الكويت: تقليم أظافر «رابطة الأدباء» أم إعادتها لـ «النسق»؟

بعد إجهاض تجربة «لجنة الحريات» في أقدم تنظيمات الخليج الثقافية

TT

يُنظر إلى الخلاف داخل «رابطة الأدباء» الكويتية، التي أعيد الأسبوع الماضي تشكيلها، على أنه مؤشر مهم لمسيرة التنظيمات الثقافية في الخليج خصوصا المؤسسات المستقلة، باعتبار أن «رابطة الأدباء» في الكويت كانت الأقدم على المستوى الخليجي، فقد تأسست عام 1924 تحت مسمى «النادي الثقافي»، ثم تغير المسمى عندما وُضعت قوانين الدولة الحديثة، ومن ضمنها قانون جمعيات النفع العام حيث شُهرت باسمها.

وخلال الأسبوع الماضي أعيد تشكيل مجلس إدارة «رابطة الأدباء» الكويتية، بعد استقالة أربعة أعضاء في المجلس السابق احتجاجا على ما أثير بشأن لجنة الحريات، التي اعتبر بعضهم أن أعمالها تمثل تدخلا في شؤون دول أخرى.

المجلس الجديد الذي شُكّل بعد اجتماع الجمعية العمومية «غير العادية» لـ«رابطة الأدباء» في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، انتخب مجلس إدارة جديدا لاستكمال مدة الهيئة المقررة 2009/2010. وتشكل المجلس الجديد من: الدكتور خالد عبد اللطيف الشايجي أمينا عاما للرابطة، والدكتورة ليلى خلف السبعان أمينا للسر، وصالح خالد المسباح أمينا للصندوق، وعضوية: جميلة عبد الله، وطلال سعد مبارك الرميضي، وسليمان داود الحزامي، والدكتور عادل محمد العبد المغني.

الدكتور خالد عبد اللطيف الشايجي، الأمين العام الجديد للرابطة، وأحد أبرز الوجوه الأدبية والثقافية في الكويت، قال لـ«الشرق الأوسط» بعد أن استعرض مسيرة الرابطة إن «في الكويت كما في غيرها فئات لها رؤى خاصة تريد إثبات وجودها رغم رأي الأغلبية، ولكن الرابطة بخبرتها ورسوخها تستطيع تجاوز كل الإشكاليات»، مضيفا: «لقد استطعنا تجاوز المشكلة، ونحن في الطريق إلى تسوية الأمور بما يضمن السير في تحقيق الأهداف الموضوعة».

وبشأن الانسجام داخل المجلس الجديد يقول الشايجي إن «التشكيل الجديد لهذا المجلس أكثر انسجاما مما مضى، وقد ضم مجموعة قوية من الإخوة الأعضاء كل له تخصصه، ففيه الوزير وفيه الوكيل وفيه الأكاديمي وأستاذ الجامعة».

وردا على سؤال عن صحة القول بأن الرابطة فقدت ميزتها كتنظيم ثقافي مستقل، وأصبحت مجرد لجنة أدبية تحت دعوى كف يدها عن التدخل بشؤون الآخرين، رد الشاجي بأن «هذا غير صحيح، فالرابطة ليست فردا يتصرف كيفما شاء» مضيفا أن «للرابطة جمعية عمومية يمكنها حل المجلس في أي وقت ترى فيه ميولا وأهدافا غير الأهداف الثقافية، ثم إننا، لا في الكويت فقط بل في الوطن العربي كله، نشكو الهبوط الثقافي، والبعض يظن أن الأمر سيُحَلّ بلمسة عصا، ولذلك نرى التسرع لدى الكثيرين من المحدثين الذين لدى البعض منهم غيرة على الثقافة والتراث، وأعتقد أن ذلك هو محور الخلاف الذي يسعى فيه المخالفون.

لكن ألم تقيد الإجراءات الجديدة الرابطة وتفقدها استقلاليتها كمؤسسة مجتمع مدني؟ يقول الشايجي: «هذا غير صحيح لأن هذه اللجنة لم تكن موجودة أصلا إلا في الفترة الأخيرة في مدة لا تتجاوز شهرين أو ثلاثة ثم ذهبت مع المجلس الماضي». وأضاف: «إننا مهتمون بالثقافة التي هي أساس بناء المجتمع، فالمجتمع الجاهل لا يستطيع أن يختار الأهداف ولا يحدد البدائل، ولا يستطيع أن يرتقي بآماله وطموحاته الوطنية».

