كتاب لبنانيون: أبحاث وشعر.. وظل درويش

أهم القراءات لعام 2008

TT

الكاتب والباحث صقر أبو فخر: «هرطقات» و«رائحة القرفة»

أكثر ما أتذكر مما قرأته من إصدارات هذه السنة كتاب «هرطقات، عن العلمانية كإشكالية إسلامية» لجورج طرابيشي. والكتاب صادر عن «دار الساقي». وكما هو معروف عن طرابيشي انه مفكر ويطرح موضوعات حيوية جداً. وهذا الكتاب لا يشذ عن كتبه السابقة. وهناك أيضاً كتاب «في عين الحدث» لسامي الخطيب، يكشف اشياء ومعلومات جديدة، لكنه لا شك ككل رجال المخابرات يخفي أموراً عديدة أخرى كان بمقدوره أن يذكرها. ومن الكتب التي اعجبتني رواية «رائحة القرفة» لسمر يزبك الصادر عن «دار الآداب». واعتقد ان موضوعها مهم. وهو عملياً يدور حول الصراع الطبقي بين المدينة والريف. وقد قرأت الرواية بعين العارف بهذه الصراعات لأنني أعلم كيف كانت الأجواء في سوريا، وكيف كانت العلاقة بين المدينة والريف. فأكرم حوراني أقام زعامته كلها على دعم ومساندة الريفيين العلويين لمدينة حماة. في رواية سمر يزبك تقوم علاقة مثلية بين الخادمة الفقيرة وسيدتها الأرستقراطية، وهي أمور تحدث، وليس هذا ما جذبني في الرواية وإنما بالفعل هذا الصراع الطبقي الذي ينشأ بين عالمين متباعدين.

أحببت أيضاً مذكرات فتحي البسّ «إنثيال الذاكرة». ليس بالضرورة أن يكون الكتاب مهماً، لكنه يتطرق إلى تجربة أعرفها عن قرب وهي لصيقة بي. فهو يتحدث في مذكراته عن الكتيبة الطلابية من حركة «فتح» في الجامعة الأميركية. هؤلاء كان لهم سمعة عطرة في لبنان أيام النضال الفلسطيني في الجنوب وأحبهم الجنوبيون الذين عرفوهم لاستقامتهم وحسن سلوكهم. من الكتب الجميلة أيضاً كتاب نصري الصايغ الجديد «مقام الجنس وتصوف الحواس». فنحن نعرف الكاتب في المجال السياسي ونعرف عنه عصبيته وانفعاله وحماسته، ويبدو انه كان يخزّن هذا النص الأدبي الشجاع والجريء، وقد أخرجه أخيراً من أدراجه، وهذا يحسب له. فثمة من يكتب نصوصاً من هذا النوع ولا يفرج عنها، وكان له فضل نشرها.

> تقول الروائية رشا الأمير، صاحبة نشر «دار الجديد» ان كتاب «تاكسي» لخالد الخميسي والصادر عن «دار الشروق» هو أحد الكتب التي قرأتها بمتعة كبيرة هذه السنة، فهو ليس مجرد سرد لما يقوله سائقو التاكسي في القاهرة، وإنما هو مكتوب بذكاء وفطنة تظهران كمّ الانحطاط الذي يعاني منه المجتمع، بحيث اننا لا نقرأ مجرد مدائح في سائقي التاكسي، وإنما نكتشف أيضاً انهم جلادون أحياناً. وتشير الأمير إلى رواية «عزازيل» ليوسف زيدان الصادرة عن «دار الشروق» أيضاً، كأحد الكتب التي نالت اهتمامها ولو ان لها مآخذ أدبية على بعض النواحي فيها. ومن الكتب التي قرأتها بمتعة مختارات أدونيس للشعر القديم التي صدرت في مصر في ثلاثة اجزاء. وتضيف الأمير، لقد عشنا هذه السنة تحت ربقة محمود درويش بسبب رحيله وقد قرأته كثيراً، وعدت أيضاً إلى «الأدب الكبير» و«الأدب الصغير» و«أخلاق الوزيرين» لأبي حيان التوحيدي.

> الباحث وأستاذ الفلسفة ناصيف نصار الذي صدر له كتاب فلسفي اخيراً تحت عنوان «الذات والحضور» يعتبر ان أحد أهم الكتب التي قرأها كان بالفرنسية عنوانه «الإنسان، الخير، الشر» وهو للبيولوجي والطبيب والفيلسوف أكسل كان وصادر عن دار «ستوك». أهمية الكتاب انه عبارة عن حوار بين الكاتب وفيلسوف آخر، ويدور الحوار حول تطور الإنسان والعلاقة بين الدين والأخلاق والعلاقة بين العلم والأخلاق، حيث يتمكن الكاتب أكسل كان من أن يطرح أسئلة محرجة وشديدة الحساسية على أستاذ الفلسفة الذي يحاوره.

الكتاب الثاني الذي نال إعجاب نصار هو «السنّة والإصلاح» لعبد الله العروي، وقد نزل اخيراً إلى المكتبات، وهو مكتوب بلغة سهلة وجميلة ويعالج موضوع السنّة بما هو أوسع من الإسلام، وكظاهرة ضمن الأديان والعقائد، وعلاقتها بالتاريخ الإسلامي.

وهو عرض تحليلي مقدم للجمهور بطريقة تيسّر قراءته، وهذا أمر ايجابي. ويضيف نصار ان له مآخذ على الكتاب منها «ان الناحية الفلسفية في الكتاب ضعيفة وليست مشغولة بالعمق الكافي، والكاتب تارة يقترب من الفلسفة وتارة أخرى يهرب منها. لكن في النهاية يقدم كتاباً جيداً يستحق القراءة».