«الرقابة» تحت الرقابة.. والوزير يحاور المثقفين

انطلاقة جديدة لمعرض الرياض الدولي للكتاب الثلاثاء المقبل

جانب من معرض الرياض الدولي للكتاب السابق («الشرق الأوسط»)
TT

يتطلع السعوديون إلى معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام الذي يفتتح يوم الثلاثاء المقبل ليضيف دفعة جديدة للحراك الثقافي، بما يفتحه المعرض من نافذة واسعة لحرية النشر والنقاش الفكري.

ويقام المعرض تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في مركز معارض الرياض الدولي، خلال الفترة من 2-12 مارس (آذار) المقبل.

ويشارك في المعرض أكثر من 600 دار نشر من 27 دولة، ويفوق عدد العناوين المشاركة هذه المرة ربع مليون عنوان، في حين كانت اللجنة المنظمة قد تعذرت بضيق المساحة التي حالت دون ارتفاع عدد دور النشر المشاركة إلى نحو ألف دار.

وكالعادة فإن أجهزة الرقابة تجد نفسها تحت الرقابة خلال فترة الإعداد للمعرض، بما تفسحه من مجال لدور النشر، وبما يمكن أن تقيد حركة دور النشر في اختيار العناوين المشاركة، فضلا عن تحديد نوعية الدور المشاركة. وهو الأمر الذي نفته في حينه وزارة الثقافة والإعلام مشيرة إلى أنها «لم ولن تمارس الإقصاء لأي دار نشر داخلية أو خارجية».

ويوفر المعرض بما يتضمنه من فعاليات ثقافية وفكرية مساحة أخرى لحرية النقاش داخل المشهد الثقافي السعودي، واختارت وزارة الثقافة والإعلام موضوعين رئيسيين هما: المنتديات الثقافية الأهلية، بما تمثله من مساحة للحراك الثقافي الأهلي وقدرتها على تأسيس سياقات ثقافية خارج المؤسسات الرسمية، حيث تحتفي ببعض هذه المنتديات وتسلط الضوء على تجربتها الثقافية، وكذلك كان الحوار الوطني أحد موضوعات النقاش التي تطرحها الوزارة على المثقفين السعوديين.

ولأول مرة، في فعاليات معارض الكتب، ينخرط وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة في حوار مفتوح مع المثقفين والمثقفات السعوديين، من المتوقع أن يكون في الأسبوع الثاني من المعرض، مساء الثلاثاء 9 مارس (آذار).

عبد الرحمن الهزاع الناطق الرسمي باسم وزارة الثقافة والإعلام السعودية قال لـ«الشرق الأوسط»: إن أفق الرقابة واسع، وطالب دور النشر المشاركة بالالتزام بالمعايير التي تم الاتفاق عليها مسبقا، معددا واحدا من هذه المعايير وهو الالتزام بعرض الإنتاج الجديد لهذه الدور وعدم الاعتماد على مخزونها من الكتب، معتبرا أن وزارته حريصة على أن تكون العناوين المشاركة ذات وزن معرفي سياسيا واجتماعيا وثقافيا ودينيا، وتتسم بالتنوع، ولا تخرج على الذوق العام وأن لا تخدش الحياء أو تتضمن هجوما على الأشخاص أو دياناتهم أو عرقياتهم.

وقلل الهزاع من ازدواجية الإجراءات الرقابية التي حفلت بها معارض الكتب السابقة، وبينها قيام محتسبين بجولات رقابية أثناء عرض الكتب، وقال: «القاعدة أن الأصل في الكتاب مجاز ومن حقّ القارئ الاطلاع بحرية وبكل شفافية»، مستدركا أنه «قد يُعثر على بعض الكتب التي قد تخرج عن العرف والذوق الاجتماعي أو الديني أو السياسي أو الثقافي»، وفي حال تصنيفها ضمن هذا السياق فإنه «لا يسمح لها بالعرض».

