السعوديون يتذكرون الطيب الصالح: المثقف العربي الأبرز في جنادريتهم

تنبأ قبل 30 عاما بطوفان الرواية النسائية السعودية

TT

على مدى 23 عاما من دورات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، كان الراحل الطيب الصالح هو المثقف العربي الأبرز الذي يضيء أمسياتها كما يضيء ملتقيات المثقفين العرب الذين تحتضنهم العاصمة السعودية كل عام. ومبكرا التصق الطيب الصالح بالحياة الثقافية السعودية والخليجية، التي درسها واقترن برموزها، وكان الراحل الشيخ عبد العزيز التويجري أحد أبرز أصدقاء الطيب الصالح الذي كان مجلسه هو الآخر صالونا للثقافة والفكر يحتفي كل (جنادرية) بمناقشات ثقافية ومساجلات مع الطيب الصالح، وبرز من بين تلك المساجلات مباراة في الذاكرة بين الشيخ والطيب بشأن أبيات منسوبة للمتنبي، ومعلوم أن الكتاب الأول للراحل التويجري كان (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء).

كان الطيب الصالح قريبا حد الالتصاق بالمشهد الثقافي السعودي خصوصا والخليجي بشكل عام، وقلّ أن يغيب عن مهرجان أدبي أو احتفالية ثقافية كبرى، وفي حضوره في الرياض كان دؤوبا في الالتقاء بالمثقفين السعوديين وزيارة بيوتهم، كما كان يلتقي بالمثقفين السعوديين وبالأدباء الشبان في بهو الفندق كل عام لمناقشة رواياته بكل أريحية وشفافية، وطالما تقبل النقد، أو راح يفسر شيئا مما يلتبس في الفهم.

وبسبب اقترابه من الهوية الثقافية والأدبية الآخذة بالتشكل منذ الثمانينات تنبأ الطيب بما بات يعرف اليوم (تسونامي الرواية النسائية السعودية). فقبل أكثر من ثلاثين عاما نقلت مجلة (عالم الكتب – العدد الرابع 1981) عن الطيب الصالح قوله: «إذا كان الخليج عنده أدب حديث وأصيل وليس ازدهارا مجبرا فسيكون مكتوبا على يد امرأة لأن النساء هنّ اللواتي يعشن تحت ظروف اجتماعية صعبة تجعلهن مؤهلات للكتابة في الرواية والشعر .. وأنه إذا كان هناك رواية خليجية خلال العشر سنوات المقبلة فإنها سوف تكون رواية امرأة كتبت بالقهر والغضب».

* الطيب صالح بعيون سعودية

* تركي الحمد: لماذا لم يكرم في حياته

من السعودية يقول الأديب والمفكر السعودي تركي الحمد، إن وفاة الطيب صالح تفتح الملف القديم الجديد، حيث يجب أن يموت المبدع والمفكر لكي يتم تكريمه، فهذه القضية التي تطرح باستمرار وأشبعت نقاشا وجدلا، لكنها ذات القضية لم تتغير، فعندما يموت شخص بحجم الطيب صالح، نردد ذلك لماذا لم يتم تكريمه أثناء الحياة.

ويقول الحمد إن الطيب صالح لو لم يقدم سوى روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) فقط لكفاه، وذلك في إشارة من الحمد إلى ما يقوله بعض المثقفين العرب إلى الطيب صالح من أنه لم يقدم أي عمل روائي خلال الـ20 سنة الأخيرة من حياته، ويضيف الحمد، في الثقافة الغربية هناك كتاب ورموز عالميون لم يكتب الواحد منهم سوى عمل واحد خلد اسمه.

ويضيف الحمد: «تكمن روعة الطيب صالح في الكيف وليس في الكم، فمثلا رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) حظيت بالعديد من الدراسات وأسند عليها من تفسيرات، حول علاقة الشرق بالغرب، والمستعمِر بالمستعمَر، وما إلى ذلك من تفسيرات.

