مئات الخريجين من معاهد الفنون الجميلة في لبنان بدون عمل

بعد مرور 100 سنة على لقاء جبران خليل جبران بالفنان يوسف الحويك

TT

«المناهج التعليمية الجديدة عند إعدادها في عام 1997 أخذت بعين الاعتبار أهمية تدريس الفنون بمختلف أشكالها، لكن النتيجة أن مئات المتخرجين سنويا من معاهد الفنون الجميلة في لبنان لا يجدون موقعا لهم في سوق العمل». هذا ما قاله نزيه كبارة، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي، خلال ندوة أقيمت في اختتام فعاليات «المعرض التشكيلي العاشر للرسم والنحت» بمركز الصفدي الثقافي، في مدينة طرابلس. وأشار كبارة، إلى أن «وزيرا للثقافة في عام 2002 اتخذ قرارا بإقامة معرض دائم للفنون التشكيلية في نطاق معرض رشيد كرامي الدولي بطرابلس، دون أن يبصر هذا القرار النور بفعل الإهمال الرسمي». وجدير بالذكر أن طلاب مختلف الكليات الفنية في لبنان، وعددهم كبير جدا، بما في ذلك المعاهد المسرحية أو الهندسة الداخلية لا يجدون فرصا مناسبة في سوق العمل. وفي محاولة للاستفادة من الطاقات الفنية لطلاب كلية الفنون، أقامت الجامعة اللبنانية بالتعاون مع بلدية طرابلس مشروعا فنيا، تم بموجبه تزيين جدران المدينة بمجموعة من اللوحات، التي تنوعت في أساليبها والمواد المستخدمة فيها، وتمت مراعاة استخدام مواد قادرة على مقاومة الحرارة والمطر. وقد لاقت هذه اللفتة الرمزية استحسان المارة، فيما وجد فيها بعضهم ترديا للذوق الفني. وخلال الندوة نفسها التي أقيمت في مركز الصفدي الثقافي الأسبوع الماضي، وناقشت أزمة الفن التشكيلي في لبنان عموما، ومدينة طرابلس بشكل خاص، اعتبر الفنان التشكيلي محمد غالب، أن ما سمي بالجداريات «الفنية»، التي أقيمت في المدينة أتت بنتائج معاكسة، وشكلت «إساءة لمفهوم الجداريات من جهة، وللفن التشكيلي من جهة ثانية، حيث إنها أوجدت مناخا مخيفا لمضامين ومستقبل الحركة التشكيلية الفنية في المدينة»، وذلك في إشارة منه إلى تردي مستوى اللوحات المعروضة. وأثار عاطف عطية، مدير معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الفرع الثالث موضوع «غياب تدريس الفنون بمختلف أنواعها من رسم وغناء وتمثيل ومسرح». في المدارس، وطالب «وزارتي التربية والثقافة بالاهتمام بهذه المجالات في مراحل التعليم الأساسية لاكتشاف المواهب الواعدة في بداياتها، والاعتناء بها وصقلها». أما الفنان التشكيلي فيصل سلطان، أحد المشاركين في المعرض، فأشار إلى أن هذه الإطلالة الفنية «تأتي في إطار الإضاءة على مرور مائة عام على انطلاقة الحركة التشكيلية في طرابلس وشمال لبنان، التي بدأت بلقاء الفنان التشكيلي الشمالي يوسف الحويك، والرسام والأديب جبران خليل جبران، في باريس عام 1909، ذلك اللقاء الذي أسس لنهضة فنية وفكرية، والاستفادة من عصر التنوير في أوروبا. الأمر الذي ساهم في قيام وزير المعارف في عام 1920 الشيخ محمد حسين الجسر، بإرسال عدد من الطلاب اللبنانيين للتخصص ولأول مرة في الرسم والتصوير». وانتقد سلطان «عدم قيام جهة رسمية أو خاصة بالتأريخ لانطلاقة الحركة التشكيلية في الشمال منذ بداياتها قبل مائة عام حتى الوقت الراهن»، وحذر من «ضياع هذه الذاكرة ومن حرمان طرابلس من المشروعات الحيوية والفنية، وخاصة فيما يتعلق بالصالات والمسارح، ودفع المدينة إلى الانغلاق والغياب عن الحداثة بكل تقنياتها ومفاهيمها». وأكد أن «بإمكان طرابلس أن تكون واحة لحوار الفنانين التشكيليين، بما تمثله من صورة مشرقة ومن تفاعل بين الفنانين وبين بيئتهم الطبيعية الزاخرة بالتراث الفني من خط وزخرفة وتكوين وتأليف».