أميرة كشغري: الكثير من الأندية نجح في كسر أحادية الطرح

قالت إنها قادرة على تطوير عملها إذا توفرت لها الإرادة والشجاعة والخيال الخصب

أميرة كشغري
TT

تُعتبر الشاعرة والأديبة السعودية الدكتورة أميرة كشغري عضو النادي الأدبي بجدة سابقا، التي تعمل الآن محاضرة بقسم اللغة الإنجليزية في كلية البنات بجدة، إحدى الكاتبات السعوديات اللاتي يرصدن باستمرار حركة الأداء الثقافي المحلي، وقد عملت أيضا ضمن مؤسسات ثقافية أسهمت من خلالها في تطوير أنشطتها.

واستكمالا لهذا التحقيق، التقت «الشرق الأوسط» في الدمام الدكتورة كشغري، لتقييم أداء الأندية الثقافية.

* هل الأندية الأدبية قادرة، في رأيك، على استيعاب مختلف الفنون التعبيرية والبصرية؟

- هذه المؤسسات تسمى «الأندية الأدبية الثقافية»، وهذا يعني أنها شاملة تمتد خارج دائرة الأدب وأجناسه لتعانق مكونات المنظومة الثقافية الواسعة. فالثقافة وعاء شامل يضم كل الفنون البصرية والتعبيرية، بل ويتعداها إلى ما هو أبعد ليشمل الأنشطة الفكرية والرياضية والمهن الحرفية.

والإجابة على السؤال تحيلنا مباشرة إلى من يقومون على إدارة وعمل هذه الأندية، فإذا كانت رؤيتهم للأندية لا تتعدى دائرة الأدب والأدبي من المناشط فإننا سوف نواجه بحائط أسمنتي يحول دون بروز أشكال الثقافة الواسعة في أنشطة وفعاليات الأندية. وفي المقابل فإن الرؤية الشمولية لنطاق دائرة عمل الأندية سوف تتيح، بل وتفرض ظهور أنواع الأنشطة الثقافية كافة دون احتكار، ومنها الفنون البصرية والرياضية والحرفية، كالرسم والتصوير والموسيقى والغناء والفلكلور وغيرها من الفنون والمناشط المميزة للجماعة الإنسانية التي تتفاعل معها. ومن المهم الإشارة إلى دور مؤسسات ثقافية أخرى اضطلعت ـ ولا تزال ـ بأشكال من الهم الثقافي مثل جمعيات الثقافة والفنون ومنظمي المهرجانات المختلفة.

* كيف تقيمين أداء الأندية؟

- هناك إرهاصات جيدة لتبلور التوجه الشمولي للأندية الثقافية الأدبية في بعض الأندية. ويمكن أن أسوق مثالا من البرنامج الثقافي لنادي جدة لهذا العام حيث بدا واضحا خروج النادي عن دائرة الأدب إلى الفنون البصرية، حيث اشتمل البرنامج على ورشتين للفنون البصرية (الرسم والتصوير) بالإضافة إلى لقاءات ثقافية متعددة في الشأن الفكري العام ولقاءات خاصة بالشباب. لكن نادي جدة لم ينجح في بناء شرفات نطل منها على الموسيقى والسينما.

وهنا لا بد من الإشادة بما حققه نادي المنطقة الشرقية الذي كسر هذا الحاجز وأدخل الموسيقى ضمن أنشطته المصاحبة للفعاليات الشعرية حيث كانت احتفاليته بيوم الشعر العالمي احتفاء شعريا تصاحبه الموسيقى التي نقلت الشعر إلى غنائية جميلة تلملم ما تبعثر من قصائد الشاعر محمد الثبيتي شفاه الله.

أذكر أيضا احتفائية النادي الأدبي الثقافي في حائل بالثبيتي حيث قام النادي بإصدار أسطوانة مدمجة(CD) ضمن سلسلة بوح الصوتية لقصائد مختارة بصوته صوتا وكلمة.