وكان الحمد قد التقى بالطيب صالح في عدد من المؤتمرات الفكرية والثقافية، ويصفه بأنه كان متواضعا يمثل بساطة البيئة التي أتى منها.

* د. ثريا العريض: الرواية إذ تتعدى الفرد إلى المجتمع

الشاعرة الدكتورة ثريا العريض تقول: «التقيت بالطيب صالح في لندن في إحدى أمسياتي الشعرية هناك بمناسبة احتفال السفارة السعودية بمئوية المملكة. وبعد إلقاء الشعر وجدت الأديب الفارع يتقدم نحوي وعرفته حالا بملامحه التي رسمتها مئات المطبوعات الأدبية كلما نشرت له أو عنه. نسيت وقتها كوني نجمة الحفل و لم يبق يسطع أمامي غير الأديب الشهير. فلم يكن من السهل أن أستوعب الموقف: الطيب صالح يصافحني ويبدي استمتاعه بما سمع. قلت له إنني أيضا استمتعت بكل ما قرأته له من روايات وعلى رأسها «موسم الهجرة إلى الشمال». وإنني من أشد المعجبات بأسلوبه المتميز الذي رسم لي ولغيري عالما عن الريف السوداني لم يكن لنا به علم. توقف لحظات يفكر ثم قال: لقد كتبت بعد موسم الهجرة عددا من الروايات أراها أكثر تميزا ولكن القارئ مصر على أن يربطني بتلك الرواية الأولى.

سألته وقتها ما الذي يفضله هو من رواياته الأخرى فأجاب: «دومة ود حامد» و«عرس الزين». في اليوم التالي اشتريت تلك الروايات وعدت من لندن أحملها محملة بعبق من صوته وهو يتحدث عنها.

وتقول العريض، حين تلقيت خبر رحيله شعرت بحزن كثيف. فقد مات الأديب المثقف المبدع.. وبرحيله أعزي فيه نفسي والساحة الأدبية العربية وأهله في السودان وفي لندن.

وتضيف: «الطيب ترك آثارا أدبية تشرف الثقافة العربية.. أدعو روائيينا الأحداث أن يقرأوها ويتعلموا منها كيف تكتب رواية تتعدى الفرد إلى التعمق في نفسية المجتمع دون فوقية مرفوضة. وبرحيله فقدنا أديبا متميزا. وتميزه ليس فقط في لغته وأسلوبه بل أيضا في عمق تواصله بانفعالات الشاب العربي الذي يقف بين شفيرين: إدراكه أن معتقدات مجتمعه لا تسمح أن يكون هناك تقبل متبادل مع من يتجاوز وعيه تلك المعتادات البسيطة بما في ذلك الخزعبلات المتوارثة، والشفير الثاني هو إدراكه أن المجتمعات البعيدة التي يجذبه إليها تطورها المعرفي لا تراه إلا مختزلا في إطار الرومانسية الاستشراقية التي تنجذب إلى تفاصيل سطحية ينفر منها هو ولا يتقبلها في ما يراه ذاته الفردية. وهنا تأتي إشكالية العبور إلى الشمال حيث هو عبور لا يتم أبدا».

وتتساءل العريض: «هل عبر الطيب صالح بعد ذلك الهوة التي فصلته في برزخ بين المجتمعين؟ هل حقق الهدنة والتصالح مع ذاته ومجتمعه ومجتمع الآخر؟» وتجيب: لا أعرف، و لكنه الآن ارتاح من مواجهة الصراع في تلك المساحة الضيقة بين الشفيرين والكتابة عنه.

* يوسف المحيميد: رحيل الضلع الثالث

الروائي السعودي يوسف المحيميد يصف وفاة الطيب صالح بأنها تعني رحيل أحد أهم رموز السرد الروائي العربي، ويضيف: «بموته سقط الضلع الثالث من المثلث الذي شكل رؤيته الأدبية ولغته السردية وذائقته الفنية، فبعد رحيل محمود درويش الذي تتلمذ على أشعاره ولغته الشاعرية التي ظهرت كما يقول بشكل جلي في أعماله الأدبية الأولى، وكذلك رحيل يوسف شاهين الذي شكل ذائقته البصرية ورؤيته الفنية قبل نهاية العام، ليحلق الضلع الثالث الذي كان له دور في تشكيل لغته السردية مع بدايات العام الجديد».

