مدينة الجزائر تصر على مواصلة مهرجانها السينمائي

بعد أن فشلت في المدن الأخرى واختفت

رئيس المهرجان سليم عقارa
TT

أخيرا أصبح لمدينة الجزائر مهرجانها السينمائي الذي ترسخ من خلال التظاهرة التي اختتمت في الحادي عشر من شهر يوليو (تموز) الحالي، بعد دورة تمهيدية أولى تم تنظيمها قبل سنتين من الآن.

يفترض أن يحافظ المهرجان الذي حمل عنوان «الأيام السينمائية للجزائر العاصمة» على استمراره، وسيتم تنظيمه كل سنتين مثلما وعد رئيسه، المخرج سليم عقار. وهو إن كان التركيز فيه لحد الآن على مسابقتي الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية، فمن الممكن أن تتوسع المسابقة الرسمية إلى الأفلام الروائية الطويلة إذا كانت موازنة المهرجان كافية. وإلا فإن التركيز سيكون على تلك النوعية من الأفلام غير المكلفة، وسيكون حضور الأفلام الطويلة مقتصرا على العروض التي تتم خارج المسابقة، مثلما حدث في الدورة الجديدة، وعددها خمسة.

وإذا احتدمت المنافسة على جوائز الأفلام القصيرة التي تشهد نموا ملحوظا في الجزائر، فإن الأمر كان مختلفا مع مسابقة سيناريو الأفلام الوثائقية، عندما تم حجب جوائزها، بسبب ضعفها في الغالب، مما اضطر لجنة التحكيم إلى التوصية بفتح ورشات تدريبية للشباب في هذا النوع من السينما.

وكانت دورة هذه المرة من مهرجان مدينة الجزائر للسينما، قد افتتحت بصالة متحف السينما (السينماتيك)، بشارع العربي بن مهدي وسط مدينة الجزائر، وعرض 32 فيلما بين الوثائقي والروائي الطويل والروائي القصير، داخل المسابقة وخارجها. وهو من تنظيم جمعية المخرجين المستقلين، التي تعرف باسم «لنا الشاشات». وشارك في التظاهرة أفلام من الجزائر وفرنسا وسوريا وأنغولا ومصر والمغرب وتونس وقطر وفلسطين والإمارات العربية المتحدة، ومن سويسرا وبلجيكا وكندا وتركيا واليونان وبوركينا فاسو ولبنان.

ولم يقتصر المهرجان السينمائي على عرض الأفلام داخل وخارج المسابقة الرسمية، بل شمل أيضا محاضرات ألقيت وأديرت من قبل نقاد وفنانين من مختلف الدول المشاركة.

والحديث عن مهرجان مدينة الجزائر الوليد، يفتح موضوعا يؤرق السينمائيين ومحبي السينما، ويتمثل في المهرجانات السابقة التي تأسست في مختلف المدن الجزائرية، وفشلت في معظمها، بعد أن أجبرتها الظروف المختلفة على التوقف، وأصبحت مجرد ذكريات جميلة. فعن فكرة تأسيس مهرجان في مدينة الجزائر، لأول مرة في تاريخها المعاصر، وعلاقة ذلك بالمهرجانات السابقة، يقول رئيسه، المخرج سليم عقار، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المهرجان ليس بديلا عن مهرجانات سينمائية أخرى، وأحد دوافع تأسيسه هو أن مدينة الجزائر لم يكن لها في السابق أي مهرجان يحمل اسمها. أردنا أن نؤسس لفضاء سينماتوغرافي في العاصمة». ويضيف في السياق نفسه إن «فشل المهرجانات السينمائية في الجزائر، لا يتعلق بالتمويل فقط. أعتقد أن منظمي تلك المهرجانات فقدوا الأمل ولم يستمروا. مشكلة المهرجانات في الجزائر تكمن في ارتباطها بأسماء بعض المسؤولين المحليين، وإذا تغيّر المسؤول ذهب المهرجان بذهابه. أنا اخترت أن أكون شريكا في هذا المهرجان مع وزارة الثقافة الجزائرية بشكل مباشر، وأعتقد أن مؤسسة بهذا الحجم لا يمكن أن ترتبط بشخص».

لكن هل تتغلب إرادة المؤسسين على المعوقات ويستمر المهرجان، أم سيكون كسابقيه؟ يجيب سليم عقار: «ليس لي ضمان مادي، لكني أمتلك الإيمان الكافي بنجاح المهرجان واستمراره، فحتى ولو لم تكن لي إمكانيات مادية لاستقبال الضيوف، فقد ألجأ إلى بث الأفلام دون حضور أصحابها. ومهرجان السينما هو بالدرجة الأولى فضاء لعرض الأفلام، إذا كانت لنا الميزانية الكافية يمكن أن نستضيف من نشاء من الفنانين وإلا سنكتفي بعرض إنتاجهم، هذا وعد مني. ونجاح هذه الأيام السينمائية، سيكون حافزا لنا من أجل أن نكمل المسيرة في دورات مقبلة».

رغم الضعف الملاحظ في مستوى الأفلام الوثائقية، التي حجبت الجوائز الخاصة بكتابتها، فإن رئيس المهرجان بدا متفائلا بمستقبل هذه النوعية التي يراهن على استمراريتها، ويقول: «في البرنامج تسعة أفلام وثائقية؛ اثنان منها من الجزائر، وأعتقد أن الفيلم الوثائقي بخير، والأمر مختلف مع الفيلم السينمائي الطويل في الجزائر الذي يعاني من مشكلات معقدة. فالجزائر لا تنتج عددا كبيرا من الأفلام الطويلة بسبب ميزانياتها الضخمة».

وبكثير من التحدي والإصرار يقول عقار لـ«الشرق الأوسط»: «برهنا أنه بإمكاننا تأسيس مهرجان سينمائي في مدينة الجزائر، وخاصة في متحف السينما (السينماتيك)، وفي صالات سينمائية أخرى، توجد الكثير من المرافق التي تساعد على إنجاح أي مهرجان سينمائي، وأعتقد أن إخفاق المهرجانات التي أقيمت في مدن صغيرة من بين أقوى أسبابه غياب أدنى الإمكانيات في تلك المدن، وأهمها عدم توفر صالات للعروض».

وعن استبعاد الأفلام الطويلة من المنافسة الرسمية، يرجع ذلك المنظمون إلى محدودية عدد هذا النوع من الأفلام المشاركة، الذي لم يتجاوز الخمسة أفلام، ويعد المنظمون بأن الميزانية إذا كانت مرتفعة في الدورات اللاحقة فإن ذلك كفيل بجلب أكبر عدد ممكن من هذه الأفلام، وستكون هناك مسابقة رسمية لها، وإلا فسيكتفون بمسابقتي الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية.

إنها مدينة الجزائر التي أسست بعد انتظار طويل مهرجانها السينمائي، وتحاول الاستفادة من أخطاء المهرجانات السابقة.