فنانون سعوديون لـ «الشرق الأوسط» : آن الأوان لحل مجلس إدارة جمعية التشكيليين لفشلها

رئيس الجمعية السابق مدافعا: أسسنا البنى التحتية.. وخذلنا الزمن وضعف الدعم

فنانة تشكيلية تستعرض لوحاتها في معرض خيري أقيم في المنطقة الشرقية لدعم مرضى السرطان
TT

أيام قليلة، وتتجه أنظار التشكيليين السعوديين نحو خوض معركة اختيار أعضاء المجلس الجديد لإدارة جمعيتهم في دورتها الثانية، وفي هذه الفترة يعول الكثير من التشكيليين السعوديين كثيرا على الإدارة الجديدة التي ستضطلع بمهام جسيمة في الدورة المقبلة لتحقق طموحاتهم، التي يعتقدون أن مجلس الجمعية في الدورة الأولى فشل في تحقيقها.

وقال تشيكليون، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «حل مجلس إدارة الجمعية في الفترة الحالية، والتوجيه بدعوة أعضائها لإجراء انتخابات من أجل اختيار أعضاء مجلس إدارة جديد في دورتها الثانية، أمر حتمي وضروري، باعتبار أن الجمعية القائمة لم تحقق لهم أي مكاسب أو إنجازات تذكر».

في حين أشار البعض إلى تصريحات الدكتور عبد الله الجاسر، وكيل وزارة الثقافة والإعلام السعودية للشؤون الثقافية، في فترة سابقة، التي أوضح فيها أن بعض المؤسسات الثقافية غير فاعل ويعتري مجالس إداراتها بعض التعثر، كان المقصود بها جمعية التشكيليين.

من ناحيته نفى عبد الرحمن السليمان رئيس جمعية التشكيليين السعوديين أن يكون الدكتور عبد الله الجاسر، وكيل وزارة الثقافة والإعلام السعودية للشؤون الثقافية، كان يعني بتصريحاته تلك، جمعية التشكيليين، في حين رفض السليمان أي نوع من أنواع الربط ما بين تصريحات الجاسر والدعوة لحل مجلس إدارة الجمعية، وانتخاب أعضاء جدد، موضحا أن ذلك يصب في السياق العام والطبيعي، باعتبار أن النظام الداخلي للجميعة والمتفق عليه، ينص على ضرورة أن تكون مدة أي دورة سنتين، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة والإعلام السعودية طلبت تمديد فترة عمل مجلس الإدارة سنة إضافية، ليكون مجمل عمل المجلس ثلاث سنوات.

وقال رئيس جمعية التشكيليين السعوديين لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجمعية حققت الكثير من المكاسب لصالح الحركة التشكيلية السعودية والفنانين التشكيليين السعوديين، أولها ميلاد الكيان نفسه كمؤسسة ثقافية معترف بها وتمثل قطاعا كبيرا من شرائح الفنانين السعوديين، بالإضافة إلى أن الجمعية واجهت الكثير من التحديات التي تواجه أي عمل تأسيسي يبرز للوجود لأول مرة، حيث بذلت إدارة الجمعية جهودا كبيرة لوضع اللبنات والبنى التحتية الأولى للانطلاق في العمل المؤسسي».

وأوضح السليمان أنه «على الرغم من العمر القصير لميلاد الجمعية ومجلس إدارتها في الدورة الأولى، وكذلك ضعف الدعم المادي، فإن الجمعية استطاعت أن تشق طريقها باقتدار، وقامت بالكثير من الأنشطة، حيث أقامت أول معارضها العامة برعاية وزير الثقافة والإعلام، والذي دشنه وكيل الوزارة الدكتور عبد الله الجاسر وتضمن أكثر من مائة وأربعين عملا فنيا مما يعني أن الجمعية تسير في الاتجاه الصحيح».

وأشار السليمان إلى نجاحات المجلس في دورته الأولى بقوله: «إنه نجح في ضم 130 فنانا تشكيليا إلى عضوية الجمعية، من مختلف المناطق. ومع كل الظروف الصعبة التي واجهتها، فإنها استطاعت أن توجد مقرا مناسبا وأن تهيئ هذا المقر بالمكاتب والصالة الخاصة بالعروض الدائمة والمعارض المستضافة أيضا».

