معرض فرانكفورت للكتاب يضع لمسات ألمانية على المعرض الإماراتي

منابر للحوار وصالون ثقافي للسيدات والكتب مجانا للطلاب

من معرض فرانكفورت («الشرق الأوسط»)
TT

صحيح أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب لم يكن الأكبر ولا الأضخم، ولا حتى الأكثر حضورا، لكنه بالتأكيد كان يحتوي على الكثير من الفعاليات المتعددة، نحت بالتقليدية التي تظهر على معارض الكتب المتعددة، وعادت بمعرض أبوظبي ليكون أكثر شبابا، بعد أن ظن كثيرون أنه شاخ، بعد تسع عشرة دورة متتالية.

المعرض الذي أختتم أعماله هذا الأسبوع في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بعد مسيرة ستة أيام حافلة بالأنشطة التي لا تغنيك عن زيارة يومية للمعرض، كان خليطا بين اللمسة الألمانية والإماراتية، أما كيف، فإن الشركة المنظمة للمعرض، وهي «كتاب»، فهي مشروع مشترك ما بين «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث»، ومعرض فرانكفورت للكتاب. لذا، فقد كانت الخبرة الألمانية حاضرة بقوة في تنظيم هذه الفعاليات، وإخراجها بمستوى عالمي.

وسواء أردت أن تبحث عن كتاب جديد، أو حتى قديم، وسواء أردت أن تستمع إلى مؤلف كتب الأطفال هيننغ مانكل يلقي الضوء على معاناة الطفولة في مجلس الكتاب، أو أردت مثلا أن تتجه إلى «منبر الحوار»، وحضور مناقشة أزمة توزيع الكتب العربية، كل ذلك سيكون متاحا تحت راية المعرض، وحتى لو رغبت في حضور إحدى جلسات منبر الإلقاء، الذي يتضمن قراءات شعرية بأسلوب غير تقليدي لفن تقديم الكتاب، فستجد ضالتك، أما السيدات فلن يجدن أفضل من تجمُّعهن في صالون ثقافي مخصص لهن، يقرأن من خلاله الكتب مع تناولهن الشاي.

ومع أن الفعاليات كانت متنوعة المشارب، إلا أن الحضور الكبير انحصر في البحث عن الكتب في ثنايا المعرض، بينما ظلت قاعات منابر الحوار أو المحاضرات المصاحبة خاوية، إلا من بعض المتخصصين، بينما كان المتسوقون، إذا صح التعبير، يحرصون على البحث عن هدفهم من الكتب، ولا شيء غيرها، وكأن الفعاليات الأخرى لا تعنيهم إطلاقا.

دورة هذا العام شهدت مشاركة 637 دار نشر تمثل 52 دولة من مختلف قارات العالم، في دورة جديدة تعتبر الأضخم في تاريخ معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي تنظمه شركة «كتاب»، وذلك وفقاً لما أعلنه جمعة القبيسي مدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي صرّح كذلك بأن الدورة الحالية هي الأكثر تميزاً في برنامجها الأدبي والثقافي الغني، الذي يشارك فيه العديد من رموز الثقافة في المنطقة والعالم. وكان ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد قرر توزيع مبلغ 4 ملايين درهم إماراتي (1.1 مليون دولار) على طلبة المدارس والجامعات لشراء كتب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب ، كما وجه الشيخ محمد بن زايد بتوزيع 1000 حقيبة مدرسية تحتوي كل منها على 10 كتب مترجمة للأطفال لتوزيعها على تلاميذ المدارس، مقدمة من مشروع «كلمة» للترجمة. ويقول جمعة القبيسي إن هذه الخطوة تأتي في إطار إستراتيجية تطوير المعرض وتحفيز الطلاب والطالبات على القراءة والتزود بأحدث الإصدارات الأدبية والعلمية والثقافية، موضحاً أنه تم التنسيق مع مجلس أبوظبي للتعليم وعدد من الجامعات لوضع آلية توزيع قسائم الشراء على الطلبة خلال أيام المعرض. ويعتبر القبيسي أن ذلك يأتي «في إطار تحقيق إستراتيجية أبوظبي المتمثلة في الترويج للقراءة وترسيخها في المجتمع عن طريق تحفيز الأطفال بوصفهم المستقبل».

ويعتبر محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أن معرض هذا العام شهد نجاحاً كبيراً، مشيرا إلى أن إقامة معرض الكتاب في مدينة أبوظبي سنويا يأتي متوافقا مع المكانة المتنامية لهذه المدينة، كمركز للثقافة والعلوم يحرص على تعميق الفكر، ويدعم الثقافة بكل أنماطها ومختلف فروعها.

وأوضح أن التطوير الجذري الذي شهده المعرض لم يتحقق بشكل فجائي أو فردي، بل جاء متناسقاً مع مشاريع ثقافية أخرى أطلقتها أبوظبي، وأسهمت في تهيئة القاعدة المتينة أمام تطوير صناعة وتجارة النشر والتوزيع، وتذليل كافة العقبات أمام حركة الكتاب وتنقله. وأكد المزروعي «اليوم نجد أننا، وقبل الفترة التي حددناها لأنفسنا، قد تمكّنا من تحقيق جزء كبير من طموحاتنا، بحيث أصبح المعرض اليوم أكثر دولية وأكثر احترافية، وخاصة بفضل تأسيسنا مطلع عام 2007 لشركة «كتاب» كشراكة ناجحة بين «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث»، ومعرض فرانكفورت للكتاب».