د. صباح عيسوي: الطفل ابتعد عن محيطه الثقافي

TT

تقول الباحثة في مجال أدب الطفل، الدكتورة صباح عيسوي، أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة الدمام، الحاصلة على درجة دكتوراه في أدب الطفل بالسعودية، إن مشكلة عزوف الأطفال عن القراءة عموما، لا تقتصر على منطقة بعينها، فهي قضية مشتركة في البلاد العربية وكثير من الدول النامية، مع اختلافات حدة المشكلة من بلد لآخر أو من منطقة لأخرى.

وتعتقد عيسوي، التي أصدرت كتاب «ثقافة الطفل.. كيف ننميها»، أن هذه المشكلة لا تقتصر فقط على الأدب، ولكنها تتعلق أيضا بالاتجاهات نحو القراءة، ولا تنحصر في فئة الأطفال، بل تشمل البالغين، مشيرة إلى أنها تستشري بينهم بدرجة أكبر في هذه المناطق، على عكس الدول المتقدمة التي تعمل لإنشاء فرد محب للقراءة، «وهذا ما نفتقد إليه في منطقتنا، فنحن مقصرون في غرس حب القراءة في نفس الطفل وفي إيجاد القدوة، وفي توفير الأدب الجيد للطفل وجعله في متناول يده».

وتضيف العيسوي، التي كانت قد أنشأت مكتبة عامة للطفل في مدينة الدمام، على الساحل الشرقي للسعودية: «إن الحرص على توثيق صلة الطفل بالكتاب منذ السنة الأولى من عمره أمر ضروري، فهو يعمل على غرس حب القراءة، وتعود جعل الكتب والمجلات جزءا من حياة الطفل لا غنى له عنها، فالطفل بطبعه يميل للقصص والحكايات وسماع الأناشيد ومشاهدة ما يُؤَدى أمامه. لذا يمكننا توظيف الأدب الجيد كوسيلة لجذب الطفل للقراءة، وغرس حب القراءة في نفسه. ومن الضروري جعل الكتاب الجيد في متناول الطفل، ومساعدته في إدراك أهمية الكتب كمصدر للمعرفة والثقافة والتسلية، ووسيلة لاكتشاف العالم من حوله».

وتشير عيسوي إلى أن للأدب الجيد الموجه للطفل دورا مهما في تشكيل شخصيته وبناء ثقافته؛ فهو «وسيلة ترفيهية تعليمية تربوية فاعلة، تعمل على توفير المتعة والفائدة للطفل في الوقت الذي تعمل فيه على تزويده بالخبرات والمعارف، في إطار فني ينمي لديه الإحساس المرهف، والعقل المفكر، والتذوق الفني للكلمة والصورة، بالإضافة إلى أن الأدب يسهم في غرس قيم المجتمع ومبادئه في الأجيال الصاعدة، بعيدا عن الوعظ والتلقين، وتنعكس هذه الفوائد إيجابيا على نظرته للكتب والقراءة.

وبالنظر إلى مدى اهتمام الأدباء السعوديين بأدب الطفل، قالت عيسوي: «كشأن البدايات غالبا، كانت التجارب الأولى في أدب الطفل في السعودية متواضعة، حيث كان عدد الكتّاب محدودا، وافتقد نتاج غالبيتهم إلى السمات الفنية، وكانت تلك الأعمال متواضعة في إخراجها وإعدادها.

إن ذلك بالطبع يعكس قصور الاهتمام بالطفل في ذلك الوقت وعدم الدراية الكافية بسمات الأدب الموجه لهذه الفئة العمرية، وكذلك غياب النظرة الجادة إلى ما يُكتب للطفل وإلى كاتب الطفل، في ظل تواضع شكل النشر والطباعة حينها.

إن الاهتمام بالطفل في السعودية مر بمراحل كثيرة، وانعكس ذلك على أدبه وثقافته. ومجمل ما يقدم للطفل في السعودية هو ضمن الأدب الجيد في مضمونه وإخراجه. المضمون يتمثل في تنوع المواضيع المطروحة، واللغة المستخدمة لإيصال تلك المواضيع، ومدى مراعاة الكاتب لخصائص المرحلة العمرية التي يخاطبها وحاجاتها، أما الإخراج فيتمثل في حجم الكتاب ونوعية الورق والخط المستخدم والرسوم ومستواها الفني ومدى مناسبتها للنص».

وتضيف أخيرا: «ربما ما زلنا بحاجة إلى معالجة المزيد من المواضيع والقضايا لطفل اليوم، الذي انفتح على العالم، وارتقى باهتماماته وتفكيره. ويعاب على بعض ما يكتب للطفل الميل إلى الوعظ والمباشرة في صياغة رسالة الكاتب، كما أننا بحاجة إلى مخاطبة فئة اليافعين عبر أدب جيد موجه للمرحلة العمرية من 13 - 18 يتناسب واحتياجاتهم ويعالج قضاياهم بطريقة تسهم في نموهم السليم».