ويبين المحيميد أن «كثيرا من الناس يخلطون بين شخصية الطيب صالح وبين شخصية مصطفى سعيد بطل رواية موسم الهجرة إلى الشمال، أحد أهم أعمال الطيب صالح، ويضيف هذا لا يعني أنه ليس هناك أعمال أخرى مهمة مثل رواية عرس الزين، ودومة ود حامد، إلا إنها أغفلت وتم التركيز على موسم الهجرة إلى الشمال كعادتنا في تناول الأعمال الإبداعية.

ويعتبر المحيميد موقف الطيب صالح بتوقفه عن كتابة الرواية موقفا شجاعا وجريئا، حيث صرح في أكثر من مرة بأنه ليس لديه شيء جديد لكي يكتبه، رغم أنه منضبط في كتابة المقالة، وهذا موقف نادر ليس على المستوى العربي بل على المستوى العالمي. ويشير المحيميد إلى رواية الأديب العالمي غربيال غارسيا ماركيز (مذكرات غانياتي الحزينات)، التي وصف إصدار ماركيز لها بالتهور، لأنها لا ترقى إلى اسمه ومكانته في عالم الرواية، بينما موقف الطيب صالح يحسب له، فقد كان يستطيع أن يكتب رواية من ذكريات الطفولة وسيسوقها باسم الطيب صالح، لكنه لم يفعل».

وهو يعتبر أن تجربته الأدبية تفتحت على اسم الطيب صالح، فقد شكل ذائقته السردية في عالم الرواية كما كان ليوسف إدريس حضوره في القصة. وعن لقاءاته به يقول: «التقيت به مرارا في مؤتمرات الرواية العربية في القاهرة. كان بسيطا فلم يكن يشبه كثيرا من الروائيين أو الشعراء العرب المغرورين».

* عبد الله الوشمي: صلة الوصل بين الغرب والعرب

من الرياض يقول عبد الله الوشمي، نائب رئيس نادي الرياض الأدبي: «الروائي الطيب صالح أحد الأسماء العربية الكبرى في عالم الرواية، وهو يمثل بالنسبة لي ولجيلي واحدا من جيل الأدباء العرب الآباء. ونستطيع أن نجد تأثيره في عدد كبير من الأدباء والروائيين العرب وبالأخص نحن السعوديين الذين عرفناه أديبا وكاتبا وإنسانا من خلال رواياته ومن خلال مقالاته المضيئة بالصحف والمجلات السعودية والخليجية ومن خلال زياراته للسعودية في مواسمها الثقافية (الجنادرية).

وقد نشأ جيل يتذكر رواياته بلا حدود كـ(موسم الهجرة إلى الشمال) بوصفه أحد أبرز الذين دشنوا الصلة بين الغرب والعرب من خلال النصّ الروائي.

> أحمد الدويحي: صانع الحوار

أما الروائي السعودي أحمد الدويحي فيقول: «إن الطيب صالح روائي كبير يعد من الجيل المؤسس للرواية العربية. وقد تكون روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) واحدة من الأعمال الروائية الخالدة في خارطة الرواية ليس فقط العربية وإنما العالمية أيضا.

ويعرف له القارئ العربي سياقا روائيا ثريا حيث وضح ذلك في نقله المخزون التراثي والحياتي والاجتماعي والثقافي والسياسي في السودان مثل (دومة ود حامد).

