ريمة لقرع أصغر أديبة جزائرية تعلن عن نفسها

«البنات الثلاث» مجموعتها القصصية الأولى

TT

قد تكون ريمة لقرع، أصغر أديبة في العالم العربي، وهي التي أصدرت أول كتبها ولم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها. ورغم أن الكتاب موجه بالأساس للأطفال فقد أبانت صاحبته عن قدرة سردية ولغوية لافتة، قد تنتزع من خلالها مكانة بين الكبار عندما تنضج تجربتها وتكتب لهم.

سنها الصغيرة وملامحها لا توحي بأنها كاتبة لها إصدار في سوق الكتب الجزائرية، يتمثل في كتاب «البنات الثلاث». وهو عبارة عن مجموعة قصصية للأطفال، نفذ رسومها المرفقة الفنان بن حاج طاهر محمد. اسمها ريمة لقرع وتحتفل في بداية يناير (كانون الأول) 2010 بعيد ميلادها الثالث عشر. وهي تدرس حاليا في تكميلية علي حمدان بالضاحية الشرقية للجزائر العاصمة الرغاية (30 كيلو متر شرق العاصمة). ورغم أن مجموعتها القصصية «البنات الثلاث» انتهت من كتابتها وعمرها لم يتجاوز الثانية عشرة فإن ظروف نشر خاصة أخرت الإصدار قليلا قبل أن يرى النور عن طريق «دار النبأ» الجديدة.

ويؤكد والد ريمة، حسين وهو إعلامي معروف، أن ابنته أظهرت تميزا واضحا منذ سنواتها الأولى. فهي تمتلك سليقة لغوية غير عادية لا تتوفر حتى عند الذين هم أكبر منها سنا. ويضيف حسين لـ«الشرق الأوسط»: «وهي في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، كانت ريمة تكتب المواضيع الإنشائية التي تطلب منها، بأسلوب مشوق ولغة سليمة قليلة الأخطاء، فكانت تحصل على أعلى العلامات دوما»، وواصلت ريمة تميزها في المدرسة عندما حصلت على شهادة التعليم الابتدائي في يونيو (حزيران) 2008 بمعدل 9.40 من 10 وكانت بذلك من بين الأوائل الذين حصلوا على هذه الشهادة في الجزائر. ويضيف والدها بالقول: «عندما أدركت موهبتها، عزمت على تنمية هذه الموهبة من خلال التوجيه والنصح فبدأت أجلب لها قصص الأطفال والجرائد والمجلات، الجزائرية والعربية، الخاصة بعالم الطفولة، على ندرتها، كما حرصت على أن أوجهها لمتابعة البرامج التلفزيونية الهادفة والرسوم المتحركة في القنوات المخصصة للأطفال، وكذلك بعض الأعمال التاريخية، وهذا لتنمية لغتها وخيالها وثقافتها العامة».

كان هدف والدها من ذلك هو تنمية موهبتها ومساعدتها على التفوق الدراسي، لكنه فوجئ بعد ذلك برغبتها في كتابة قصص قصيرة من باب محاكاة ما قرأته، ويقول: «لم آخذ الأمر بمأخذ الجد في البداية، ولكني لم أشأ تثبيط عزيمتها، فنصحتها بإعمال خيالها وتفادي الاقتباس من القصص التي قرأتها. وشرعت ريمة فعلا في الكتابة على مراحل وفي أوراق متناثرة، فأثارت انتباهي بسلامة لغتها وجودة أسلوبها وكأني أمام قاص معروف يتوجه بكتاباته إلى الأطفال منذ زمن، فطلبت منها إعادة كتابتها في دفتر قصد عرضها على دور النشر لاحقا». من هنا تشكلت هذه المجموعة القصصية الجديدة التي صدرت بالفعل تحت عنوان «البنات الثلاث» معلنة ميلاد أصغر كاتبة جزائرية وربما عربية لحد الآن، وعمرها لم يتجاوز الثانية عشرة. وعندما أتمت ريمة عملها يقول والدها: «كان الأمر تحديا كبيرا لأن الناس لن يصدقوا بسهولة أن طفلة في مثل هذا العمر يمكن أن تكتب قصصا للأطفال وهم الذين تعودوا أن يكتب الكبار فقط للصغار. وبعد قراءتي لقصص ريمة التسع أدركت أن الصغار قادرون على مخاطبة بعضهم بعضا أيضا، بل ربما فهموا كتابات بعضهم بعضا بشكل أفضل، ومن ثمة عزمت على إصدار هذه المجموعة تشجيعا لها على مواصلة الدرب، مع الحرص على نشر أخطائها كما هي وتصحيحها على هامش كل قصة، للحفاظ على المصداقية، وحتى يطلع القراء على أسلوبها ومستواها كما هو دون تدخل مني. وهي أخطاء سيلاحظ الجميع أنها بسيطة مقارنة بصغر سنها».

وعندما نشرت المجموعة القصصية، ولاقت ردود فعل مشجعة، شرعت ريمة في كتابة مجموعة قصصية أخرى للأطفال بعنوان «الوعد المنسي» وأتمت منها 6 قصص إلى حد الساعة، لكن والدها شاء هذه المرة التريث وطلب منها التركيز على دراستها وامتحاناتها لا سيما أن المقررات الدراسية مكثفة وتتطلب الكثير من الجهد للحفاظ على التفوق.

وعن هذه التجربة الأدبية المتفردة تقول الكاتبة الصغيرة ريمة لقرع لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت وأنا أقرأ الكثير من قصص الأطفال أنني أستطيع كتابة مماثلة، فبدأت أكتب، وحينما أطلعت أبي عليها، فوجئ وشجعني على المزيد». وتضيف الصغيرة ريمة: «لا يمكن أن أصف لكم مشاعر الفرحة والفخر وأنا أرى كتابي يرى النور بعد نحو 9 أشهر من الانتظار وأصبح أصغر أديبة في الجزائر». لقد أبانت ريمة وهي في سن الطفولة عن موهبة أدبية لافتة، وكتبت لزملائها الصغار ما لم يكتبه لهم الكبار. فهل تكتب للكبار لاحقا عندما تلتحق بهم؟ ريمة تعد بذلك، وفي الانتظار عليها التركيز على دروسها المدرسية قبل التفرغ للموهبة الأدبية في وقت لاحق.