وأوضح السليمان أن «الجمعية استكملت لوائحها، وأقرت في اجتماعات مجلس إدارتها أنشطة متعددة، من بينها ملتقى الفن التشكيلي السعودي»، وقال: «نحن في الجمعية لم نزل نعمل بإمكاناتنا ونسعى إلى أن نكون مساهمين فعليا في الساحة التشكيلية المحلية»، مشيرا إلى أن «هناك بعض الورش الفنية والحوارات واللقاءات تبنت الجمعية تنظيمها»، مشيرا إلى مشروع إقامة ملتقى دوري للفنانين تطرح فيه بعض الجوانب المتعلقة بالمسيرة الفنية، كما أن الجمعية عادة ما ترحب باستضافة معارض لأعضائها وبمقرها.

وأكد السليمان، أن «الجمعية بيت للفنانين التشكيليين ومكان لتقبل آرائهم ومقترحاتهم وما يخدم الساحة التشكيلية السعودية»، مشيرا إلى أن الجمعية لها إسهاما في بعض المناسبات الفنية، وكان آخرها المعرض الذي أقامه الفنان السوداني راشد دياب، وقبل ذلك المعرض الذي أقيم للفنانين التشكيليين المشاركين في الملتقى الذي نظمه الفنان سعد العبيد، كذلك دورها في التنسيق مع وزارة التعليم العالي لاقتناء أعمال من الفنانين التشكيليين السعوديين.

وشدد السليمان على أن «المطلوب انتخاب مجلس إدارة للدورة للجديدة، ويمكن للمجلس الجديد الانطلاق من حيث انتهى المجلس الأول»، مبينا أن الإدارة الجديدة إذا وجدت الوقت والدعم المادي الكافي، ستنقل الحركة التشكيلية إلى أفق أبعد، وستسهم في نقل صورة جديدة وغير تقليدية عن الفن التشكيلي السعودي، لتوضح مدى قدرة الفنانين السعوديين على مواكبة التعبير الذي يوفره الفن التشكيلي.

من جانبه، يقول يوسف جاها (فنان تشكيلي سعودي)، إن «هناك بالفعل حاجة ماسة لحل مجلس إدارة الجمعية، ومن ثم تكوين قيادة إدارة أخرى جديدة تضم دماء فنية جديدة في دورتها الثانية، وأن تكون قادرة على العطاء وتحقيق الإنجازات»، في حين يعتقد جاها، أن «التصريحات التي أطلقها الدكتور عبد الله الجاسر، وكيل وزارة الثقافة والإعلام السعودية للشؤون الثقافية حول بعض المؤسسات الثقافية، أن المقصود بها جمعية التشكيليين وقال (يبدو أنها آتت أكلها وآن الأوان لقطف ثمارها)».

وأضاف جاها أن «المتأمل في الساحة التشكيلية السعودية في أغلب الأحيان، سيكتشف أنها لا تملك محرضات الفعل الفني التشكيلي الحقيقي المؤثر، لا داخليا ولا خارجيا»، في حين يرى أن المناشط التشكيلية التي تقوم بها الجمعية ما هي إلا أشباح تشكيلية تظهر في شكل ندوات أو معارض، ولكنها لا تمثل أي نوع من أنواع الإضافات لمستوى التشكيل السعودي القوي، بالمقارنة مع مثيلاته خارج السعودية والذي يتسلح بالإرادة الفاعلة المؤثرة.

وقال جاها إن «الحركة التشكيلية السعودية تقوم الآن على الجهود الفردية والذاتية»، في إشارة منه إلى سلبية دورة جمعية التشكيليين وعدم قدرتها لاحتضان الفنان التشكيلي السعودي بالشكل الذي يجعله يبدع ويؤثر، وعزا ذلك لغياب شفافية برامج الجمعية وعدم تواصلها مع الفنانين، وكذلك قصور برامجها عن أداء الدور المنوط بها طوال العامين الماضيين، ملمحا إلى أن الجمعية لم تستطع تطوير آلية تنشيط الحركة التشكيلية، ما ترتب عليها عدم القدرة على العطاء ومن ثم تحقيق الإنجازات.

وأبدى جاها تفاؤلا كبيرا في الانتخابات المقبلة لتكوين مجلس إدارة جديد، واعتبرها فرصة سانحة لحشد أسماء تشكيلية تستطيع توجيه دفة الجمعية ووضعها على الطريق الصحيح، في حين أشار إلى أن أعضاء الجمعية لديهم القدرة على وضع معايير وأسس تمكن جمعيتهم من تطوير آليات عمل المرحلة المقبلة، كما شدد على أهمية اعتماد الشفافية كعنصر مهم في تبني الأنشطة المختلفة، داعيا لإتاحة فرص تمثيل حقيقية لأعضاء مجلس إدارة جدد من مختلف مناطق السعودية.

