عبدالله الغذامي: أدونيس مثال حي على رجعية الحداثة العربية

الناقد السعودي يرى أن الثقافة القومية ثقافة شوفينية

عبدالله الغذامي («الشرق الأوسط»)
TT

في كتابه «القصيدة والنصّ المضاد» يحاول الناقد السعودي الدكتور عبد الله الغذامي أن يعالج التداخل النصوصي من خلال حوار بين قصيدتين إحداهما قديمة والأخرى حديثة للوقوف على الإبداع في النصوص الشعرية، غير أن هذه التجربة اعتبرت لدى فريق من النقاد نقطة تحول مهمة في تجربة الغذامي النقدية، حيث انتقل من خلالها من عوالم النقد الأدبي إلى النقد الثقافي، مركزا اهتمامه على النسق «المتشعرن» في الثقافة العربية. غير أن الغذامي الذي أسس لكثير من مصطلحات الحداثة، من خلال كتابه «الموقف من الحداثة» الذي صدر في 1987، ومن بعده كتابه «حكاية الحداثة»، يرى أن الظاهرة الثقافية في منتصف الثمانينيات قسمت الوسط الثقافي بين حداثي ومحافظ وانطباعي (التيار اليساري)..

«الشرق الأوسط» التقت الناقد السعودي المعروف عبد الله الغذامي في الرياض، حيث يقيم وأجرت الحوار التالي معه:

> «الكتابة ضد الكتابة».. هل هذا تيار فكري جديد ابتدعه الغذامي؟

ـ لا، هو يدخل في مرحلة ما يسمى بالمصطلح العلمي (نقد النقد)، بمعنى أن الكتاب بني على أساس أنني كنت قد كتبت عن ثلاث قصائد لثلاثة شعراء يمثلون ثلاثة أجيال، وهم حسين سرحان وغازي القصيبي ومحمد الحربي، إذ كان كل واحد منهم يمثل جيلا قائما بنفسه ومدرسة شعرية كاملة بكل خصائصها، ثم طلبت من الشعراء الثلاثة أن يكتبوا حول كتابي عن قصائدهم. بعد ذلك طلبت واستضفت ناقدا شاعرا وهو نذير العظمة لينظر في ذلك كله (الكتابة ضد الكتابة). وأعتقد أنني من خلال هذا الكتاب قد استطعت أن أكسر فكرة أن الناقد سلطة مطلقة أو أن حكمه نهائي. فالناقد يعرض عمله على الشاعر نفسه، ثم يعرض العمل كله على طرف آخر خارج كل هذه المجموعة، غير أن لديه تجربة شعرية وتجربة نقدية، بحيث إن الوعي عنده يكون كافيا لأن يقرأ ما بداخل هذا العمل. ومجموعة هذه التفاعلات نتج عنها كتاب «الكتابة ضد الكتابة»، بمعنى معمعة الكتابة بين الأطراف المعنية كلها، فيأتي بعد ذلك القارئ ليكون هو الطرف الرابع أو الخامس في هذه المعمعة. وهذه التفاعلات في الفعل الثقافي وفي الكتابة جرّبها الكتاّب ودخلوا فيها، وكانت واحدة من التجارب النقدية التي أراها من أبرز التجارب عندي.

> هل حفزك هذا الكتاب لأن تكرر تجربة مماثلة؟

ـ لا.. لا، التجارب إذا كررت تصبح باردة، وكذلك مفعوليتها. ولكني قدمت تجربتي في هذا المنحى لأن تكون أنموذجا أمام القراء حتى يستخدمها باحثون غيري، أما عن نفسي فأعتقد أن تجربتي استوفت كل شروطها كما يجب وقدمتها كاملة.

> «القصيدة والنصّ المضاد».. ما المفهوم الذي تنطوي عليه؟

ـ هذا بحث عن التداخل النصوصي، بمعنى أن تكون هناك قصيدة قديمة وأخرى حديثة، ويجري حوار بين القصيدتين في صورة تداخلية، بدءا من المسيّب والسيّاب في قصيدتين. ومثال لذلك، وصف الأسد عند كل من المتنبي والبحتري، يعني مسائل داخل التفاعل النصوصي والتداخل النصوصي في نصوص إبداعية شعرية، فكان الكتاب يتعامل مع هذه القضايا.