ويضيف الدويحي: «شاركتُ الطيب صالح في كثير من الأمسيات الرائعة، ووجدت أنه يمتلك اهتمامات ثقافية كبيرة، فروايته (موسم الهجرة إلى الشمال) هي واحدة من أوائل تجربة الحوار عبر النص الأدبي بين شمال العالم وجنوبه في الثقافات والحضارات قبل أن يقوم حوار الحضارات بشكله الذي عليه اليوم.

المثقف الخليجي عموما والسعودي خصوصا عرف الطيب صالح عن قرب وعرف عنه إلمامه بالمعرفة من كل جوانبها ومعرفته بتفاصيل الثقافة المحلية الخليجية والسعودية من خلال حضوره مهرجان الجنادرية والمواسم الثقافية الأخرى.

وقد عرفت عنه صراحته وجرأته، وعدم قبوله الإملاءات، كما إنه لم يطبل ولم ينفخ بوق أحد أيا كان. كان فنانا حتى الموت ولم تستطع السياسة أن تجرفه من الأدب برغم ثقافته السياسية وآرائه الواضحة فيها وقلبه السوداني الخالص كاللبن فقد ظل وفيا للفن والأدب والجمال حتى مماته».

* صلاح القرشي: أبطال رواياته وقصصه سيبقون أحياء طويلا

ويقول الأديب صلاح القرشي: «إن الصباح الذي رحل فيه الطيب الصالح كان حزينا. فالأديب الكبير الطيب صالح يشعرك وأنت تقرأ له أنك تشعر بكلماته وكأنك تعرفه تماما، بل وتعرف شخصياته وأعماله وتصادقها وتحبها.

رحل الطيب صالح لكن أبطال رواياته وقصصه سيبقون أحياء طويلا، وبينهم «مصطفى سعيد» الذي خلد في واحدة من أهم الروايات على المستوى الإنساني والعربي «موسم الهجرة إلى الشمال» .. وكذلك الحال بالنسبة لـ«الطاهر» و«د الرواسي» ومعه «محجوب» في بندر شاه و«مريود» وضوء البيت و«دومة» و«د حامد». فهكذا يقبض الكبار كالطيب صالح على شيء من الخلود في حلم الإنسان الأزلي.. فهم يرحلون لكنهم لا يتوارون أبدا».

> بافقيه: علامة في الرواية العربية

الشاعر علي بافقيه يقول إنه حين كان يتجه إلى الكويت منذ 35 عاما لشراء الكتب كان يضع على رأس القائمة مؤلفات عبد الرحمن منيف والطيب صالح.

ويضيف: «ذهلت بعد قراءة «موسم الهجرة إلى الشمال». تلك الرواية هي علامة في الرواية العربية فأصبحت أبحث عن كل ما يكتبه الطيب صالح. إنه يتدفق بعفوية وإبداع هو أحد رواد الرواية العربية الأوائل الذين ارتقوا بالسرد العربي أمثال محفوظ ومنيف.

* الكاتب الكويتي سليمان الشطي: إنه ضمير متوثب

من الكويت، يقول الأديب والروائي الدكتور سليمان الشطي لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأدباء مثل الطيب صالح ضمائر متوثبة تنفض فينا الجذور فتدب الحياة من حولنا..

أذكر تلك الظهيرة الساخنة، فيها كانت الرحلة المذهلة معه في موسم رحلته الشمالية، رحلت مع بطله مصطفى سعيد، وجين موريس إلى الشمال البارد، تجولت في خلايا أرض السودان. أدركت يومها دقة العنوان الذي اختاره رجاء النقاش وهو يتحدث عن عبقرية روائية جديدة..

وقامت الصلة الأدبية بين قارئ وكاتب، وتحققت المعرفة الشخصية بين إنسان وإنسان في لقاءات فيها من ثراء الفكر ما فيها، ودفء الإنسانية الشيء الكثير.

