحدثاً عن الرحلة الشقية التي ما زال يكابدها المثقفون في المغرب، بحثاً عن اعتراف وعن دور بعد أكثر من أربعة عقود على الاستقلال.

هكذا يحاول هذا الكتاب، الذي يقع في 152 صفحة من الحجم المتوسط، من خلال أربعة فصول أساسية: (الابداع في التاريخ الثقافي المغربي، المغرب السياسي ورهانات المجتمع المدني، التمدن والتخيل والمغرب الثقافي ومسألة التواصل) فهم الأبعاد العميقة التي تتحكم في الثقافة المغربية، ومقاربة أسئلة الابداع والسياسة والتمدن والتخيل والتواصل، ومعالجة جدلية السلطة والفكر في المجتمع المغربي، عبر البحث في عوائق انطلاق المغرب نحو الابداع والعطاء وتحرير المبادرة في الفكر والسياسة، وذلك بالاعتماد على منهجية في التحليل تشج بين مقاربة حضور الذاكرة في الحاضر المغربي وبين تفكيك اسئلة التحديث التي ما زالت تتعثر في استنبات أجوبتها في الفكر والمجتمع.

وعلى ضوء سؤالين أساسيين يدوران حول الوضعية الثقافية والاجتماعية. يبحث محمد نور الدين أفاية في بعض معالم الثقافة والمجتمع المغربيين، ليتبين أن هذه الوضعية مرتبطة بمعادلة التخيل والمبادرة، وهي المعادلة التي يحكمها ثقل التقليد الذي يكبل كثيراً من إرادات الانفتاح والانطلاق. ولهذا وجب النظر، حسب الكاتب، في الأسباب الثقافية والسياسية لهذه الوضعية أكثر من الأسباب الاقتصادية والمادية، والتفكير في صياغة مشروع مجتمعي وثقافي يحرر الثقافي من تبعيته للسياسي، ويحرر الابداع والخيال من اكراهات التقليد والخوف من المبادرة، وذلك عبر تحقيق أولويات العقلنة والتأسيس وتوفير شرائط المبادرة والابداع، مع استثمار توجه المجتمع المغربي نحو التفتح انطلاقاً من التحولات العميقة التي يشهدها المغرب سياسياً ومجتمعياً وجمالياً.