> هل كان هذا البحث بمثابة الدخول لمرحلة نقدية أخرى أو نقطة تحوّل في مشوارك النقدي؟

ـ بعد هذا الكتاب كنت قد دخلت في موضوع النقد الثقافي، وهذا بالفعل تحوّل أساسي من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي. وهمّي حاليا ينصبّ على نقد الأنساق التي هي المقولة الأساس للنقد الثقافي.

> بعد هذه التجربة كيف تشرح مفهوم النقد الثقافي؟

ـ النقد الثقافي نظرية جديدة في مجال النقد تهتم بالجانب المعرفي من حيث إنها تقرأ الثقافة بأنساقها الثقافية المختلفة، أي إنني، بلغة أخرى، أحاول كشف عيوب الثقافة أيّا كانت، ولكنني معني بالثقافة العربية. فمنذ أن تشكل ما يسمى بالثقافة العربية وإلى اليوم هناك أنساق مغمورة تتحكم في الخطاب، وبالتالي تتحكم في الأشخاص، إذ أن الكثير منّا ينتج تركيبته الذهنية للثقافة، حيث نولد ونجد الثقافة قائمة، ذلك أننا نأتي لعالم موجودة فيه الثقافة ثم نستقبلها منذ طفولتنا، وهي تبرمج تفكيرنا ورؤيتنا حول أنفسنا وحول العالم، فنتخلص من أجزاء منها ونطوّر أجزاء أخرى ونلغي ما عدا ذلك، بينما هناك أجزاء لا تلغى لأنها قوية جدا ومؤثرة جدا، فقط تختفي أحيانا غير أنها تعود أحيانا أخرى. ومثلا، تجد مثل هذه الأمور في بلدة ما هادئة جدا، ولكن فجأة تحدث حرب بين قبيلتين أو بين مدينتين أو بين عرقين أو طائفتين أو مذهبين، فيبادرك سؤال: كيف لهؤلاء أن يشعلوا بينهم حربا مع أنهم كانوا يعيشون مع بعض لقرون طويلة؟ هنا يأتي النقد الثقافي.

والسؤال: ما النسق الذي كان مختبئا ثم صحا؟ وما الذي أيقظه من وهدته وحفزه على فعل ذلك؟ هذه أسئلة النقد الثقافي التي تبحث عن الأنساق المختبئة والمغمورة وفي لحظة من اللحظات تتكشف وتدير عقول الناس.. بل إنها تلغي عقولهم في كثير من الأحيان. وكثير من الناس الذين شاركوا في الحرب الأهلية اللبنانية قرابة العشرين سنة بدأوا، بعد أن وضعت الحرب أوزارها، بالحديث عن حالة اللاعقل، وكانوا يقولون بصراحة: نحن كنا نتصرف من دون عقل.. يعني لم يكن هناك مجال للعقل لكي يسأل ويحاور.

> ما الفحوى التي تريد أن يوصلها كتابك «المشاكلة والاختلاف.. قراءة في النظرية النقدية العربية وبحث شبيه المختلف»؟