أما الأمين العام السابق للرابطة، الروائي حمد الحمد، فاعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن رابطة الأدباء الكويتية «من أفضل جمعيات النفع العام في الكويت وأكثرها نشاطا، فأسبوعيا هناك محاضرة ثقافية، وكل يوم اثنين هناك نشاط للشباب تحت مسمى (منتدى المبدعين الجدد)، ولها إصدار شهري، هو مجلة (البيان) التي تصدر منذ أكثر من 40 عاما، في حين أن بقية جمعيات النفع لا تسمع لها نشاطا مشابها، والرابطة تدافع عن الحريات والتمسك بالدستور».

وعن خلافات مجلس الإدارة السابق يقول الحمد إن «استقالة مجلس الإدارة السابق غير مبررة، ولم تكن بسبب خلافات بين أعضاء مجلس الإدارة إنما هناك قلة من أعضاء الجمعية العمومية يقفون أمام جهود مجلس الإدارة، لهذا كانت الاستقالة».

ويتساءل الحمد: «ما داموا قلة، فلماذا استقال المجلس؟ إن العتب يقع على الأمين العام لعدم محاولته بحث الأمر مع الآخرين من الأعضاء الموجودين أو طلب الأعضاء الاحتياط وإكمال دورة المجلس».

ويصف الحمد الجدل الذي صاحب لجنة الحريات بـ«الجدل الصامت». ويقول: «بعد انتخاب مجلس الإدارة السابق تم تشكيل لجنة جديدة تحت مسمى لجنة الحريات، وهذا مسموح به وفق نظام الرابطة، ولكن ما حدث أن اللجنة شكلت من أساتذة ودكاترة نجلهم ونحترمهم، منهم الدكتور أحمد البغدادي، وطالب المويل، والدكتورة وداد الخطيب، وآخرون، والغريب في الأمر أن لا أحد من أعضاء الجمعية العمومية للرابطة عضو في اللجنة، والمعتاد أن أعضاء اللجان أغلبهم من الرابطة». وذكر الحمد أن اللجنة بعد تشكيلها «راحت تصدر بيانات بالصحف لمساندة كتّاب بالدول العربية وأغلب هؤلاء الكتاب لا نعرفهم ولم نسمع بهم»، مضيفا أن «نظام الرابطة لا يسمح أن تصدر اللجان بيانات إلا بعد توقيع الأمين العام أو أمين السر، وهذا معمول به منذ أكثر من أربعة عقود وعلمنا أن اللجنة تصدر بيانات دون توقيع الأمين العام وهذا مخالف للنظام الداخلي، ووفق المخالفات المذكورة أعلاه تقدمت أنا بصفتي أمينا سابقا واثنان من الأعضاء هما عبد لله خلف (أمين سابق) وخالد الشايجي (أمين سر سابق) بكتاب سري موجَّه إلى الأمين العام خالد عبد اللطيف رمضان، يذكر المخالفات التي ذُكرت سابقا، وكان مطلبنا إعادة تشكيل اللجنة فقط، وكان من المفترض أن نتلقى ردا مكتوبا، ولكن لم نتسلم أي إيضاحات، وفجأة استقال مجلس الإدارة، وفي الحقيقة لو كنا نعلم أن المجلس سيستقيل بسبب كتاب لما أقدمنا على ذلك، ولم نعلم أن لجنة الحريات لا تؤمن بالحريات وترفض أن ينتقدها الآخرون».

ورفض الحمد بشكل قاطع الرأي القائل بوجود جهات خارج الرابطة أجهضت لجنة الحريات، وقال: «إما أن تكون هناك جهات خارجية وراء وقف هذه اللجنة، وهذا قول غير صحيح، وإما أن يكون ما حدث بشأن لجنة الحريات هو فقط أخطاء من بعض أعضاء مجلس الإدارة السابق، خصوصا الشباب لعدم إلمامهم بنظام الرابطة المعتمد من الجهات الرسمية». «الشرق الأوسط» حاولت على مدى ثلاثة أيام الاتصال بأعضاء لجنة الحريات وأعضاء في مجلس الإدارة السابق للتعليق على ملابسات، دون نتيجة.