ويعتقد جاها أنه «لا بد للمجلس الجديد أن يستوعب القدرات الإبداعية التشكيلية السعودية بشكل أكثر فعالية، حتى لا تضطر للجوء إلى جهودها الفردية الذاتية والاعتماد عليها فقط، كما كان يحدث قبل ميلاد الجمعية، مع ضرورة إتاحة فرص داخلية وخارجية لهم بالتساوي حتى يتفاعلوا مع مبادئهم التشكيلية»، مطالبا بوضع ميزانية شهرية وسنوية كافية.

وفي حين يرى زهير مليباري (فنان تشكيلي سعودي)، أن الدكتور عبد الله الجاسر كان بالفعل يعني بتصريحاته جمعيتهم، ويعتبره محقا فيما ذهب إليه، معددا الأسباب التي تبرر حل مجلس إدارة الجمعية وضخ دماء جديدة قادرة على تحقيق طموحات التشكيليين السعوديين داخليا وخارجيا.

ومن المآخذ التي اعتبرها مليباري أخلت بدور الجمعية المفترض، حصر المشاركات الخارجية في التعريف بالحركة التشكيلية الفنية السعودية فقط، من دون التطرق إلى تسمية الفنانين البارزين في هذا المجال من أصحاب الإبداعات التشكيلية المجمع على ريادتها، مشيرا إلى أن المشاركات الخارجية كانت في الغالب يستأثر بها وجه واحد يتكرر دائما، من دون إتاحة الفرص لمبدعين آخرين متمكنين، مما أضعف جودة المشاركة الفنية الخارجية التي تتبناها الجمعية.

وأوضح مليباري أن «الجمعية كانت تصب جميع الأنشطة التشكيلية في إقامة معارض دورية لا تحمل شيئا من الإبداع التشكيلي المؤثر بقدر ما كانت تستنزف موارد الجمعية ومخصصاتها المالية»، مبينا أن الورش التشكيلية التي كانت تقام لا تتعدى المجهودات التي تقوم بها المدارس المتوسطة والثانوية».

وقال مليباري، إن «مجلس إدارة الجمعية فشل في صناعة مبادرات للتواصل ما بين الجمعية وما بين عموم الفنانين التشكيليين السعوديين إلا في حدود ضيقة، كما أن الجمعية فشلت في استقطابها لرجال الأعمال في دعم مسيرة العمل التشكيلي السعودي ودعمه»، مشيرا إلى غياب دورها التوعوي التثقيفي، مؤملا في المجلس الجديد للجمعية النظر في الأخطاء السابقة والعمل على تجاوزها لتحقيق الإنجازات المنشودة.

ولا يختلف الفنان التشكيلي السعودي طه الصبان عن كل ما ذهب إليه الفنانان جاها ومليباري، مبينا أن «مجلس إدارة الجمعية في دورته الأولى لم يقم بإنجاز يحسب له، وأن ما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية لصالح الحركة التشكيلية السعودية، سواء أكان ذلك بالداخل أو الخارج، كان نتاج أعمال ومجهودات تشكيليين سعوديين ذاتية ومنفردة، مبينا أن صوت الفنان التشكيلي السعودي، استطاع أن يصل من خلال هذه المبادرات إلى أصقاع بعيدة من العالم من دون أي مساعدة من الجمعية».

وأشار الصبان إلى أن «الجمعية في وضعها الراهن لم تستطع أن تدعم المبدعين الذين يحملون رسالة تهتم بجماليات العمل الفني كما تهتم بالمضمون الذي يحمله العمل الفني من خلال تعايشه مع البيئة والتراث الحضاري، مع الانفتاح على الحضارات والفنون العالمية الأخرى، كما يعتقد الصبان أن الجمعية فشلت في أن تبني روابط مشتركة تجمع بين الفنانين كونهم يعبرون عن بيئتهم».

وطالب الصبان الجهات المعنية في وزارة الثقافة والإعلام بضرورة إتاحة فرص متكافئة للفنانين التشكيليين السعوديين للإدلاء بآرائهم بكل شفافية وصدق لاختيار مجلس إدارة قادر على خدمة الحركة التشكيلية السعودية ورصد كل الأخطاء التي وقعت في الفترة الماضية، والعمل على تجاوزها وتصحيح مسارها بالشكل المطلوب، داعيا في الوقت ذاته الجهات المعنية إلى توفير الدعم اللازم للجمعية حتى تستطيع إيفاد مشاركات خارجية تمثل القطاع التشكيلي السعودي تمثيلا حقيقا، ويكون لها الأثر الفعال محليا وخارجيا.