ـ هو يقوم على ثنائية التقليد والإبداع. فالمشكلة أن يتشابه المنتوج الثقافي مع منتوج سابق، فيحاكيه، وكثيرا ما نجد التقليد المتقن، فيبدو المقلّد العظيم كأنه مبدع عظيم. فالتقليد المتقن جدا يتبدى لنا أمام أعيننا على أنه إبداع، ولكن إذا دققنا النظر فيه، سنجد فيه الجانب التقليدي والجانب الإبداعي معا، بينما الاختلاف يكمن في كيفية الخروج عن الأنماط الكتابية للبحث عن أنماط جديدة، وهذا يكون على مستوى الإبداع الأدبي ويدخل كله في حقل النقد الأدبي. وأحيانا يظهر ذلك بشكل واضح في مجال الطرب، إذ يمكنك أن تستمع لصباح فخري ثم تستمع لآخر يردد القدود الحلبية، وتعجب أيما إعجاب بصوته وأدائه، ولكن إذا جربته مع أغنية جديدة مع لحن جديد مختلف عن هذا النمط من الفن الحلبي المتوارث ستجد إنه لا يبلغ نفس الدرجة، وكذلك الحال تجده عند لطفي بوشناق، حيث يغني لقدامى المطربين وتعجب بغنائه حينئذ بأداء مذهل، ولكن إذا أتى بغناء جديد وبلحن جديد سترى الاختلاف، وكأن الصوت يستطيع أن يجاري طريقا مرسوما من قبل، فيمشي عليه ويجري وراءه ويقيس نفسه بقياسه، ولكن إذا ترك لوحده لا يستطيع حينئذ أن يبتكر قدرات صوتية مختلفة.

هذه ثنائية المشاكلة والاختلاف.. تجدها عند الشعراء والروائيين والنقاد والباحثين والصحافيين وحتى الفلاسفة، بل تجدها في كل زمان ومكان.

> في كتابك «النقد الثقافي» تتحدث عن الأنساق الثقافية العربية، ما هي طبيعة الأنساق المكونة لهذه الثقافة؟

ـ النسق الذي بني عليه هذا الكتاب، وفي كتابين جاءا من بعده هما «الثقافة التلفزيونية» و«حكاية الحداثة» اللذان سارا في مسار مقولة النقد الثقافي في كشف الأنساق، هو نسق الشعرنة أي تحول الذهنية العربية إلى ذهنية متشعرنة، بمعنى أن فخرنا بالخطاب الشعري العربي والذي نسميه نحن (ديوان العرب)، انعكس وسبغ الذهنية العربية، إذ إن الذهنية العربية متشعرنة، أي إنك تتصرف سواء كنت شاعرا أو لم تكن شاعرا، كما لو كنت شاعرا، وتتصرف مع اللغة على أنها مجاز وتتصرف مع نفسك على أنه هناك فصل بين الكلام والفعل.

الكلام شيء والفعل شيء آخر.. وأن (الأنا) خير من الآخر وأن العالم كله مخلوق من أجلي، وبالتالي أنا أهم عنصر في العالم، وهذه معان شعرية في الأصل، فالشاعر يقولها ولكن تجدها انعكست على السياسي وعلى الأب في العائلة وعلى الإنسان في المجتمع وعلى نظرة الثقافة لنفسها.

> وصفت ثقافة الستينيات بأنها (شوفينية)..؟

إذا قرأنا ثقافة الستينيات والثقافة القومية نكتشف أنها ثقافة شوفينية. فنحن كعرب نعتقد أننا الوجود مثلما كانت عنصرية الألمانيين والإنجليز والأميركيين. فالأميركيون يعتبرون أنفسهم أنهم الكائن الأعظم في العالم مع أنهم دخلوا حربا في أكثر من بلد كأفغانستان والعراق، ولكن وجدوا أنفسهم عاجزين عن تحقيق مرادهم، فأين العظمة هنا خاصة عندما تصطدم بمقاومة حقيقية تقف أمامها؟

