الصين تعيد هيكلة صناعة الثقافة

التكنولوجيا وسيلتها المستقبلية للتعريف بحضارتها

TT

لم يعد سرا أن الصين باتت تولي نشر ثقافتها في العالم أهمية خاصة. والتمدد الثقافي الصيني آخذ في التوسع شرقا وغربا دون أن يستثني أفريقيا أو الدول العربية. وقد دعا الأسبوع الماضي، لي تشانغ تشون، عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، خلال اجتماع بشأن إعادة هيكلة صناعة الثقافة في البلاد، دعا إلى استخدام التكنولوجيا لتنمية صناعة الثقافة داخليا، كخطوة أساسية لترويجها خارجيا، آملا في معالجة المشكلات التي عرقلت تنمية صناعة الثقافة سابقا. وقال تشانغ تشون، وهو شخصية بارزة في الصين «إن إحدى المهام الحالية هي إدخال الابتكار في خدمات الثقافة العامة، وتسهيل بناء شبكة خدمات ثقافية تغطي المناطق الحضرية والريفية في الصين». وأضاف أنه «يجب بذل الجهود لتعزيز القوة والقدرة التنافسية الشاملة للشركات الثقافية المملوكة للدولة، وحثها على تعزيز تأثيرها خارج الصين، بزيادة قدرتها التنافسية».

ومن جانبه، اعتبر ليو يون شان عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ورئيس دائرة الدعاية باللجنة المركزية خلال الاجتماع نفسه، أنه يجب أن يكون لدى الشعب الصيني فكر أكثر انفتاحا لتعزيز إصلاح القطاع الثقافي، واحترام ابتكارات الشعب. والحقيقة أن الصين قامت بخطوات جبارة في مجال نشر ثقافتها في السنوات الأخيرة. وإن كانت معاهد «كونفوشيوس» لتعليم اللغة باتت منتشرة في مختلف أنحاء العالم، سواء بمبادرة صينية أو بطلب من البلدان نفسها، فإن جنوب آسيا لم يكن بمنأى عن هذه الفورة. وقال مدير قسم الإنترنت بجامعة الآسيان نانتانا غاغاسيني، إن الجامعات الرئيسية في جنوب شرقي آسيا أنشئت فيها معاهد كونفوشية، وقدمت الجامعات الباقية طلبات لإنشاء معاهد من هذا النوع، كما تسعى إلى المزيد من السياسات الداعمة. وبحسب نائب وزير التعليم الصيني، فإن الصين أرسلت 5062 معلما متطوعا للغة الصينية إلى عشر دول بالآسيان. وفي فترة 2006 ـ 2008، أرسلت الصين خبراءها إلى دول الآسيان لتدريب 2986 معلما للغة الصينية، وقدمت دعوات إلى 2334 شخصا للمشاركة في التدريب اللغوي بالصين. وحتى عام 2008، قدمت البلاد منحا دراسية لـ 439 طالبا من معاهد كونفوشية من دول الآسيان. والعرب كذلك لم يعودوا بعيدين عن التأثير الثقافي الصيني. فقد تم توقيع 13 اتفاقية، الأسبوع الماضي، بين الجامعات الصينية والسعودية بشأن التعاون والتبادل، وذلك في العاصمة بكين بحضور وزير التربية والتعليم الصيني تشو جي ووزير التعليم العالي السعودي خالد بن محمد العنقري والسفير السعودي لدى الصين يحيى بن عبد الكريم الزيد. وبحسب وكالة الأنباء الصينية، فإن وزير التربية والتعليم الصيني قال في كلمة ألقاها خلال مراسم توقيع الاتفاقيات «إن الصين تنفذ استراتيجية إنهاض الوطن بالعلوم والتكنولوجيا، وتولي بالغ الاهتمام للتعليم. كما تطبق السعودية استراتيجية التحول إلى بلد معرفي منتج خلال الأعوام العشرة القادمة، إذ تولي للتعاون والتبادل بين البلدين في مجال التعليم، وخاصة في التعليم العالي، أهمية كبيرة». وشهد التعاون والتبادل بين جامعات البلدين تطورا سريعا في السنوات الأخيرة بعد زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للصين في عام 2006 وذهاب المزيد من الطلبة السعوديين إلى الصين للدراسة، وتعزيز التبادل والتعاون بين الجامعات الصينية والسعودية بشكل متزايد وتطوره في كافة المناحي.

ولا توفر الصين طريقة لتحقيق أهدافها في نشر ثقافتها، فهي تستقبل الزائرين من أساتذة وطلبة، من مختلف البلدان، كما تنظم المخيمات الكشفية وتعد المعارض الفنية، وتبتعث فرقها الإبداعية. فقد باشرت الحكومة الصينية بتقديم منح للشباب التنزاني، لعمل أبحاث حول الصين وتشجع زيارة هؤلاء البحاثة الشباب للتعرف على حضارتها بزيارة أراضيها، كما تعد المخيمات الكشفية الصيفية لطلاب أميركيين يرغبون في زيارتها، وهو ما حدث في يوليو (تموز) الماضي. وتستضيف بكين مهرجان شباب الصين ـ أفريقيا الذي عقد في الفترة من 13 إلى 20 أغسطس، وتنتهي أعماله اليوم. وهو يقام للمرة الثالثة للتقريب بين الشباب الأفريقي والصيني. وهكذا لا تتوقف الصين عن ابتكار المناسبات، والأساليب للتعريف بثقافتها حول العالم.