«ملتقى النص الـ11» في جدة يكتشف إنسانية اللغة

يتناول علاقة اللغة بالهوية والخطاب السياسي والديني والثقافي والإعلامي

TT

يلتقي في مدينة جدة السعودية، على البحر الأحمر، جمهرة من المثقفين السعوديين يوم الثلاثاء المقبل لدراسة الظاهرة اللغوية وارتباطها بالإنسان، محاولين في عدد من أوراق العمل، مناقشة المفهوم اللغوي بدلالاته المختلفة نحو علاقة اللغة بالخطاب السياسي، والديني، والخطاب الثقافي، والهوية، والأدب، والخطاب الإعلامي.

ويأتي اللقاء الذي دعي له أدباء ومثقفون وكتاب ومتخصصون، من داخل السعودية ومن دول عربية، ضمن ملتقى النص الحادي عشر الذي ينظمه نادي جدة الأدبي الثقافي ويحمل هذا العام عنوان «اللغة والإنسان»، ويتناول ستة محاور رئيسية هي: اللغة والخطاب السياسي، اللغة والخطاب الديني، اللغة والخطاب الثقافي، اللغة والهوية، اللغة والأدب، اللغة والخطاب الإعلامي. وكانت الدورة العاشرة التي أقيمت العام الماضي بعنوان «الشعر العربي المعاصر في عالم متغير»)، أما الدورة التاسعة فتناولت موضوع «الرواية في الجزيرة العربية».

وفي حين حرص المنظمون على التأكيد على أن الملتقى هذا العام «يسوق التخصص في تقديم المضمون الفكري»، قال الدكتور سعيد السريحي، الناقد السعودي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المثقفين يتطلعون إلى «أن تكون الأوراق التي ستقدم إلى الملتقى، مساوية للطموح الذي يمثله عنوان هذا الملتقى، كذلك إلى أن تكون هذه الأوراق، ممثلة لما تشهده الساحة السياسية والإعلامية، والاجتماعية، من متغير يبرهن على أن للكلمة المنطوقة، والمسموعة، والمكتوبة، الدور الفاعل والمؤثر في تحريك الشعوب وإعلان الدور المنوط».

وأوضح السريحي قائلا «نأمل بأن يربط المنتدى اللغة، بحيث تكون هذه اللغة معبرة لعالم أفضل يبرأ من الظلم، والفوضى والتخريب وانعدام الإنسانية، وينعم بالحرية والعدالة، ونحن نحيا في عصر أضحى عصرا يعبر عن الكلمة، التي تعبر عن هذا التوق، ممثلة فيما تشهده كثير من العواصم العربية، من تحرك شعوب بدت تستيقظ على مفاهيم الحرية، ومحاربة الفساد، والتغيير، حيث يوضع العالم العربي على أعتاب مرحلة مختلفة».

كما حذر السريحي من أن يصبح المنتدى امتدادا لما سماه «التكرار والإعادة والاستعادة»، وهو ما يشعر الجمهور الثقافي بأنه لا ينتمي إلى هذا العصر بما فيه من حراك لم نشهده منذ عقود طويلة.. علينا أن نبحث بكلماتنا وأبحاثنا عن روح تنتمي إلى هذا الحراك العارم الذي ينتظم الشاعر العربي وأصبح يدرك معنى الكلمة.

من جهته أوضح الدكتور عبد المحسن القحطاني، رئيس نادي جدة الأدبي، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الملتقى يقام سنويا، ومواضيعه ومحاوره تهم الذائقة الأدبية مثل الشعر، والنقد، والترجمة، والسيرة الأدبية والذاتية للأدباء، والرواية العربية، والشعر العربي في عالم متغير، وهو ما حصل في العام الماضي، ونعكف في هذا العام على تسليط الضوء على اللغة والإنسان.

وقال القحطاني: «اللغة بعمقها، وتاريخها، وإيقاعها وتأثيرها، هي وجه عام لكل الخطابات، وتتسع للخطاب الديني».

وقال إن المحاور جرى انتقاؤها من أوراق كثيرة، وهذه السنة استقبلنا أكبر عدد من الأوراق البحثية، قدمت على مستوى الملتقيات، ودعي لها أشخاص، لم يشتركوا في اللقاءات وقراءات النص السابقة، لأننا حاولنا دعوة من هو متخصص في الفقه الديني، ومن تخصص في الألسنة، وهي محاور جيدة، وشاملة.

إلى ذلك قالت الدكتورة فاطمة إلياس، ناقدة ورئيسة اللجنة النسائية في «أدبي جدة»، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «عندما نضع اللغة على المحك، فإننا بذلك نستجدي الكثير من المفاهيم والأطروحات، حتى خارج النطاق الأدبي، لتمتد الجذور اللغوية نحو المفاهيم التاريخية والجغرافية، والسياسة، والكثير من الأجناس الفكرية والأدبية، لتدلف نحو المرأة، حتى بتنا نعد الكتابة على النقوش، أحد مظاهر اللغة».

واعتبرت أن محاور «ملتقى النص»، يجب أن ترقى بفكرها ونسقها وتجلياتها، لتشمل سمو اللغة وإرهاصاتها، وهو ما يخلق نوعا من التجاذب بين مفاصل المجتمع وأدبياته، واللغة عادة ما تستدعي الأقطاب الثقافية، خاصة النقاد.

ولاحظت إلياس أن اللغة باتت مجابهة لنفسها، وأضحى التغلب على اللغة البسيطة، هو الجموح الفكري المعلن، في وقت برزت فيه لغة جديدة هي لغة الإنترنت والـ«فيس بوك» و«تويتر»، وسيحمل «ملتقى النص» في طياته، مقدرة اللغة العربية ورصانتها أمام كل التحولات والنمطيات الفكرية المتعددة.