> وما ربط ذلك بالنقد الثقافي؟

ـ النقد الثقافي يتكلم عن هذا النسق المتشعرن في الثقافة العربية، الذي أفرز لنا أشكالا من الطغاة والديكتاتوريين السياسيين والاجتماعيين وغيرهم، مثلما أفرز من قبل جيل (الأنا الفحولية) عند الشاعر، التي ظللنا ننظر إليها نظرة مجازية على أنها من حق الشاعر أن يقول ما يشاء، وما يقوله إنما هو مجرد خيال ومجاز.. فلو توقفت المسألة عند حدود الشعر لقلنا نعم.. غير أنها انتقلت من المطبخ الشعري إلى المائدة الاجتماعية، فأصبحت مستهلكا اجتماعيا يعاد إنتاجها، وبالتالي فإنه عندما ننظر للإنسان السياسي والاجتماعي والاقتصادي وغيره، دائما نجد هناك الأب المسيطر الذي يجوز له ما لا يجوز لغيره، وأن كلمته نهائية ومطلقة.. إلخ. ومن هنا تخرج الصيغة الشعرية من القصيدة ومن ديوان الشعر إلى المحفل الاجتماعي، فكانت هذه خلاصة النسق المتشعرن، ثم دخلت إلى نسق التفحيل ونسق التأنيث ونسق القبائلية والهويات الجذرية.

> كنت قد طرحت ما سميته (الموقف من الحداثة)..كيف رصدتها سابقا وكيف تجدها حاليا؟

ـ كتابي «الموقف من الحداثة» كتاب مبكر بالنسبة لمنظومة كتبي حيث صدر في 1987، بالمقارنة مع كتابي «حكاية الحداثة» الذي جاء بعد ذلك. والكتاب يتحدث عن الظاهرة الثقافية حينها (في منتصف الثمانينيات) وتقسيم الوسط الثقافي لدينا بين حداثي ومحافظ وانطباعي (التيار اليساري)، والأخير كنّا نسميه في ذلك الزمن (انطباعي) حتى لا نسبب لهم حرجا أو ندينهم أمام السلطات الاجتماعية والسلطات السياسية، وهم أنفسهم ما كانوا يريدون أن نسميهم بالتيار اليساري، فكان هناك اتفاق بأن يسمّوا بالانطباعيين. وهذا، يصاحب جيل الصحوة أيضا، حيث إنه في تلك الفترة ظهرت الصحوة وظهرت الحداثة وأدى هذا إلى تفاعل كبير جدا، فنتج عنه حيوية مذهلة، إذ كانت الأنشطة وقتها في نادي جدة الأدبي الذي يشكل الحضور فيه 80 في المائة من الصحويين و20 في المائة من الحداثيين. الجوّ كان قويا من ناحية التفاعلات والحوارات وحتى التوترات التي كانت لفظية لم تتعد حدود الأدب ولم تصل درجة الإساءة والتجريح، فمنحت الأنشطة جوّا من العمل الحقيقي والمتواصل، وكنّا نعمل حسابات دقيقة لكل ليلة من ليالي تلك الفترة، ولكل شيء كنّا نتوقعه والذي يمكن أن يحدث. كانت هناك حيوية سابقة لاحتياطات قيام الظاهرة وأخرى حيوية لاحقة لأنه بعد ذلك سيأتي دور منابر خطب الجمعة والصحف والشرطة، فكانت التفاعلية حيوية سابقة على المحاضرة، وتفاعل داخل المحاضرة وبعدها، مما أعطاها قوة ومجالا لطرح أفكار والعمل على امتحانها من حيث وضوح الفكرة من عدمها. حسّن كل ذلك بدوره من ظروف الحداثيين والباحثين منهم، لأنه صار هناك تجريب لأفكارهم وتفاعل معهم وردود أفعال نتجت عنها كتب ومقالات، وأفضى بدوره إلى ميلاد جيل متحمّس مبدعين وكتّابا.

> أنت تقول إنك لست حداثيا ولكن لك تجربة ثرية تتحدث فيها عن قدرتك في تأسيس بعض البنى الفكرية لمفهوم الحداثة..؟

