مسرحية في واشنطن مدتها سبع ساعات عن «اللعبة الكبرى» في أفغانستان

مكونة من ثلاثة أجزاء: بريطاني وروسي وأميركي

TT

عرضت مسرحية في واشنطن عن تاريخ أفغانستان في ما يخص الغزوات الخارجية. إنها واحدة من أطول المسرحيات، تزيد مدة عرضها على سبع ساعات. وهي في الحقيقة مجموعة مسرحيات في مسرحية واحدة. لهذا، قسمت إلى ثلاثة أجزاء؛ كل ليلة جزء.

البريطاني (عن احتلال بريطانيا أفغانستان في القرن التاسع عشر)، والروسي (عن الاحتلال الروسي في القرن العشرين)، والأميركي (عن الاحتلال الأميركي، والبريطاني، في القرن الحادي والعشرين).

وتركز كل الأجزاء في المسرحية (وهي مسرحية بريطانية، عرضت في بريطانيا، ثم جاءت إلى أميركا) على وطنية وفخر الأفغان، وحبهم لوطنهم ورغبتهم في الموت في سبيله. وأظهرت المسرحية أن القوى العسكرية الأجنبية حاولت، وتحاول، فرض أفكارها وآيديولوجياتها على أفغانستان. في الجانب الآخر، يحرص الأفغان على ثقافتهم وحضارتهم ودينهم. وظهر ذلك في آيات قرآنية، وعبارات دينية، وصرخات استشهاد، وأذان، ودعاء هنا وهناك.

وفي عنوان المسرحية الكلمة الإنجليزية «كواغمايار» (مستنقع). ويكرر مناضل أفغاني أمام جندي بريطاني: «ألا تحس أنك تحارب الرياح هنا؟». وأكثر من التركيز على الاحتلال الأميركي الحالي في أفغانستان، تركز المسرحية، لأنها بريطانية، على الجانب البريطاني. مثل عندما تثور بريطانية على زوجها الجندي القادم من أفغانستان بعد أن فشلت في إقناعه بأن التدخل البريطاني (والأميركي) هناك لا فائدة من ورائه.

وركزت المسرحية الثلاثية على تناقضات في أفغانستان: بين المدينة والريف، الذين يتكلمون ويكتبون باللغة الإنجليزية (أو الروسية) مع الأجانب، ويعيشون وسط الجبال والمرتفعات ولا يعرفون الكتابة حتى بلغتهم. كما ركزت على التناقضات بين الحكام الأثرياء وعامة الناس، وفساد ملوك أفغانستان حتى دون تدخلات أجنبية. وأيضا، يعطي الفصل الثالث حكومة طالبان حقها من الظلم والتأخر والبدائية.

ومن وقت لآخر في المسرحية تنطلق تصريحات مسؤولين روس أو بريطانيين أو أميركيين (مثل هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية) عن «الأمن الوطني» و«المصالح الاستراتيجية» و«التحالف المشترك». وهناك تركيز أكثر على الاحتلال الروسي، خصوصا بسبب التناقض الكبير بين الفكرة الشيوعية والبلد المسلم غير المتطور.

ومن مشاهد المسرحية، في الجزء الخاص بأحداث القرن التاسع عشر: عازفو البوق خارج مدينة جلال آباد، وهم يراقبون بريطانيين هاربين من مذبحة نصبت لهم. وأمير أفغاني يوقع مع جنرال بريطاني على اتفاقية حدود بعد هزيمة البريطانيين في التدخل الثاني في القرن التاسع عشر. ومنظر الملك الأفغاني، أمان الله خان، وزوجته ووالدها محمود معلقون في سيارة عالقة في الثلوج بعد هروبهم من كابل 1929.

ومن مشاهد أحداث القرن العشرين: مجموعة من المجندين الروس من 1981 إلى 1987 يتحدثون عن أدوارهم في الحرب السوفياتية في أفغانستان. وعناصر من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) يتعاونون مع الاستخبارات الباكستانية لإمداد المجاهدين الأفغان في حربهم ضد الروس. وصحافي غربي في لقاء مع الرئيس محمد نجيب الله المتعاون مع قوات الاحتلال الروسية. وجنود من طالبان يدخلون العاصمة كابل سنة 1992.

ومن مشاهد المسرحية المستلهمة من أحداث القرن الحادي والعشرين: مندوبو وكالة المخابرات المركزية، بعد عكس دورها، يحاولون ويفشلون في إقناع الزعيم الأفغاني، أحمد شاه مسعود، للمساعدة في التدخل الأميركي في أفغانستان (مسعود اغتيل سنة 2001). وأميركيات يحاولن «تحرير» نساء أفغانيات عنوة لأنهن رفضن نزع «البرقع».

وأخيرا، وليس آخرا، منظر جنديين بريطانيين في أفغانستان يناقشان مبرر التدخل البريطاني (والأميركي) في أفغانستان، وعودة إلى مشهد في البداية من القرن التاسع عشر عن انسحاب البريطانيين من أفغانستان.

وكأن المشهد الأخير يقول إن التاريخ يعيد نفسه.