* هل كسرت الأندية احتكار بعض الأسماء في رأيك؟

- أعتقد أن الكثير من الأندية قد نجح بشكل مبدئي في كسر الأحادية في الطرح على الرغم من الممانعات الاجتماعية والفردية لفكرة التعددية. فهناك أصوات ورؤى جميلة من اتجاهات لم نكن نجرؤ على ملامستها، فكيف بإظهارها على الملأ من منابر شبه رسمية. سمعنا صوت البليهي ومحمد العلي وتركي الحمد جنبا إلى جنب مع صوت عبد الله المنيع ومحمد عمارة في كثير من الأندية وسمعنا صوت المرأة عاليا حتى كادت تحدث ثورة وردية كما حصل في احتفالية نادي جدة بيوم المرأة العالمي مؤخرا الذي كرم عددا من النساء الرائدات والمتميزات في المجال الإعلامي والحقوقي والإبداعي.

* هل هذه المؤسسات قادرة في الوضع الراهن على تطوير آليات العمل الثقافي في البلد؟

- هنا لا بد أن نسأل أولا ما أهداف الأندية الأدبية وما رسالتها. عندها نستطيع أن نحكم على آليات العمل السائدة في تلك الأندية ونحكم على مدى نجاح الأندية في تطوير تلك الآليات. في الوقت الراهن تتركز آليات العمل في أسلوبين رئيسيين: المناشط الأدبية ضمن أسوار مبانيها، وطباعة الأعمال الأدبية، والتي بدأت تخرج إلى حد ما خارج تلك الأسوار لتلامس القراء في المحيط الأوسع.

* ما أبرز نواقص العمل في الأندية الأدبية؟

- لعل عدم التوسع في آليات نشر الثقافة لتصبح الثقافة ظواهر عامة يمارسها الجميع ويشارك فيها الجميع، يمثل أحد أبرز نواقص العمل في الأندية الأدبية. فعلى الأندية الأدبية الخروج من أسوارها لتمارس وتنشر الفعل الثقافي على نطاق المجتمع. ويمكن مثلا للأندية أن تقوم بنشاطات في الأحياء وفي المدارس وفي المستشفيات بين المرضى، كما يمكن للأندية الأدبية أن تشارك في فعاليات المجتمع كالمعارض المتنوعة داخل الوطن وخارجه. وباستطاعة الأندية أن تتوسع في نشر وطباعة الأعمال الثقافية للمبدعين الشباب. وهكذا لا تنحصر أساليب عمل الأندية وآلياتها إلا بقدر ما ينحصر خيالنا.

* هل تقصدين الثقافة الشعبية؟

- من المفترض أن يمتد العمل الثقافي ليصل إلى الجماهير الشعبية كافة بتنوعاتها واتجاهاتها وأعمارها وليعبر عما يتماس مع همومهم واهتماماتهم. كذلك أعتقد أن الشريحة الكبرى في مجتمعنا وهي شريحة الشباب لها اهتمامات لم تلامسها نشاطات الأندية الثقافية بشكل كافٍ، والشباب نشط في التقنية والإنترنت، فهل وفرت الأندية ملاذا يهتم بهذا الجانب؟ الشباب يهتم بالرياضة والغناء والرقص، فهل لدينا فرق تستوعب هذه الاهتمامات؟ من السهل أن نقدم محاضرة للشباب ونقول إننا استوعبنا هذه الشريحة، لكن المحك الحقيقي هو ملامسة قلوب وعقول الشباب كما هي على الواقع لا كما نريها نحن في صورتها الطوباوية. لذا فإنني أرى أن الأندية الأدبية قادرة على تطوير وتوسيع آليات عملها إذا ما توفرت لها الإرادة والشجاعة والخيال الخصب.

كذلك ينبغي أن تكون مقارّ الأندية الأدبية مفتوحة للجميع طوال ساعات النهار طوال الأسبوع بحيث تكون هذه النوادي متنفسا للشباب والشابات، يقضون فيها أوقاتهم ويلتقون فيها أقرانهم في جو راقٍ منفتح بدل التسكع في الأسواق. في تصوري أن الأندية هي مكان مفتوح أستطيع الذهاب إليه في أي وقت لأجد ما يناسب اهتماماتي من أنشطة. وذلك هو حلمي.