الليبراليون والليبراليات.. مسيرة ومنتهى

كيف يتقبل المجتمع مشاركة المرأة؟

TT

* ترى الكاتبة حصة أل الشيخ أن بعض الأفراد الذين يحملون فكرا محددا يمكن أن يطلق عليهم لقب «ليبراليين سعوديين»، إلا أنه في الوقت ذاته «لا يمكن تسمية أي رموز ولا حتى الحكم على النهج الليبرالي في ظل الأجواء المغلقة وعدم الانفتاح، رغم الأعراض المرضية التي تعاني منها الليبرالية السعودية، ومنها ازدواجية الأدوار من قبل المؤيدين والمنادين بالليبرالية، (ففي الوقت الذي يؤيد فيه الليبرالي حقوق المرأة الاجتماعية والعملية إلا أنه يحجبها عمليا».

من جهته، أكد محمد المحمود أن الليبرالية لا تريد قيادات ولا تصلح لها القيادات، إلا أن هناك كثيرا ممن يسهمون في بث روح الليبرالية في المجتمع، بعضهم نراه صريحا ودؤوبا وذا إصرار على إحداث التحول الثقافي المطلوب، والبعض الآخر يعبر بخجل وبوجل وبعموميات عن مبادئ الليبرالية، كما أن هناك أيضا من هو قادر على إحداث التغيير بالفعل، داعيا إياهم على ضرورة مضافرة الجهود على تفعيل أساسيات الليبرالية، وتجنب الجميع كل ما يهدر جهودهم، أو يشتت انتباههم، أو يمنح الآخرين الفرصة للطعن في مصداقيتهم.

أما فيما يخص فاعلية أداء الليبراليات السعوديات في الساحتين الثقافية والاجتماعية، فهناك من هو منكر لأي دور أو وجود، وبين من هو معترف بقوة الحضور.

فالدكتور توفيق السيف متفائل وسعيد بالظهور النسائي الليبرالي في السعودية، الذي تجسد من خلال «حملة بلدي» المطالبة بالمشاركة النسائية في الانتخابات البلدية من قبل عدد من الأكاديميات والمثقفات.

إلا أن بصيرة الداوود تقول إنها لم تسمع عن اسم أي سيدة سعودية ذات اتجاه وثقافة ليبرالية عميقة، متسائلة «إن وجدت وكانت تستوعب بالفعل عمق مفهوم الليبرالية وتجاربها الفلسفية التاريخية فما الذي يمنعها من الإعلان عن نفسها وبصراحة؟».

وبحسب الداوود، فإن أتباع التيار الليبرالي التنويري في السعودية سواء أكانوا رجالا أو نساء لا يزال معظمهم يخضع لضغوط أعراف وتقاليد ومفاهيم المجتمع السعودي الذي تحضر ماديا بشكل كبير. وتتفق معها الكاتبة حصة آل الشيخ، التي ترى أنه لا يمكن الحديث عن دور الليبراليات السعوديات في الوقت الذي يعانين فيه من قيود ومعوقات، فأداء الدور بحسبها بحاجة إلى صلاحيات للتقدم أماما، سواء أكان بجمعيات أو أحزاب، أو الترشح لمجالس البلدية.

ويجد محمد المحمود لاضطراب مفهوم الليبرالية لدى الليبراليات السعوديات مبررا سواء أكان نتيجة تنوع واختلاف معنى الليبرالية، أو لأن الأكثرية منهن «تبحث عن طوق نجاة في مجتمع يئد المرأة على كافة المستويات».

أما تناقض الليبراليين فيما يخص من المرأة، فهو كما يقول، أمر طبيعي الحدوث في أي مجتمع تقليدي. فالإنسان قد يتحرر ثقافيا، ولكن بشروط الواقع، والمتحكمات الاجتماعية الضاغطة، التي تحكمه بأكثر مما يستطيع، وأكثر مما يعي أيضا. إنه ليس آلة، وليس آحادي البعد، بحيث يتحكم في سلوكياته بعد واحد، وإنما هو كائن معقد، كائن متعدد الأبعاد.