وأعلن الدكتور عبد الله الجاسر وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية المشرف العام على معرض الرياض الدولي للكتاب بأن «وزارة الثقافة والإعلام لم ولن تمارس الإقصاء لأي دار نشر داخلية أو خارجية»، مشيرا إلى أن «الحجوزات تمت بحسب أولوية التسجيل والحجز، وإن المعيار الرقابي لم يكن اجتهادا فرديا أو مزاجيا، بل وفق خط واضح وثابت وضعه متخصصون من الباحثين والمفكرين المتعاونين مع المعرض هذا العام».

وقال الجاسر: إن وزارته كونت فريقا متجانسا من جميع قطاعاتها، وكذلك المؤسسات الثقافية الحكومية والأهلية من أجل أن يحقق معرض الرياض الدولي للكتاب رؤية المملكة الثقافية والإعلامية، وألا يكون مجرد حيز لبيع واقتناء الكتاب، وإنما محفل حضاري ثقافي يعكس النماء الثقافي في السعودية.

وبشأن البرنامج الثقافي، صرح الدكتور عبد الله الجاسر وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الإعلامية المشرف العام على المعرض أن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام أسهم في إعداده وتكوينه أكثر من 60 باحثا وباحثة من مختلف مناطق السعودية من خلال لجنة متخصصة كونت لهذا الغرض.

وبرأي الجاسر، فإن البرنامج الثقافي لهذا العام روعي فيه «التوازن والتنوع»، وهو يتضمن ندوة عن المنتديات الثقافية في المملكة، وإسهاماتها في دعم مسيرة التنمية الثقافية السعودية، وندوة الثقافة العلمية ودورها في التنمية الوطنية، وأخرى عن الأطباء الأدباء والأدب في حياتهم، وندوة عن الكتاب السعودي بين المؤلف والناشر والقارئ، وأخرى عن الكتاب المترجم وقضاياه.

ويتضمن البرنامج الثقافي لهذا العام أمسية عن الحوار الوطني في السعودية ودوره في تعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال والتسامح.

وسوف يكرم وزير الثقافة والإعلام في حفل الافتتاح بعض رواد المنتديات الثقافية السعودية لدورهم الريادي الثقافي وأثره في تنمية ودعم نهوض وتطور العمل الثقافي السعودي.

وتم اختيار دولة السنغال (ضيف شرف المعرض)، وستقدم مجموعة من الندوات والمحاضرات للتعريف بمساهمة السنغال في الحضارة العربية والإسلامية، والتنوع الثقافي، والفنون الشعبية السنغالية، والأدب العربي في السنغال. وستُعرض في الجناح المخصص لها، كتب ومخطوطات مكتوبة باللغة العربية، وصور فوتوغرافية لمؤلفين سنغاليين، ووثائق ترويجية لناشرين سنغاليين.

وذكر الجاسر أن وزارة الثقافة والإعلام ترجمت عددا من الروايات والقصص السنغالية إلى اللغة العربية وطبعتها، ومنها: رواية «شرفة الكرامة» لمالك ضيا، ورواية «نشيد الأرجوان» لمارياما با، وقصة «غورغي» لمباي غانا كابيه، ورواية «الساحل في لاغوس» لأمين دياكاته، وروايتي «المغامرة الغامضة»، و«حراس المعبد» للروائي السنغالي الكبير حميدو كان.

وأشار إلى أن وزارة الثقافة والإعلام السعودية تسعى إلى إطلاع المثقفين المحليين والعرب وزوار المعرض على بعض القصص والروايات السنغالية التي ألفها نخبة من القاصين والروائيين السنغاليين، وكذلك الاطلاع على مسارات الأدب السنغالي بصفة عامة، مشيرا إلى أن هذه القصص والروايات التي أعدت وعربت باللغة العربية سوف تُوزع خلال المعرض في الجناح المخصص لوزارة الثقافة والإعلام.