روائية سعودية تهاجم المجتمعات «الذكورية».. من الورق إلى التلفزيون

سارة العليوي: تهميش النساء يستفزني.. ولا أحمل «عقدة» تجاه الرجل

الروائية السعودية سارة العليوي
TT

رغم أنها لما تتجاوز عقد العشرينات من عمرها، فإن الروائية السعودية سارة العليوي تراهن على مقدرتها على تشريح هوية الرجل الشرقي، بعد أن وضعته تحت مقصلة قلمها، عبر ثلاثية من الأعمال الروائية، فقد جاءت روايتها الأخيرة لتحمل عنوان «للكذب رجال»، لتكمل سلسلة «نقد الجنس الآخر» والدفاع عن المرأة بصفتها الكائن المغلوب على أمره الذي يتعرض دائما لظلم الرجل، بحسب ما ترى الكاتبة.

العليوي، ابنة الأحساء التي تعمل في شركة «أرامكو» السعودية، يستفزها لقب «عدوة الرجل» وتؤكد أنها لا تحمل «عقدة» تجاهه، فيما تصف نفسها بالمتحدثة عن مخاوف بنات جيلها، بالقول «معظم القصص التي أنسجها لها خيوط على أرض الواقع، لمستها في حياة المعارف والصديقات وبعض زميلات العمل، مع تغيير جوانب معينة في الأحداث.. فأنا لم أظلم الرجال، ورواياتي ليست خيالية، ما أكتبه جزء من الواقع».

لكن هذا التبرير لا يعفي العليوي من انعكاسات الأفكار التي تروجها عبر كتاباتها، خاصة في روايتها الأخيرة التي تقول فيها إن الكذب هو «صفة جميع رجال العالم»! لكنها تعود لتؤكد على أن معظم قرائها هم من الرجال أنفسهم، الذين لا يجدون حرجا من رؤية الوجه الآخر للذكورة، حيث تعتقد أنها تختلف كليا عن مفهوم «الرجولة».

ويمكن وصف أعمال العليوي بأنها أشبه ما يكون بـ«الفضفضة» النسائية، حيث تسرد على لسان إحدى شخصيات عملها الأخير «الكذب خلق للرجال، والكره وجد كي تكره الأنثى الرجال!». وفي موضع آخر تقول «الرجل إن لم يكذب فسيكون مثل الإنسان الناقص أو الذي لديه إعاقة، ولن يقدر على أن يكمل حياته بشكل طبيعي»، ولا بد هنا من التوقف عند الإهداء الذي وضعته العليوي في مقدمة الرواية، بما نصه: «إلى كل امرأة عانت من كذب الرجال.. وإلى كل رجل جعل الكذب طريقه للخداع باسم الحب!».

تتحدث العليوي لـ«الشرق الأوسط»، عن حالة الصخب الدائم التي تعيشها تجاه الرجل بأنها «جزء من الواقع الذي يعصف بالعديد من نساء المجتمع»، حيث ترى أن الرجل ما زال يمثل الشخصية المحورية في حياة المرأة في حين لا تمثل المرأة ذات الأهمية في حياة الرجل، وهو ما تقمصته العليوي بوضوح عبر شخصية «داليا» في الرواية، التي تنتقدها صديقتها في أحد الفصول لكونها لا تستطيع العيش بعيدا عن الرجل (الزوج أو الأب أو الأخ)، واصفة ذلك بأنه يمثل «مصيبة» للفتيات.

وتطرقت الروائية أيضا إلى صورة رجال الحسبة الذين سمتهم «حراس الفضيلة»، وإشكالات توظيف المرأة، وأزمة ولي الأمر ومتطلبات سفر المرأة بلا محرم. ووفقا لغلاف الرواية، فإن «للكذب رجال» الصادرة عن دار «فراديس»، هي عبارة عن «قراءة لحالات إنسانية أنثوية تقرع بها الروائية الأجراس، وتضع يدها على الجرح، جرح نساء لا ذنب لهن سوى أنهن خلقن في مجتمع ذكوري!».

وكانت العليوي قد أصدرت قبل هذه الرواية عملين سابقين.. الأول بعنوان «سعوديات» عام 2007، والرواية الثانية بعنوان «لعبة المرأة.. رجل»، التي أصدرتها عام 2008.

وبسؤالها إن كانت قد عانت فعليا من طغيان الذكورية في المجتمع، نفت ذلك، مضيفة «ليس شرطا أن نعاني بشكل مباشر، فعاداتنا وتقاليد مجتمعنا معروفة، نعيشها في كل تفاصيل حياتنا، بداية من البيت وحتى المعاملات الرسمية»، إلا أنها تبدو محبطة عند حديثها عن تحسين أوضاع النساء في العالم العربي ككل، حيث تؤكد أنه «لا بوادر في التغيير».

العليوي التي ترى أن أكثر ما يستفزها في الرجال هو «تهميش النساء»، تعد نفسها «من المؤمنات بحقوق المرأة»، وعلى الرغم من أنها لم تكمل عامها الخامس في بحر الكتابة الروائية، فإنها تؤكد على استفادتها من النقد «القاسي» الذي واجهها في بدايتها، حيث تراه ساهم في تطوير أدواتها الأدبية، مؤكدة على أنها ما زالت تسير في ذات الخط «اللاذع» من خلال روايتها الرابعة التي تحضر لها الآن.

لكن يبدو أن أفكار العليوي العنيفة تجاه الرجال لن تظل حبيسة أوراق الكتب فقط، إذ تستعد حاليا لخوض غمار الكتابة التلفزيونية، من خلال تحويل روايتها الثانية التي تحمل عنوان «لعبة المرأة.. رجل» إلى مسلسل خليجي درامي، تدور أحداثه في عدة دول عربية، وذلك بعد أن تم التنسيق بينها وبين الممثلة ميساء مغربي بشأن تجسيد البطولة النسائية لهذا العمل، ممثلة في شخصية «ريم» في الرواية، التي تعد شخصية مركبة، تسعى لتدمير حياة أقرب الناس لها بدافع الامتلاك.

وتأتي هذه التجربة لتمثل إحدى التجارب المعدودة لدخول السعوديات في عالم الكتابة التلفزيونية، حيث ما زال هناك شح نسائي في عدد الكاتبات السعوديات للشاشة الصغيرة، وهو ما ترى العليوي أنه يمثل «دافعا كبيرا لها، في السعي لتحقيق النجاح من خلال هذا المسلسل»، مشيرة إلى كونها تستعد للدخول في ورش عمل مكثفة في الكتابة الدرامية خلال الفترة المقبلة، لتحويل رواياتها إلى مسلسلات تلفزيونية.