وبدا لي، بل رسخ في فكري، وتغلغل في ثنايا وجداني تصور لقيمة هذا المبدع الذي كان يتفرد سلوكا وأدبا. فيه تلازمت مجتمعة رؤى متعددة، كما بدا من روايته موسم الرحلة إلى الشمال، حيث معضلة اللقاء مع الآخر، وهو لقاء متجدد دائما قديما وحديثا، التقط عن معاناة ما سبقه آخرون قريبون منه، الحكيم ويحيى حقي وسهيل إدريس، عالج كل واحد منهم طرفا من الأطراف أما هو فقدم اللقاء فالصدام فالانكماش. كانت معالجته موغلة ضاربة في أعماق النفس، لذلك يمد يده، أو مدها من قبل، ليقبض قبضة من طين أرضه فتستوي شخصية (الزين) في روايته (عرس الزين) لتقدم كمال الصورة.. ويستمر التكوين والصقل في أعماله المعروفة، مركزة، مشيرة، مستوعبة، ناضجة.

كان الطيب صالح تراثيا موغلا في التراث، شعبيا متذوقا للحس الشعبي البارز الظاهر، وفي الوقت نفسه لا تراه إلا ويقربك من روح الصوفي الهائم.

هكذا كان الطيب صالح، أديبا وإنسانا وللناس في أسمائها دلالة».

* د: سلطان القحطاني: حوّل وجهة الرواية

يرى الدكتور سلطان القحطاني أن «الطيب صالح يمثل قامة من قامات الأدب العربي الحديث، ورائد من رواد الثقافة العربية بشكل عام والرواية بشكل خاص. فقد استطاع بإنتاجه الروائي أن يحوّل وجهة الرواية من التقليدية إلى الحداثية. ولحسن الحظ أن روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» ظهرت في الوقت الذي أوشك فيه نجيب محفوظ على التوقف عن الكتابة، فعندما ظهر جلينا (نحن جيل السبعينات) تفتحنا على أدب الطيب صالح وأساليبه الجديدة وأصبحنا نقلده حتى استقل كل منا بأسلوبه الخاص فيما بعد غير أن الطيب صالح ما زال أستاذنا الذي ننهل منه حتى حين رحيله.

وخلال وجوده بمنطقة الخليج وتحديدا بقطر الشقيقة كنا نلتقي معه بين الفينة والأخرى ونتناقش معه حول بعض الأساليب وبعض الرؤى التي يمكن أن نخرج بها نحن كجيل إلى عالم الرواية، فأكد لنا أن توقفه بعد روايته «موسم الهجرة إلى الشمال» أنه أراد ألا يكرر نفسه مرة أخرى. وهذا دليل على أن الرجل كان محافظا على فنّه وأراد أن يترك الفرصة لمن جاءوا بعده ليقدموا أنفسهم إلى عالم الإبداع والرواية.

وبرحيل الطيب صالح فقدت ساحة الثقافة والأدب الحديث بشكل عام وعالم الرواية بشكل خاص عمودا من أعمدتها الذين أسسوا لفنها الحديث».

> زياد السالم: رواياته مسكونة بالجنون ورعشات الشعر

أما الشاعر زياد السالم، فقال: «إن الطيب صالح أحدث تحولات فكرية في أفق الرواية العربية، إذ يمتاز عالمه الروائي بالثراء وتعدد مستويات البناء كما أنه بارع في خلق الحيلة الفنية الاتهامية داخل العمل. ورايته العالمية «موسم الهجرة إلى الشمال» مسكونة بالجنون ورعشات الشعر.. ذات فضاء ينفتح على الأساطير والطقوس الأفريقية بشكل لا يمكن أن يرسمه فنان تشكيلي محترف.

كما يتضح من خلال الرواية ملامح الشخصية السودانية المرتبة.

وكان الطيب صالح على علاقة جدلية مع الآخر بكل مكوناته اللامتناهية.. فاستطاع أن يصنع هويته الفائضة بالتمرد على الأصول والمسلمات. وهذا الروائي المجنون تنطبق عليه مقولة خفة الكائن.. وبرحيله تفقد الرواية العربية رمزا من رموزها الأفذاذ النادرين وأحد فرسانها الذين لا يشق لهم غبار».