ـ أنا لم أقل إنني لست حداثيا، بمعنى التنكر لشيء فعلته، إنما أقول إن التحول المعرفي الثقافي العالمي حول الثقافة الإنسانية كلها من مرحلة الحداثة إلى مرحلة ما بعد الحداثة. والذي يظل حداثيا إلى الآن أعتبره رجعيا ومتخلفا، لأن الوضع الثقافي المعرفي عالميا انتقل إلى مرحلة ما بعد الحداثة، فمن يبقى على مقولة الحداثة نفسها لا شك أنه متخلف ثقافيا ومعرفيا، ولم يتحول مع المعطيات الجديدة وبالتالي دخل تقليدية أخرى وأصولية أخرى يظن أنه متقدم فيها. أنا أتحدث عن رجعية الحداثة العربية ومثالها الحي (أدونيس) إذ يمثل رجعية الحداثة العربية.. والمسألة هنا: كيف نعي المتغيرات الكبرى على مستوى الثقافة العالمية وكيف نتفاعل مع شروط المرحلة أو نبقى كما كنا عليه منذ الستينيات. وفي هذه الحالة سنجد أن العالم مضى وتركنا في المحطة كما يفعل القطار. فالحداثيون بلا شك بقوا في المحطة بينما القطار مضى وتركهم خلفه.

> كيف كانت تأثيرات الحداثة على المكونين الثقافي والفكري؟

ـ كانت الحداثة في الوطن العربي كله للأسف في إطار التجربة الشعرية أكثر منه من أي تجربة أخرى. فالتجربة الشعرية هي التي شهدت تغيرات نوعية تسمى (الحداثة). أما التجربة السياسية والاقتصادية والصناعية والاجتماعية فلم تلامسها هذه المتغيرات، ولذلك كانت الحداثة العربية جزئية ولم تكن كلية وهذا الذي جعلها تفشل في تحقيق مشروعها، بمعنى أنك تتعامل مع الجسد عبر عضو واحد فقط منه وتترك البقية الأعضاء فستجد أن العضو الذي ركزت عليه أصيب كما الأعضاء الأخرى. هذا الذي حدث إذ نجد حالة نقص في التغير النوعي على مستوى المؤدي العربي، وهذا واضح إذا ما قارنا دولنا بدول قامت من بعدنا كنمور آسيا التي دخلت المعترك العالمي بعدنا غير أن تجربتها الاقتصادية والسياسية والصناعية والسياسية أفضل مما عليه الحال في دولنا العربية.

> ما سمات عصر ما بعد الحداثة وما أسباب وجوده؟

ـ سمات مرحلة ما بعد الحداثة هي التنوع الفسيفسائي للظاهرة البشرية، حيث وصلت الثقافة إلى فهم أن البشر مختلفون ثقافيا وعرقيا وعقائديا، وأن هذه الاختلافات ليست علامات نقص وإنما علامات كينونة دون أن تكون هناك ميزة أو عيب. بينما مرحلة الحداثة كانت تطرح المفهوم الكلي للتقدم معتمدة الأنموذج الغربي للديمقراطية والليبرالية والعقلانية بأنه الأنموذج الأوحد للتقدم البشري، غير أنه جرى اكتشاف أن هذه المفاهيم الثلاثة (الديمقراطية ـ الليبرالية ـ العقلانية) أفرزت مزيدا من الحروب والمجاعات وأزمات في المناخ والطاقة وغير ذلك، ولم تحقق وحدة بشرية كونية في اتجاه مفاهيمها الثلاثة. بل اتضح أنه تحت هذا العنوان كانت الإخفاقات أكثر من النجاحات، وأن كثيرا من الفلاسفة رأى أن غالبية الأسباب تعود للغرور الأوروبي لاعتقاده بأن الأنموذج الأوروبي الغربي هو الأمثل، وما عداه هو الأقل، وبدأ حينئذ مفهوم التعددية الثقافية بمعنى أنه ليس بالضرورة أن يكون مثلا اللون الأسود أقل من اللون الأبيض، بل أثبت السود في أميركا بأنهم ليسوا بأقل من البيض في أوجه كثيرة من أوجه الحياة، ابتداء من الرياضة فالموسيقى ثم الدخول إلى رحاب الفكر، فحققوا نجاحات كبيرة في الرواية ونالوا جائزة نوبل، ونجحوا في القضاء ووصلوا إلى المحكمة الدستورية العليا، ثم نجحوا أخيرا بوصولهم إلى سدة حكم أميركا، الدولة العظمى.