كتاب زاوج بين الاستطلاع والبروفايل لشخصيات من الساحة الأشهر في المغرب

ساحة الفنا وناسها

غلاف الكتاب
TT

يحاول عبد الكبير الميناوي في كتابه الجديد «ساحة جامع الفنا.. أية هوية؟ أي مستقبل؟»، أن يجد جوابا عن السؤالين. إلى أي حد استطاع؟ هذا هو السؤال. غلاف الكتاب كاد أن يكون لوحة، بل لعله كذلك، غلاف من صورة لافتة للساحة الشهيرة في مراكش التقطها عبد الرحمان المختاري، في حين صمم الغلاف جلال المتصديق.

يشتمل المؤلف على 11 نصا، كتبها الميناوي بلغته الشفيفة التي يضمخها في كثير من الأحيان بمفردات رومانسية شاعرية، لكنه لا ينسى خلفيته المهنية، لذلك هي أقرب ما تكون إلى استطلاعات حول أمكنة، مع بروفايل لأشخاص عاديين وآخرين شهرتهم ارتادت كل الآفاق.

عناوين النصوص هي: «الطريق إلى جامع الفنا»، و«الراس الكبير: 70 درهم.. الراس الصغير: 60 درهم»، و«99 تفاحة وغرابٌ أسود»، و«غولف جامع الفنا»، و«جامع الفنا.. بالأبيض والأسود»، و«نص يتناسل في نصوص»، و«خوان»، و«طبيب أسنان.. الساحة»، و«نص.. نص»، و«جودار.. ولد الحاج عمر»، و«مراكش.. بلازا».

يحاول الكتاب، من خلال نصوصه، التي سبق لها أن نشرت في الفترة مابين 2005 و2011، رصد التحولات التي تعرفها الساحة المغربية الأشهر، من خلال التوقف عند أسماء معروفة، مثل خوان غويتصولو ومحمد باريز، وغير معروفة مثل الرايس وبن لحسن، وأمكنة مشهورة مثل مقهى «فرنسا» وساحة «مراكش بلازا»، مع العودة إلى كتابات أرخت لماضي الساحة، سواء من طرف كتاب أجانب، مثل إلياس كانيتي وكلود أوليي وأدونيس، أو مغاربة، مثل سعد سرحان وياسين عدنان وعبد الرحمن الملحوني، وغيرهم.

إلى الماضي والحاضر، تنفتح نصوص الكتاب على سؤال مستقبل الساحة، آخذة بعين الاعتبار مسألة تصنيفها ثقافيا، من طرف منظمة اليونسكو، «تحفة من التراث الشفوي واللامادي للإنسانية».

ينطلق الكتاب بنص «الطريق إلى جامع الفنا» وينتهي، في إشارة تحمل أكثر من دلالة، إلى نص «مراكش.. بلازا»، الساحة الحديثة، التي تلخص الوجه الجديد والحداثي الذي صار لمراكش، المدينة التي استهوت، على مدى تاريخها، الشعراء والكتاب، كما سحرت الفنانين، فأرخوا لمرورهم منها. مراكش، حيث تتوالى الأيام والسنوات، فيما تعدل المدينة من مشيتها، قليلا أو كثيرا. مدينة يهيم بها سياح الداخل والخارج، على حد سواء. كلٌّ يأتيها من حيث اشتهى ورغب: الشعراء والمقاولون، السياسيون والرياضيون، الفقراء والأغنياء، المبدعون والمدعون.. لكلٍّ حكايته مع المكان والحياة. مراكش الحمراء، التي تساءل، بصدد تحولاتها، الشاعر العراقي سعدي يوسف، قائلا: «مرّاكشُ الحمراءُ تُبنى الآنَ / عالية / وعاصمة / فهل نحن الحجارة؟»: جملة شعرية «لعينة» وسؤال حارق ختم بها الميناوي صفحات كتابه.

نقرأ على غلاف الكتاب الخلفي: «لاسم ساحة جامع الفنا، بمراكش، وقع خاص في نفوس هواة السفر والسياحة. هي ساحة يصعب تعريفها، أو تقديمها لمن لم يسبق له أن تجول عبر تفاصيلها. كما أنها، قبل أن تكون فضاء للفرجة والأكل والتسوق، هي رمز وعنوان يقدم لتاريخ من الأحداث والأسماء. بين الماضي والحاضر، تتابع ساحة جامع الفنا حكايتها مع الزمن، ومع التحولات المتسارعة من حولها. وسواءٌ تعلق الأمر بالماضي الجميل، مع (الصاروخ) و(باقشيش) و(عمر مخي) و(دكتور الحشرات) و(فقيه العيالات)، وغيرهم، أو بالحاضر المرتبك، فإن الغاية تبقى هي تقديم فرجة يومية تجعل من جامع الفنا، ساحة مفتوحة على مستقبلها، في وقت ينبه ويحذر فيه كثيرون من خطر التفريط في رمزية الساحة وصيتها التاريخي والإنساني. ليس من رأى ساحة جامع الفنا كمن سمع أو قرأ عنها، هي التي ظلت تغير جلدها باستمرار، وهو تغير يكاد أن يحولها، اليوم، إلى مطعم شعبي كبير، مفتوح في الهواء الطلق، مع أن اليونسكو صنفت فضاءها الثقافي (تحفة من التراث الشفوي واللامادي للإنسانية)».